ضغط الهجرة يدفع إسبانيا إلى زيادة التعاون مع المغرب

المغرب يتصدى بحزم لمحاولات الهجرة غير الشرعية.
الخميس 2024/08/29
إشادة إسبانية بدور المغرب في التصدي للهجرة

الرباط - أوقفت السلطات المغربية خلال الأيام القليلة الماضية المئات من المهاجرين غير النظاميين من مختلف الجنسيات، منهم قاصرون، أثناء محاولتهم التسلل إلى مدينة سبتة سباحةً، مستفيدين من الضباب الذي غطى المنطقة، حيث أكدت قيادة الحرس المدني الإسباني، أن السلطات المغربية وسلطات سبتة تعاونتا على احتواء المهاجرين الذين حاولوا دخول المدينة.

وقال رئيس حكومة سبتة المحتلة، خوان فيفاس، إن المغرب قام بدور بارز في التصدي لمحاولات الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أن السلطات المغربية تمكنت من توقيف حوالي 300 شخص كانوا يحاولون العبور إلى سبتة سباحةً، واصفا التحركات المغربية بأنها تشكل “مستوى عالٍ من التعاون، ساهم بشكل كبير في تفادي أزمة إنسانية”.

كما نوّه بجهود المغرب التي تشمل إرسال تعزيزات مكثفة إلى المناطق الساحلية للحد من محاولات العبور.

ومع إشادة الحكومة المحلية بمدينة سبتة بالجهود والتحركات التي تقوم بها السلطات المغربية للتصدي لموجة الهجرة السرية، دعت جمعية “JUCIL” التابعة للحرس المدني الإسباني، وزير الداخلية فيرناندو غراندي مارلاسكا، إلى ضرورة زيارة الرباط لطلب المساعدة من المغرب للتصدي لضغط الهجرة بعد تزايد ضغطها، ومن أجل التنسيق والرفع من التعاون المغربي في مكافحتها.

هشام معتضد: ما يحدث بين الشواطئ الإسبانية والمغربية يستدعي تكثيف التعاون
هشام معتضد: ما يحدث بين الشواطئ الإسبانية والمغربية يستدعي تكثيف التعاون

وأشارت الجمعية التابعة للحرس المدني، في طلبها الموجه إلى وزير الداخلية، بأن الموارد التي تتوفر عليها عناصر الحرس المدني، غير قادرة على التصدي لتدفقات المهاجرين غير النظاميين، إضافة إلى أن العناصر البشرية بدورها غير كافية للقيام بذلك أمام تدفق المئات من المهاجرين دفعة واحدة.

من جهته، أثنى الحرس المدني الإسباني على التعاون المغربي، مشيرا إلى أن العمل المشترك في البحر أسهم بشكل كبير في إنقاذ الأرواح وتفادي وقوع حوادث مأساوية، وذكرت التصريحات الرسمية للحرس الإسباني أن تدخل المغرب كان حاسمًا في إيقاف محاولات العبور، مما ساعد في تجنب الكثير من الحالات الحرجة التي قد تسفر عن فقدان الأرواح.

ولهذا تطالب الجمعية التابعة للحرس المدني، وزير الداخلية بزيارة المغرب من أجل بحث سبل التعاون لمكافحة الهجرة السرية وتخفيف الضغط على عناصر الحرس المدني، الذين يعيشون وضعا صعبا، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي بدوره يجب أن يتعاون من أجل التصدي لاستفحال ظاهرة الهجرة السرية.

وأكد الباحث المغربي في العلاقات الدولية والإستراتيجية هشام معتضد، في تصريح لـ”العرب”، أن “ما يحدث بين الشواطئ الإسبانية والمغربية يستدعي تكثيف التعاون المغربي – الإسباني حول الهجرة، والذي يشكّل لبنة أساسية فيما يخص التنسيق في قضايا الهجرة على مستوى التدبير والاختيارات الإستراتيجية، مع تحيين آليات تبادل المعلومات وتأهيل الجانب التقني للبلدين لضبط تطورات المشاكل الأمنية والسياسية المرتبطة بحركة الهجرة السرية وكسب رهانات تنسيق الفضاءات المشتركة.

