ضمانات رمزية للمعارضة قبل إعلان موعد إجراء الانتخابات المصرية

تشكل الضمانات التي عرضتها اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية في مصر، مصدر ارتياح نسبي لقوى المعارضة، لكن ذلك لا يعني أن الأمور ستجري بسلاسة وكما هو معلن، في غياب الثقة بينها والسلطة.
القاهرة- قدمت اللجنة المشرفة على انتخابات الرئاسة في مصر مجموعة من رسائل التطمين للمعارضة المتوجسة من المشاركة في السباق الانتخابي، مؤكدة أنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وسوف تسمح بتواجد مندوبيهم في سائر اللجان الفرعية والعامة وحضور وقائع فرز الصناديق.
وأشار مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، إلى أن الانتخابات ستجري في ظل إشراف قضائي كامل وجو من النزاهة والشفافية.
وطالب بنداري وسائل الإعلام بضرورة التزام الحياد والموضوعية، ومنح فرص متساوية لجميع المرشحين لطرح برامجهم.
وكان من المتوقع أن تُعلن الهيئة عن جدول زمني خاص بالانتخابات، غير أنها حددت الاثنين المقبل موعدا لذلك، ما أثار تساؤلات حول أسباب التأخير وسط ترجيحات بإجرائها قبل نهاية العام الجاري مع فتح باب الترشح الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
واستبق مجلس أمناء الحوار الوطني، ويتشكل من موالين للحكومة ومعارضين لها، الإفصاح عن إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية بإعلان ما يوصف بأنه “ضمانات حاكمة لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة”، تضمنت مطالب المعارضة الرئيسية التي أعلنتها للمشاركة، وهو أمر رحبت به الجهة القضائية المشرفة على الانتخابات.
وركزت المبادئ التي أعلنها مجلس أمناء الحوار الوطني، الثلاثاء، على أهمية استكمال الجهود التي بذلتها الدولة في سبيل مراجعة أوضاع المحبوسين احتياطيًا والممنوعين من السفر من غير المُدانين أو المتهمين باستخدام العنف أو التحريض عليه، وتعديل أحكام الحبس الاحتياطي بالشكل الذي لا يسمح بأن يتحول هذا الإجراء الاحترازي في أصله وهدفه إلى نوع من أنواع العقوبات التي توقع بدون أحكام قضائية.
وقال مصدر مطلع بمجلس أمناء الحوار الوطني لـ”العرب” إن المبادئ التي جرى التوافق حولها تم إرسالها إلى رئاسة الجمهورية، وقد تمهد لإجراء انتخابات نزيهة تتسم بمعايير التنافسية حال الاستجابة لما جاء فيها من ضمانات.
وأضاف أن المعارضة شعرت بأنها أمام أحد أساليب طمأنتها لخوض الانتخابات، لكن التوجسات حاضرة إلى حين تنفيذها، ورسمت توقعاتها على احتمال وجود استجابة لما جرى التوافق عليه من مبادئ تعزز شفافية الانتخابات، والتوجه العام لدى غالبية الأحزاب السياسية لخوض غمار السباق الرئاسي.
وتكمن أهمية ما صدر عن مجلس أمناء الحوار الوطني في أنه يضم موالين للحكومة، ما يعني أن رسائل الطمأنة خرجت من جهات شبه رسمية ترى أهمية إحداث تغيير ملموس على طبيعة الأجواء المحيطة بالانتخابات، وتدرك إحباط الداخل ضد الإصلاح السياسي الذي تتحدث عنه الحكومة على أنها تنوي إنجازه من خلال الحوار الوطني.
وناشد الحوار الوطني كل القوى الفاعلة المؤيدة والمعارضة والمستقلين النظر إلى انتخابات الرئاسة المقبلة على أنها استحقاق مهم لتدعيم مسار دولة القانون المدنية الديمقراطية الحديثة، وليست مجرد حدث سياسي كبير له أهميته المعهودة.
