ضغوط أردوغان تفرض خفضا مقلقا لأسعار الفائدة

البنك المركزي يقلص الفائدة 10 بالمئة خلال 3 أشهر بسبب العملية العسكرية في الشمال السوري.
الجمعة 2019/10/25
أردوغان يواصل المغامرة

خضع البنك المركزي التركي لضغوط الرئيس رجب طيب أردوغان بإجراء خفض جديد في أسعار الفائدة، يتعارض مع الوضع الهش للتوازنات المالية والاقتصادية، وهو ما انعكس بسرعة ووضوح في اتجاه الليرة إلى الانخفاض فور إعلان القرار.

 لندن - فوجئت الأسواق المالية أمس بإعلان البنك المركزي التركي خفض أسعار الفائدة بنسبة 2.5 بالمئة، وهي نسبة تزيد على ضعف توقعات المحللين وتعكس إملاءات الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يعارض بشدة مستويات الفائدة المرتفعة.

وهذا هو الخفض الثالث لأسعار الفائدة التي تراجعت بنسبة 10 بالمئة منذ إطاحة أردوغان بمحافظ البنك المركزي السابق مراد تشتين قايا قبل 3 أشهر، بسبب رفضه المغامرة بتنفيذ إملاءاته، التي يمكن أن تفاقم الأزمات المالية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد.

وأصبح سعر الفائدة الرئيسي عند 14 بالمئة وهو ما لم يكن يتخيله المحللون بسبب هشاشة المؤشرات المالية، بعد أن كان عند 24 بالمئة في يوليو الماضي.

وكان خبراء اقتصاديون توقعوا في استطلاع لرويترز أن يخفض البنك سعر الفائدة بنسبة واحد بالمئة فقط، رغم تباطؤ التضخم وقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات التي فرضتها بعد المغامرة العسكرية التركية في شمال سوريا.

ويرى محللون أن مستويات أسعار الفائدة الأساسية تقل كثيرا عما يحتاجه الاقتصاد التركي لمواجهة المخاطر والأزمات الكبيرة التي يعانيها وقد اتضح ذلك في تراجع الليرة أمس بنسبة تقارب واحدا بالمئة بعد صدور القرار.

ويعاني الاقتصاد من تداعيات أزمة مالية طاحنة في العام الماضي، أدت إلى فقدان الليرة أكثر من 30 بالمئة من قيمتها وأدخلت البلاد في حالة ركود وفاقمت اختلال المؤشرات المالية.

الخفض السريع لأسعار الفائدة يعكس إملاءات أردوغان الذي يعارض بشدة مستويات الفائدة المرتفعة لتشجيع الاقتراض بأي ثمن

ويعيش الاقتصاد التركي في ظل شبح فرض عقوبات أميركية وأوروبية بسبب ترجيح المراقبين لعودة أردوغان في أي لحظة إلى مشاكسة الولايات المتحدة في الملف السوري ومواصلة التنقيب عن الغاز في المياه القبرصية، وهو ما يمكن أن يجلب عقوبات اقتصادية أوروبية.

ويرى محللون أن أكبر الأخطار التي تواجه الاقتصادي التركي تكمن في تدخلات أردوغان في السياسات المالية والاقتصادية، التي تزعزع ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد التركي.

وعادت الحكومة التركية يوم الأربعاء إلى تقويض دفاعات البنك المركزي بانتزاع احتياطاته المالية، حيث كشفت مصادر مطلعة أنها أعدت تشريعا يسمح بتحويل 100 مليار ليرة (17.1 مليار دولار) من حساب تابع للبنك المركزي إلى وزارة الخزانة.

ويمثل ذلك ثالث انتزاع لأموال البنك المركزي من أجل تجميل الأزمات المالية، بعد أن سحبت 37 مليار ليرة من أرباحه في يناير الماضي ثم انتزعت 40 مليار ليرة، من احتياطات البنك القانونية، التي تستخدم عادة في أوقات الأزمات فقط.

وتسارعت وتيرة انزلاق تركيا في إجراءات غير قانونية لإخفاء الاختلالات المالية في وقت تؤكد فيه التقارير الدولية هشاشة الاحتياطات المالية ولجوء البنك المركزي إلى أساليب ملتوية لتضخيمها من خلال عمليات احتيالية.

الليرة التركية تتهاوى
الليرة التركية تتهاوى 

وجاء الكشف عن خطط الحكومة بعد أسابيع من رفع الحكومة التركية لتوقعات نسبة العجز في الميزانية في العام الحالي إلى 2.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنحو 1.8 بالمئة في تقديراتها السابقة.

وأظهرت بيانات رسمية أن العجز في الميزانية بلغ 85.5 مليار ليرة في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وتتوقع الحكومة التركية أن يصل العجز في مجمل العام الحالي إلى 125 مليار ليرة.

وهناك شكوك كبيرة في دقة الأرقام الرسمية، حيث أكدت مصادر حكومية لوكالة رويترز أن عجز الميزانية أكبر من الأرقام المعلنة، في دليل جديد على لجوء حكومة أردوغان إلى التلاعب بالبيانات لإخفاء عمق الأزمات.

ويقول محللون إن قبضة الرئيس التركي على جميع مؤسسات الدولة بعد التحول إلى النظام الرئاسي في يونيو من العام الماضي فتحت الباب لقيام دكتاتورية الحاكم الأوحد.

ويرى محللون أن السياسات الارتجالية التي تتعارض مع القواعد الاقتصادية الراسخة والافتقار للإصلاحات الهيكلية يثيران قلق المستثمرين، خاصة في ظل الشد والجذب في ملفات الخلافات مع الولايات المتحدة.

وكانت صحيفة فايننشال تايمز قد ذكرت أن المحللين والمستثمرين، يشعرون بالقلق من حالة الدفاعات المالية الهشة، التي تجعل البلاد غير مجهزة للتعامل مع أي أزمة سوق محتملة.

10