صناعة الطيران تفتش عن آفاق جديدة في معرض دبي

يؤكد خبراء أن النسخة الجديدة من معرض دبي للطيران، التي انطلقت الأحد، ستكون منصة مثالية لتحديد وجهة هذه الصناعة مستقبلا من خلال حجم الصفقات، التي يتوقع إبرامها خلال أسبوع، في وقت تواجه فيه أزمة مستمرة منذ ثمانية أشهر في ما يتعلق بوقف تحليق الطائرة بوينغ 737 ماكس وتأخيرات صناعية واسعة النطاق.
دبي- اتجهت أنظار المهتمين بصناعة الطيران إلى إمارة دبي، التي تستضيف أحد أكبر معارض الطيران في العالم، وسط توقعات بعقد صفقات بمليارات الدولارات طيلة أيام هذا الحدث.
ويجسد معرض دبي للطيران 2019، الذي انطلق الأحد، بمشاركة عمالقة هذه الصناعة وشركات الطيران حول العالم، فرصة لقياس مدى نجاح القطاع في تجاوز العديد من الصعوبات والتحديات.
ورغم العثرات، التي تعترض هذه الصناعة منذ بداية العام الجاري، يبدو أن هناك تركيزا كبيرا على إدخال التكنولوجيا في الموديلات المقبلة لتحقيق عوائد أكبر وجعل الطائرات المستقبلية منسجمة مع البيئة.
ومع ذلك، تلقي أزمة وقف تحليق طائرة بوينغ 737 ماكس وتأخيرات صناعية واسعة النطاق بظلالها على المعرض، حيث تراجع بعض شركات الطيران خطط أساطيلها بينما يبحث آخرون عن صفقات بأسعار بخسة.
وستمنح أضخم مناسبة لقطاع الطيران في الشرق الأوسط عملاقي هذه الصناعة شركة إيرباص الأوروبية وبوينغ الأميركية فرصة للتواصل مع بعض أهم زبائنهما، الذين هددوا بالانسحاب من صفقات بالمليارات.
ويعد المعرض الذي يقام كل عامين حدثا مهما على الصعيدين المدني والعسكري لعرض تشكيلة متنوعة من المنتجات بدءا من الطائرات الضخمة إلى الطائرات الحربية المسيرة.
لكن محللين ومندوبي شركات عالمية طرحوا العديد من التساؤلات خلال تدشين النسخة الجديدة من المعرض، في ما يتعلق بالطلب وقدرات الموردين المستنزَفين.
ويعتقد المستثمرون الذين دفعوا أسهم بوينغ للارتفاع أن شركة صناعة الطائرات تتخطى الأزمة بعد وقف التحليق الذي استمر ثمانية أشهر، إذ تتوقع الشركة رحلات تجارية للطراز في يناير الماضي.
لكن المنافس الأول لشركة إيرباص الأوروبية، يواجه مأزقا في ما يتعلق بتكدس سجل الطائرات، التي لم تسلم بعد، وهو ما قد يستغرق تصريفه ما بين عام وعامين. وتتوقع فلاي دبي المملوكة للحكومة أن يتقلص أسطولها بمقدار الثلث هذا العام، مما يلقي الضوء على تكلفة وقف التحليق على أكبر زبائن ماكس خارج الولايات المتحدة.
ونسبت وكالة رويترز غلى المحلل لدى تيل غروب ريتشارد أبوالعافية قوله إن “فلاي دبي لديها طموحات كبيرة للغاية. بالنظر إلى حجم تلك الطموحات، فليس بوسعهم سوى الانتظار والترقب شأنهم شأن غيرهم”.
وفي وقت سابق هذا العام، فقدت بوينغ زبونا محتملا لماكس، إذ تخلت طيران أديل السعودية للرحلات منخفضة التكلفة عن طلب شراء أولي. ويقول خبراء إن إحباطات شركات الطيران حيال مصنعي الطائرات والمحركات قد تربك كذلك خطط كبرى شركات تصنيع الطائرات في العالم الطامحة في الفوز بتعهدات طلب شراء.
ويواجه الصانعون مصاعب لتسليم الطائرات في الميعاد، مما يضطر شركات الطيران إلى تأجيل خطط توسع، بينما تتسبب محركات بعض الطائرات باستمرار في مشكلات للناقلات.
وقال منير كزبري العضو المنتدب لنوفوس أفييشن كابيتال “تبدو هذه مشكلة نظامية واسعة النطاق ونتيجة لذلك نرى توترا في العلاقة بين شركات الطيران ومصنعي الطائرات والمحركات”.