وفي ظل استمرار ضغوطات الهجرة، من المرجح أن يقوم وزير الداخلية الإسباني، فيرناندو غراندي مارلاسكا بزيارة ثانية للرباط للقاء نظيره المغربي، عبدالوافي لفتيت، ومناقشة إشكالية تكرار محاولات الهجرة إلى سبتة وجزر الكناري انطلاقا من الأراضي المغربية.

وفي زيارة سابقة للمغرب في يناير الماضي، وصف وزير الداخلية الإسباني التعاون بين المغرب وإسبانيا في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، بأنه “أفضل نموذج للتعاون معروف بين أوروبا وأفريقيا، في ظل ضغط الهجرة المتزايد والتهديدات الإرهابية، مع شكره لالتزام المغرب وجهده في مواجهة التحدي المشترك للهجرة غير الشرعية ومكافحة العصابات التي تتاجر بالأشخاص، منوها أثناء لقائه مع نظيره عبدالوافي بالمجهودات التي يبذلها المغرب في مكافحة الهجرة السرية.

طوابير لا تنتهي

وقال محمد الطيار، الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن “المغرب يعتمد مقاربة شمولية وإنسانية في مجال حكومة الهجرة، كما يبذل جهودا متواصلة في إطار المجموعة المشتركة الدائمة حول الهجرة، والتي تشكل آلية للحوار والتنسيق بشأن هذه المسألة مع الجانب الإسباني، وبذلك يحتل مكانة مهمة في المجهود الدولي للتصدي للعديد من التهديدات والمخاطر المحدقة بالأمن والاستقرار الدوليين وفي حوض الأبيض المتوسط.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن “قضية الهجرة ستكون حاضرة بقوة في اللقاء المفترض بين وزير الداخلية المغربي ونظيره الاسباني، ليس فقط بسبب موقع المغرب الجغرافي فحسب حيث يستقطب أعدادا هائلة من المهاجرين غير النظاميين في اتجاه القارة الأوروبية عن طريق المدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية، ولكن أيضا بسبب كون الربط بين الهجرة من جهة والأمن والجريمة من جهة أخرى في سياسات الهجرة للدول المضيفة، أحد أبرز المظاهر الجديدة للهجرة الدولية.

وفي إطار تعزيز الإجراءات الأمنية، تم تكثيف التواجد الأمني على طول سواحل الفنيدق والمضيق، بهدف منع محاولات التسلل إلى سبتة عبر السباحة واستغلال المرافق الترفيهية البحرية لتهريب المهاجرين، حيث أفادت مصادر مطلعة بأن السلطات المغربية تمكنت من توقيف أزيد من 700 شخص من الشباب والقاصرين المرشحين للهجرة غير النظامية إلى سبتة المحتلة.

وأعربت مندوبة الحكومة الإسبانية في سبتة المحتلة، كريستينا بيريز، عن تقديرها البالغ للتعاون المغربي في مواجهة الظاهرة الجديدة للهجرة غير النظامية عن طريق السباحة، ووصفت بيريز، في ندوة صحفية مطلع الأسبوع الجاري، الوضع الحالي على الحدود بين سبتة والفنيدق شمال المغرب، بأنه يعرف “أقصى درجات الضغط”، مشيرة إلى أن المغرب قام بدور حاسم في احتواء الأزمة ونحن ممتنون للتعاون الوثيق الذي أبداه المغرب في الأيام الأخيرة، ولقد أظهروا التزامًا قويًا في وقف محاولات العبور والحد من تدفق المهاجرين، مما ساهم في تخفيف الضغط على الحدود.

4