صندوق محمد السادس يضفي زخما على تطوير الاستثمار في المغرب

يعول المسؤولون المغاربة على صندوق محمد السادس لإعطاء نشاطه زخما أكبر خلال المرحلة المقبلة، بما يدعم مجال الاستثمار، الذي يشكل إحدى الركائز لتحفيز أعمال القطاعات الرئيسية والمستقبلية لبناء اقتصاد متنوع في غضون سنوات.
الرباط - شكل اختيار صندوق محمد السادس للاستثمار مجموعة من الشركات لتسيير صناديق قطاعية سيتم إنشاؤها تحولا كبيرا يسهم في تطوير صناعة الرأسمال الاستثماري بالمغرب وفق أعلى المعايير الدولية مع تحفيز الاستثمار وتسريع النمو ودفع سوق العمل.
وخلال اجتماع مجلس الإدارة ولجنة الإستراتيجية والاستثمار للصندوق الأسبوع الماضي تم اختيار قائمة تضم 17 شركة لتدبير هذه الصناديق القطاعية.
وتتميز شركات التدبير التي تم اختيارها بالتنوع والتكامل، وتغطي جميع القطاعات ذات الأولوية، وهو ما يتماشى مع السياسة الاستثمارية للصندوق، بما في ذلك سياسة تنويع المخاطر.
وسيرتكز الصندوق في تدخلاته المقبلة على صناديق تابعة له حسب المجالات ذات الأولوية التي تقتضيها كل مرحلة وحسب حاجيات كل قطاع.
واللافت أنه سيتم تأسيس صناديق متخصصة للشركات الناشئة خلال الربع الأول من 2024 لتوفير عرض تمويل يتناسب مع متطلباتها الخاصة، ومنتج مالي مبتكر بالشراكة مع البنوك من شأنه تعزيز القاعدة المالية للشركات، دون تخفيض حصة المساهمين فيها.
ويسارع المغرب إلى تفعيل دور الصندوق من أجل إضفاء ديناميكية جديدة على استثمارات القطاع العام بتوجيهه لمشاريع البنية التحتية والإستراتيجيات القطاعية الطموحة، بما يعزز تنافسية المنتج المحلي.
وأفادت وثيقة حول مؤسسات وشركات القطاع العام المرفق بميزانية 2024 بأن مخطط عمل الصندوق يتوقع استثمارات بقيمة 120 مليار درهم (11.8 مليار دولار) خلال الفترة بين 2023 و2026.
وأكد إدريس الفينة رئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية بالرباط أن المغرب يراهن كثيرا على زيادة الاستثمارات الخاصة والدولية لتسريع مسار التنمية.
وقال لـ”العرب” إنه “في هذا الإطار تأتي المبادرات المتعددة التي قام بها، منها إنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار من أجل تطوير وجلب الاستثمارات للقطاعات الإستراتيجية”.
وأضاف “خطة الصندوق هدفها تعزيز أداء الاقتصاد وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى، خصوصا وأن المغرب يرغب في أن يصبح الاستثمار الخاص هو الأساس في النمو”.
وأشار الفينة إلى أن هذا الأمر يتطلب إصلاحات متعددة من أجل الوصول إلى هذه الغاية، في إطار الميثاق الجديد للاستثمار وهو أمر أساسي جدا من أجل جلب استثمارات خارجية.
وتولي الحكومة أهمية خاصة لدور الشركات الصغيرة والمتوسطة في دفع النمو وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والمندمجة، خصوصا بعدما دخلت مقتضيات ميثاق الاستثمار حيز التنفيذ.
11.8
مليار دولار رصدها الصندوق لضخها في تنمية أعمال القطاعات بحلول 2026
ويتطلع الميثاق إلى تحقيق أهداف رئيسية متمثلة في توفير فرص عمل وتقليص الفوارق بين الأقاليم في مجال جذب الاستثمار، وتوجيه رؤوس الأموال نحو قطاعات الأنشطة ذات الأولوية ومهن المستقبل.
وتأتي الخطوة تنفيذا لرؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس، والذي أكد في عام 2020 أن “صندوق محمد السادس سيرتكز على صناديق قطاعية متخصصة، تابعة له، حسب المجالات ذات الأولوية، التي تقتضيها كل مرحلة، وحسب حاجيات كل قطاع”.
ويقدر الحجم الإجمالي المتوقع لهذه الصناديق الأولى بحد أدنى يبلغ 20 مليار درهم (1.96 مليار دولار)، وسيساهم صندوق محمد السادس للاستثمار بما يصل إلى 33 في المئة من حجم كل صندوق برأس مال إجمالي يُقدر بنحو 590 مليون دولار.
وستتم تعبئة الموارد المالية الإضافية من قبل شركات التدبير، التي تم اختيارها، لدى مستثمرين آخرين محليين أو أجانب، ما سيمكن الصندوق من الاضطلاع بأحد أدواره الرئيسية كأداة لتعبئة الأموال على نحو ذاتي.
وأكد الصندوق في بيانه أن هذه القائمة الأولية تتكون من ثلاث شركات للتدبير في مجال الصناعة، وشركتين في السياحة وشركة واحدة للزراعة، وأخرى للنقل والخدمات اللوجستية، وعشر شركات عامة.
وتم تقسيم الصناديق العامة إلى فئات بناء على حجم الشركات المستهدفة، ما سيمكن من تغطية كافة الفئات، لاسيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
واعتبر المحلل الاقتصادي المغربي رشيد ساري أن هذه الخطوة جاءت في وقتها خدمة لمهام الصندوق المتمثلة في تمويل مجموعة من المشاريع، سواء داخل القطاع الخاص أو ضمن القطاع العام، ومواكبتها.
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “الصندوق يحتاج إلى دعم وتمويلات خارجية ولن يقتصر على دعم الدولة فقط، بل سيشمل ذلك مصادر أخرى متنوعة جدا”.
وقال “يمكن الانفتاح على مجموعة من الاكتتابات على المستوى العالمي الدولي واستغلال سمعة المغرب الذي يحظى بثقة مجموعة من الشركاء، وهو ما يجعل الباب مفتوحا أمام مؤسسات دولية وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي”.
وتم رصد 1.5 مليار دولار للصندوق من ميزانية الدولة، بما يشكل حافزا للشركاء المغاربة والدوليين، لمواكبة تدخلاته والمساهمة في المشاريع الاستثمارية، دعما لخطة الإنعاش وتوسيع أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وتلقى الصندوق 46 طلبا يهم مجموعة واسعة من القطاعات وتم تدقيق الملفات ثم أجريت مقابلات مع مقدمي العروض قبل صندوق محمد السادس بمساعدة خبراء محليين ودوليين ذوي خبرة في اختيار شركات التدبير ومعرفة معمقة بالتحديات في هذا المجال.
وأكد ساري أن التوجه الاستثماري التعاقدي لا بد أن تكون غايته توفير فرص العمل وجلب الاستثمار، حيث يحتاج إلى تدخل المؤسسات المالية والبنكية ومساهمة القطاع الخاص، وخاصة كبرى الشركات التي لديها سيولة وافرة، بهدف تنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة.