ضجة إعلامية توقف تصوير فيلم "جابر" في الأردن

أثار الفيلم العالمي “جابر” الذي يجري تصويره في الأردن، ضجة واسعة في البلاد، بسبب السيناريو الذي يقرّ “بأحقية اليهود بفلسطين” وتجاوز الجدل حدود حرية التعبير ليدخل في خانة السياسة.
عمان - خلصت لجنة خاصة شكلتها نقابة الفنانين الأردنيين، إلى أن فيلم “جابر” المقرر تنفيذه في الأردن “يمرر بطريقة ذكية ومباشرة فكرة أن الأردن جزء من إسرائيل”.
وأضافت النقابة في بيان أصدرته الخميس، أن اللجنة التي تضم الكاتب الأردني محمود الزيودي والمخرج محمد عزيزية والكاتب مصطفى صالح وبعد قراءة السيناريو الخاص بفيلم “جابر” من إنتاج وإخراج وكتابة محي الدين قندور والمزمع تنفيذه في الأردن، بأن الفيلم المذكور يمرر بطريقة ذكية ومباشرة فكرة أن الأردن جزء من إسرائيل وأن اليهود قد سكنوا الأردن منذ القرن الأول الميلادي وخصوصا البتراء ووادي موسى.
وقالت “كما يخلص الفيلم إلى أنها جزء من الأرض المقدسة حسب ادعاءات الفكر الصهيوني، فإنه يطرح فكرة خطيرة وهي أن المسيحية نشأت وبدأت من الأردن وليس فلسطين وهذا مسوغ في ما بعد إلى أن المسيحيين ليس لهم أحقية في فلسطين، وهذه دعوة مخالفة للتاريخ الديني للمنطقة وتزوير لكل ما ورد في الكتب السماوية الثلاثة وما توصل إليه علماء الآثار والتاريخ”.
وزادت “يؤكد الفيلم على أن الإسرائيليين لا يهمهم المال، وهم يسعون لاستعمال بعض الأردنيين المطروحين كأبطال في العمل لإغرائهم بالأموال لتأكيد ما يسمى بوجود دلائل وآثار خاصة باليهود في الأردن وتأكيد فكرة أن شرق الأردن هو جزء من إسرائيل”.
وفي نفس الوقت، أكدت النقابة أنها لا تقف في وجه حرية التعبير والانفتاح وخلق حالة من التقدم والتطور في الحراك الفني والسياحي والاجتماعي على أرض الأردن وأنها تحرص على تشجيع الاستثمار في الأعمال الفنية سواءً كانت سينمائية أو تلفزيونية، لكنها في الآن ذاته تؤكد على تمسكها بالثوابت التاريخية.
وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، وجه هيئة الإعلام والهيئة الملكية للأفلام لتقييم ودراسة محتوى فيلم “جابر”، مؤكداً أن أي عمل ثقافي أو فني يتم إنتاجه وتصويره على الأرض الأردنية يجب أن يكون متوافقا مع ثوابت الأردن والهوية الوطنية.
وقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، الناطقة الرسمية باسم الحكومة جمانة غنيمات، إن الحكومة ستتخذ إجراءات فورية للوقوف على محتوى فيلم “جابر”، على ضوء ما أثير في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من جدل حول الرواية التاريخية التي يقدمها الفيلم.
وأشارت إلى أن رئيس الوزراء تابع، وبمنتهى الحرص، التطورات المرتبطة بمواقف وآراء العديد من الفنانين والعاملين في مجال الإنتاج الثقافي والفني المتحفظة والرافضة لراوية الفيلم، مؤكدة أن الرزاز كلّف هيئة الإعلام والهيئة الملكية للأفلام بتشكيل فريق مشترك لدراسة وتقييم نص العمل وروايته التاريخية وتقديم توصية حوله.
وكانت نقابة الفنانين الأردنيين قد طالبت السبت، الفنانين بعدم المشاركة في فيلم “جابر” الأميركي، والانسحاب منه لحين “وضوح” الصورة عبر قراءة معتمدة للنص كما فعل البعض.
