صناعة السينما قبل 15 نوفمبر 2024 وبعده

اليوم بإمكان أيّ مستخدم للهاتف الذكي أن يلتقط صورا ويعدّل المشهد والضوء واللون بسرعة ويسر، وهو ما لم يكن يحلم بإنجازه مصور محترف قبل 30 عاما.
الجمعة 2024/11/01
توم هانكس ليس مجرد ممثل

“الناس مذعورون”. بهذه الكلمات بدأ توم هانكس حديثه الموجه للنقاد والإعلاميين في مهرجان “أميركان فيلم إنستيتيوت”. الناس الذين تحدث عنهم هانكس هم نجوم هوليوود وصناع السينما. وقد يضع اعترافه هذا نهاية للمعركة التي يخوضها العاملون في أستوديوهات هوليوود ضد استخدام الذكاء الاصطناعي، ولكن ليخرجوا منها خاسرين.

من شاهد أفلام مثل “فيلادلفيا” و”إنقاذ الجندي رايان” و”كاست أواي” و”فورست غامب”، يعرف أن توم هانكس ليس مجرد ممثل من آلاف الممثلين الذين مروا على هوليوود، بل هو واحد من خمسة أو عشرة كبار. لهذا السبب لا يمكن أخذ تعليقه على فيلم “هير” بخفة.

ماذا سيقول العاملون في هوليوود في احتجاجاتهم مستقبلا، بعد أن أدلى توم هانكس بشهادته؟

لن يطول انتظارنا لمعرفة الجواب، الفيلم الذي يلعب فيه توم هانكس مع روبن رايت دور البطولة وتستعرض قصته علاقة زوجين عبر مراحل زمنية مختلفة من حياتهما، سيعرض في صالات السينما يوم 15 نوفمبر 2024.

استعان صناع الفيلم بتقنيات حديثة لتجديد شباب الممثلين أو تكبير سنهم حسب الحاجة. ولا يستبعد كل من شاهد مقاطع من الفيلم أن يتوج توم هانكس بجائزة أوسكار ثالثة يضعها إلى جانب الجائزتين اللتين حصل عليهما عن دوره في فيلم فيلادلفيا وفيلم فورست غامب. ولكن هذه المرة لن أستغرب أن يتقاسم الجائزة مع طرف ثان هو الذكاء الاصطناعي و”التزييف العميق”.

كان من الممكن أن يمر الفيلم بهدوء، أو بأقل ضجيج ممكن، إلاّ أن تعليقات هانكس عليه، أخرجت المعركة إلى العلن. معركة ستصبّ بالنهاية في صالح المنتجين وأصحاب الأستديوهات في هوليوود وخارجها.

لا شك أن هانكس تذكر دوره في فيلم “كاست أواي”، عندما اضطر للخضوع لنظام غذائي صارم وخطة تمرين مكثفة لفقدان الوزن من أجل دوره في الفيلم، فقد حوالي 25 كيلوغراما على مدار أربعة أشهر، تناول خلالها كميات قليلة من الكربوهيدرات وركز على البروتينات الخالية من الدهون والخضروات. كما اضطر إلى إطالة شعره ولحيته ليبدو وكأنه عاش على جزيرة مهجورة لفترة طويلة.

مع تقنيات حديثة مبنية على الذكاء الاصطناعي، لم يكن هانكس سيضطر للخضوع إلى هذا النظام القاسي. لو كان التزييف العميق موجودا لقام بالمهمة، ليبدو هانكس هزيل الجسد أشعث الشعر وطويل اللحية بمجرد الطلب.

المنتجون وصناع السينما يدركون الآن أن باستطاعتهم فرض قوانين اللعبة، وأن الاحتجاجات لن توقف التغيير.

اليوم بإمكان أيّ مستخدم للهاتف الذكي أن يلتقط صورا ويعدّل المشهد والضوء واللون بسرعة ويسر، وهو ما لم يكن يحلم بإنجازه مصور محترف قبل 30 عاما.

من منكم يذكر “الفلترات” التي كانت تستخدم لتصحيح اللون والإضاءة وإضافة مؤثرات خاصة. كان استخدام الفلترات بأنواعها المختلفة مقصورا على المصورين المحترفين. الخبرة ليست الشيء الوحيد الذي كنت تحتاجه لاحتراف التصوير، إضافة إلى الخبرة والموهبة كان لا بد من استثمار ثروة.

بعد 25 سنة من عرض فيلم “هير” الذي استخدم تقنية الذكاء الاصطناعي ليظهر توم هانكس في كل مرحلة عمرية بشكل يتناسب مع عمره، بدءا من المراهقة وصولا إلى الكهولة، سيتذكر الناس كيف كانت صناعة السينما قبل 15 نوفمبر 2024.

18