وأكد النائب الأول لرئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (معارض) إيهاب الخراط أن المبادئ التي أعلنها الحوار استجابة لمسودة قدمتها المعارضة كضمانة للمشاركة في الانتخابات، وأن حزبه قاد المشاورات بشأنها داخل الحوار الوطني وأن شخصيات محسوبة على الحكومة تبنت ما جاء فيها لتصدر في شكلها الأخير، متوقعًا وجود استجابة جزئية لما جاء من توصيات مثلما الوضع بالنسبة لمطالب سابقة أقرها الحوار الوطني وحظيت باستجابة نسبية من السلطة.
وأوضح الخراط في تصريح لـ”العرب” أن مأزق المعارضة هو ضيق الوقت وقصر الفترة الزمنية بين فتح باب الترشح وإجراء الانتخابات وأن التأخر في الإجراءات أمر ليس مبررا.
ولفت إلى وجود تنسيق بين أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية (معارضة وتضم 12 حزبًا وعددا من الشخصيات العامة) لحسم موقفها بشأن المشاركة في الانتخابات، وأن قرار التوافق على مرشح واحد هو أمر بعيد المنال، لكن الموقف سوف يكون متروكًا إلى حين اتضاح المعالم النهائية للمعركة الانتخابية.
وكشف القيادي في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي عن أن الهيئة العليا للحزب تتفق بصورة مبدئية على ترشيح رئيسه فريد زهران لخوض الاستحقاق، وأن الموقف النهائي سيتم الإعلان عنه عقب اجتماع مزمع عقده مساء الأربعاء وسيعقبه مؤتمر صحفي الخميس داخل الحزب.
وبرز في قائمة المرشحين المحتملين للانتخابات المقبلة رئيس حزب الوفد الليبرالي عبدالسند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر، والرئيس السابق لحزب تيار الكرامة أحمد الطنطاوي، مع إمكانية ترشح كل من فريد زهران وجميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور، وأكمل قرطام رئيس حزب المحافظين، وأحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي.
◙ الحوار الوطني ناشد كل القوى الفاعلة المؤيدة والمعارضة والمستقلين النظر إلى انتخابات الرئاسة المقبلة على أنها استحقاق مهم لتدعيم مسار دولة القانون
ودعم ما يقرب من 50 حزبا قريبة من الحكومة أو محسوبة عليها، في مقدمتها حزب مستقبل وطن صاحب الأغلبية في البرلمان، ترشيح الرئيس عبدالفتاح السيسي لدورة رئاسية ثالثة تنتهي في العام 2030، وسط توقعات بأن يُعلن عن ترشحه رسميًا خلال الأيام المقبلة مع إعلان الجداول الزمنية للترشح والاقتراع.
وأشار طارق العوضي الحقوقي وعضو لجنة العفو الرئاسي إلى أن ما جاء في مؤتمر الهيئة الوطنية للانتخابات (الاثنين)، وما صدر عن مجلس أمناء الحوار الوطني، حوى رسائل طمأنة للقوى السياسية والناخبين، ورسائل للقوى السياسية المؤيدة والمعارضة للحكومة بشأن الحرص على إجراء الانتخابات بنزاهة وشفافية وتنافسية، وأن التعويل على وصول الرسائل إلى المرشحين وإقناعهم بها يدفعهم إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات.
وذكر العوضي في تصريح لـ”العرب” أن الرسائل الموجهة للمرشحين تؤكد على ضرورة أن يجتهد كل منهم في الحصول على التوكيلات اللازمة للترشح، وإقناع من يشككون في الانتخابات بأن الدولة تستهدف إجراء انتخابات نزيهة، لكن ذلك لا يمنع وجود مشكلات سوف تواجه المرشحين، خاصة من الأحزاب التي ليس لديها نواب في البرلمان في مسألة جمع التوكيلات بسبب عدم حسم موقفها.
ويحتاج كل مرشح إلى تزكية 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن، ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل، بموجب المادة 142 من الدستور المصري.
ولم يعلن أحد من المرشحين المحتملين رؤيته لإدارة شؤون البلاد، باستثناء المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي الذي شكل حملته الانتخابية وجاب العديد من المحافظات وعقد لقاءات مع قوى سياسية مختلفة، وبات الأكثر حضورا على مستوى الانخراط في تطورات المشهد السياسي الراهن.