ضعف الإقبال على التسجيل الانتخابي يثير قلق الشارع السياسي في ليبيا

يواجه الشارع الليبي تحديا كبيرا نتيجة ضعف الإقبال على التسجيل بالقائمات الانتخابية، وهو ما جعل المفوضية العليا للانتخابات تلتجئ إلى تمديد مرحلة تسجيل الناخبين إلى غاية السادس من أبريل المقبل تزامنا مع الأيام الأخيرة لشهر رمضان وأيام عيد الفطر.
وقالت المفوضية في بيان إنها مددت التسجيل بسبب ضعف الإقبال من الناخبين الذي لا يرتقي لحجم البلديات المستهدفة بالانتخابات، وأرجعت الأمر إلى محدودية الحملات التوعوية التي تنفذ من المفوضية وشركائها قبل الانتخابات نتيجة لنقص التمويل المالي الذي يفترض أن يخصص من حكومة الوحدة الوطنية.
وأوضحت المفوضية أنها طالبت الحكومة بضرورة تخصيص 30 مليون دينار لتغطية تكاليف الانتخابات إلا أن الحكومة وفرت نصف المبلغ المطلوب الأمر الذي يضع المفوضية أمام تساؤلات حول مدى قدرتها على استكمال بقية المراحل وفق المخصصات الضئيلة.
ودعت المفوضية المواطنين إلى اغتنام الفرصة والمبادرة إلى التسجيل في الانتخابات البلدية عبر منظومة الرسائل النصية أو الحضور الشخصي إلى مراكز تسجيل الناخبين.
والثلاثاء الماضي، أعلنت المفوضية، أن عدد المسجلين للتصويت في المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في 62 مجلسًا بلديًا بلغ نحو 413 ألفًا و987 ناخبًا وناخبة، وذلك حتى 18 مارس 2025.
اتحاد الأحزاب الليبية أكد أن ضمان إنجاز الاستحقاق الانتخابي بالصورة الجادة يضمن تلبية الآمال المعلقة عليه
وأضافت أن إجمالي عدد المسجلين من الرجال بلغ 293 ألفًا و539 ناخبًا، بينما بلغ إجمالي عدد المسجلين من النساء 120 ألفًا و539 ناخبة، مشيرة إلى أن نسبة المسجلين الشباب في الانتخابات البلدية الــ62 مجلسًا بلديًا والتي تتراوح أعمارهم من 18 سنة إلى 39 سنة بلغت إلى 50 في المئة من إجمالي المسجلين.
وأكد اتحاد الأحزاب الليبية أن ضمان إنجاز الاستحقاق الانتخابي بالمجالس البلدية بالصورة وبالآليات العملية الجادة هو ما يضمن تلبية الطموحات والآمال المعلقة عليه. وأعرب في بيان له عن قلقه العميق إزاء ضعف الإقبال على تسجيل الناخبين في انتخابات المجالس البلدية للمجموعة الثانية، معتبرا أن ضعف الإقبال يعكس تراجع ثقة المواطنين في العملية الانتخابية، مرجعا هذا العزوف إلى عدة عوامل، أبرزها فقدان الثقة في المؤسسات القائمة التي لم تشهد تجديدًا انتخابيًا، وتعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة، مما خلق حالة من الإحباط الشعبي، وغياب الشعور بإمكانية تحقيق تغيير حقيقي من خلال هذه الانتخابات، وإشكالية تسجيل الناخبين بعد عملية الترشيح، مما يقلل من فرص اختيار مرشحين يعبرون عن إرادة الشعب.
وتقدم الاتحاد بمجموعة مقترحات لمعالجة الأزمة تتمثل في دعوة مفوضية الانتخابات إلى إعادة النظر في إجراء الانتخابات للمجموعة الثانية والتركيز على معالجة أسباب العزوف أولًا، وإطلاق حوار وطني شامل لمناقشة أسباب تراجع المشاركة ووضع حلول عملية، تشمل إصلاح المؤسسات الانتخابية، وضمان بيئة آمنة ونزيهة للانتخابات بمساعدة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، ورفض الترويج لعملية انتخابية مشوهة وفاقدة لمقومات نجاحها، والتي قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية بدلًا من حلها، والتركيز على الدعاية للانتخابات من وسائل الإعلام والتواصل المختلفة ومن خلال المؤسسات التعليمية والدعاية في لوحات الإعلانات بالطرق العامة والتي لم نرها.
وشدد تحالف الأحزاب الليبية على أن بناء دولة ديمقراطية مستقرة لن يتحقق إلا من خلال انتخابات حقيقية، نزيهة، وشفافة تحظى بثقة الشعب، داعيا إلى تضافر الجهود لحماية العملية الانتخابية من أي محاولات تشويه أو إفساد.
وتستهدف الانتخابات البلديات الواقعة في نطاق المكاتب الانتخابية، طرابلس وزليتن وترهونة ومسلاته وبنغازي وسبها والزاوية وسرت والعزيزية وأوباري واجدابيا والجبل 2 وطبرق والساحل الغربي والكفرة والمرج والخمس والشاطئ.
واعتبر عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة أن نقص الدعم المالي للحملات الانتخابية في المنطقة الغربية أدى إلى ضعف التوعية الانتخابية، ما تسبب في عزوف واضح عن التسجيل في القوائم الانتخابية. وضرب مثالًا بإحدى البلديات التي يبلغ عدد سكانها 150 ألف نسمة، لكن عدد المسجلين لم يتجاوز 5 آلاف شخص فقط، وهي نسبة متدنية تعكس عدم جاهزية المناخ الانتخابي.
ضعف الإقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية يشكل حالة سلبية ويطيح بحالة التفاؤل التي أعقبت نسبة الإقبال الواسع على الدورة الأولى من الاستحقاق البلدي
وأكد عضو مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات، أبوبكر مردة في تصريحات خاصة لمنصة “البوصلة” أن “عدم اعتماد حكومة الوحدة للميزانية المقدمة من المفوضية قد تسبب في توقف برامج التوعية الانتخابية التي تقوم بها المفوضية خلال مراحل الانتخاب.”
وأشار إلى أن “حكومة الدبيبة لم تتجاوب مع مطالب المفوضية كاملة، وأن الميزانية محسومة ومقدرة ومعتمدة من المفوضية بالتفاصيل بمراحل العملية الانتخابية وتم تقديمها للحكومة إلا أننا تفاجأنا بالحكومة تمنحنا جزء فقط من هذه الميزانية بحجة أن الميزانية العامة للدولة غير معتمدة،” مردفا أن “هذا الإجراء أثر على مشروع برامج التوعية التي أعددتها المفوضية قبل بدء العملية الانتخابية للمجموعة الثانية 2025 رغم ذلك المفوضية مستمرة في إتمام المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية، حتى نصطدم بالأمر الواقع، ونأمل إقرار الحكومة للجزء الثاني من الميزانية.”
ويرى مراقبون أن ضعف الإقبال على التسجيل في اللوائح الانتخابية يشكل حالة سلبية ويطيح بحالة التفاؤل التي أعقبت نسبة الإقبال الواسع على الدورة الأولى من الاستحقاق البلدي والتي بلغت 75 في المئة.
وعلى صعيد متصل، كشف مكتب النائب العام أن قاعدة بيانات هيئة النيابة العامة أظهرت وجود 228 مترشحًا لانتخابات المجالس البلدية قيد الملاحقة الجنائية.
وأوضح المكتب أن بعض هؤلاء المترشحين صدرت بحقهم أحكام قضائية بالإدانة، بينما ما زالت قضايا آخرين قيد النظر أمام المحاكم.
وأضاف المكتب أن النيابة العامة قدّمت للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات معلومات شاملة حول الدعاوى المستعملة ضد المترشحين.
وقد قامت المفوضية بالتحري عن الحالة الجنائية لـ4,114 مترشحًا، في إطار تعزيز الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار حرص النيابة العامة على ضمان إجراء انتخابات نزيهة وتحقيق العدالة في اختيار المسؤولين المحليين، وضمان استبعاد المترشحين غير المؤهلين قانونيًا.