وكان الممثل الأردني علي عليان، انسحب من فيلم “جابر” لأنه “يحمل مغالطات تاريخية”، وفق تعبيره.
وفي تصريح خص به موقع محلي، قال عليان “الخلاف المحوري كان حول سيناريو الفيلم الذي يحتوي مغالطات تاريخية ودينية تضرب هويتنا في مقتل”.
وتابع “أخبرت المخرج بمخاوفي لكنه أكد لي أن الفيلم موجّه بالأساس للجمهور خارج الأردن”. وختم عليان حديثه معنا بالقول “نتمتع في الأردن بهامش من الحرية، فلا رقابة على الأفلام منذ 1989 ومن هنا تحدث الخروقات، الهيئة الملكية للأفلام لا تطلع عادة على قصص الأفلام (السيناريو) بل تكتفي بقراءة الملخص”.
والتحقت مجموعة من الممثلين الأردنيين بعليان، بينهم عبدالكريم القواسمي ومحمد سميرات وغيرهم، مشيرين إلى أن الخلاف مع مخرج الفيلم كان بسبب احتواء السيناريو على عدة مغالطات تاريخية ودينية.
وتشارك في الفيلم الممثلة البريطانية آلي باستين، وشين كرونين، وسميرة أسر، والروسي ألكسندر ميروكي، والممثل المصري المقيم في الولايات المتحدة إفرايم حنا، ومولي كرونين، وكاسبيك قندور.
ويسرد الفيلم، الذي يفترض أن يطرح في الصالات الأميركية في منتصف سبتمبر المقبل، قصة اكتشاف صبي بدوي نقوشا قديمة بالعبرية أثناء جولته في وادي موسى بالبتراء.
ويستند نص الفيلم، بحسب البعض، على رواية للمؤرخة لويز ليغينز التي ترى أن النبي موسى أحضر اليهود من مصر إلى البتراء بدل جبل سيناء وأمضى معهم 40 عاما قبل الانتقال إلى فلسطين.
ولكن مخرج الفيلم محي الدين قندور يقول إن القصة خيالية ولا تستند لرواية ليغينز.
ووصف قندور الضجة حول الفيلم العالمي الأردني بـ”البلبلة الفيسبوكية” قائلا إنها “حصلت استنادا على أقاويل بعض المرشحين للأدوار الذين لم يتم الاتفاق معهم بسبب الأجر”.
وبيّن قندور في تدوينة على فيسبوك أن الهيئة الملكية للأفلام منحته الإذن بالتصوير في كل الأماكن، لافتا إلى أن الفيلم مأخوذ عن رواية خيالية له صدرت عن المؤسسة العربية للدارسات والنشر في بيروت، وأن تمويله أردني بالكامل.
ويتابع المخرج بأن الفيلم “فنّد المزاعم الصهيونية المتكررة بأحقية اليهود في فلسطين، ويشيد بدور الأجهزة الأردنية الأمنية في التصدي لجميع محاولات تشويه تاريخ المنطقة”. وفتح الفيلم باب النقاش مجددا حول صورة الصراع العربي الإسرائيلي في السينما، إذ يرى مراقبون إعلاميون أن الجدل حول فيلم “جابر” كشف مرة أخرى ضعف الآلات الإعلامية في العالم العربي أمام الآلة الإسرائيلية التي تنجح دائما في تزكية وتغليب روايتها.
يذكر أن الأردن شهد سجالا قبل فترة حول مسلسل “جن” الذي أنتجته شبكة نتفليكس الأميركية. واستطاع الأردن في السنوات الأخيرة استقطاب عدد مهم من صناع السينما العالمية ليصوروا أفلامهم بالمواقع الأثرية والسياحية. وأشاد ويل سميث، بطل فيلم «علاء الدين» الذي صور مؤخرا في الأردن وطرح في القاعات السينمائية هذا العام بالمواقع الأثرية والسياحية في الأردن، والتي ساعدته على تقمص دوره، لافتاً إلى أن تصوير العمل يعكس كثيراً الثقافة الشرقية والعربية ليكون رسالة حب للجميع.