وأصدرت طيران الإمارات المملوكة لحكومة دبي، وهي إلى حد بعيد كبرى شركات الطيران بالمنطقة، تحذيرا صارما لمصنعي الطائرات والمحركات. وأشارت قبل المعرض إلى أنها لن تستلم مجددا طائرات لا تتفق مع توقعاتها للأداء، مما يزيد الشكوك حيال طلبيات شراء معلقة بقيمة 35 مليار دولار.
وستسعى إيرباص وبوينغ وصناع المحركات إلى تهدئة المخاوف لدى إتمامهم مبيعات طائرات مع طيران الإمارات، والتي تتطلع أيضا إلى تقليص حجم طلب شراء للطائرة بوينغ 777 إكس.
وتعتبر إيرباص قريبة من طلب شراء نهائي لطائرات من طرازي أي 330 نيو وأي 350، بينما تستهدف بوينغ إنقاذ طلب أولي لطائرات من طراز 787. ويتوقع خبراء القطاع أن تخطف العربية للطيران الأضواء بالمعرض، حيث تعتزم طلب شراء ما يصل إلى 120 طائرة إيرباص.
وتخوض طيران الجزيرة الكويتية مفاوضات مع إيرباص وبوينغ بشأن 24 طائرة تقريبا، لكن لا توجد معلومات دقيقة حول إمكانية عقدها لصفقة خلال أيام المعرض.
وواصلت إيرباص تفوقها على بوينغ بعد تلقيها أكثر من 350 طلبا من شركات طيران آسيوية منذ أغسطس الماضي، بينما تعاني الشركة الأميركية من تداعيات وقف تحليق 737 ماكس.
وذكرت وكالة بلومبيرغ في وقت سابق أن إيرباص فازت بآخر صفقاتها الكبيرة الشهر الماضي بعد تلقيها لطلبات من شركة أندي جو الهندية للطيران بنحو 300 طائرة بقيمة تتجاوز 33 مليار دولار وفقا للأسعار الرسمية.
وتظهر المعلومات المنشورة على الموقع الإلكتروني لبوينغ أن الشركة تلقت طلبات شراء لنحو 16 طائرة فقط خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعد توقف 737 ماكس عن التحليق إثر حادثين منفصلين أوديا بحياة العشرات قبل أشهر.
وفي تحول قد يشعل المنافسة، صرحت رئيسة قطاع تطوير الإنتاج الجديد في إيرباص ساندرا بور شايفر بأنه من المحتمل أن تصنع الشركة طائرة إقليمية مؤلفة من 100 مقعد لا تصدر انبعاثات بحلول 2030، في الوقت الذي تسرّع فيه صناعة الطيران استجابتها في مواجهة القلق المتزايد بشأن البصمة الكربونية الناتجة عن السفر جوا.
وأشارت شايفر إلى أن إيرباص تعمل مع شركاء من بينهم مصنعو محركات وشركات ناشئة لبناء محركات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وكشف سباق للطائرات تحت رعاية إيرباص الأحد عن طائرة رياضية تعمل بالكهرباء وُصفت بأنها الأولى من نوعها في العالم، فيما تسعى شركة تصنيع الطائرات الأوروبية الكبيرة إلى تعزيز تكنولوجيا الطيران الصديقة للبيئة.
وتميزت النسخ السابقة من المعرض بصفقات ضخمة، كانت تتصدرها عادة طيران الإمارات، إذ أعادت شركات الطيران الخليجية رسم خارطة القطاع لتتمحور حول مراكز عملياتها التي تتسم بقدرات فائقة على الربط.
لكن نموذج الخليج كمركز عمليات يخضع لضغط متزايد في ظل تباطؤ نمو كبرى شركات الطيران في المنطقة والذي كان يوما ما سريعا للغاية.
وقال ديوجينيس بابيوميتيس مدير البرنامج العالمي للطيران التجاري لدى فروست آند سوليفان “ما زالت السوق ضعيفة بالنسبة إلى جميع شركات الطيران في المنطقة، سنرى المزيد من الانخفاض، بين 2 و3 بالمئة، في أعداد الركاب للعام بأكمله”.
ومن المتوقع أن تبرم شركة مصر للطيران، التي تشارك بجناح كبير في فعاليات المعرض، عددا من الاتفاقيات والصفقات الجديدة مع عدد من كبرى الشركات المشاركة.