صناديق مداولة بيتكوين: رعب مشفر أم منافس للذهب؟

نيويورك - العملة الرقمية بيتكوين، المتمردة، تسبق باقي العملات المشفرة للدخول إلى قلب المؤسسة المالية بصندوق استثمار للتداول في البورصة (EFT).. ولكن هل ستكون جيدة كما الذهب؟
وقفزت أكبر عملة مشفرة في العالم بنسبة 28 في المئة خلال شهر أكتوبر وحده، والآن يراهن المستثمرون على أن المنظمين الأميركيين سيعطون الضوء الأخضر لصندوق تداول فوري للبيتكوين وبالتالي إطلاق العنان لموجة جديدة من الطلب.
فكم من المال يمكن أن يجذب مثل هذا الصندوق؟ صعب التنبؤ، ولكن إذا حكمنا من خلال مجموعة واسعة من التقديرات التي صرح بها مضاربون في الأسواق، يمكن القول إن الرقم سيتراوح من 3 مليار دولار في اليوم الأول ليصل إلى 55 مليار دولار على مدى خمس سنوات.
ويقول ديف مازا، كبير مسؤولي الإستراتيجية في مزود الاستثمارات “راوندهيل انفيسمنت” إن “المقارنة الأقرب بالنسبة إليّ هي الذهب”. مضيفا أن “سوق الذهب قد شهد تحولا جذريا بعد الموافقة على صناديق استثمار تداول فورية”.
وتوقع ديف أن تشهد صناديق الاستثمار في البيتكوين “موجة من الشراء”. مقارنا بين إطلاق أول صندوق مداولة للذهب عام 2006 في الولايات المتحدة وصندوق للعقود الآجلة للبيتكوين في عام 2021.
وقدمت مجموعة من عمالقة شركات الاستثمار والتشفير طلبات للحصول على صناديق استثمار للمداولة الفورية في البيتكوين. وتدرس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ما بين ثمانية إلى 10 إيداعات لمنتجات بيتكوين فورية جديدة، وفق ما قاله رئيسها يوم الخميس الماضي، دون إعطاء تفاصيل عن توقيت اتخاذ القرارات.
وعلى عكس المتفائلين في صناديق المؤشرات المتداولة، يقول المستثمرون التقليديون الذين لم يخفوا قلقهم منذ البداية من العملات المشفرة إنهم لن يفوزوا بأدوات استثمارية جديدة.
“لن تجد فلسا واحدا من أموال موكلي طريقها إلى هذه الاستثمارات المزعومة بشكل خاطئ”، هذا ما أكده جورج جاجلياردي، مستشار الاستثمار في كورومانديل لإدارة الثروات في ليكسينغتون، ماساتشوستس، الذي يعتقد أن العملات المشفرة “لا تمتلك قيمة جوهرية أساسية”.
ومع ذلك، عزز احتمال وجود صندوق يوفر للمستثمرين تداولا مباشرا بعملة البيتكوين من سعر العملة المشفرة، التي بلغت 35 ألفا و198 دولارا الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى وصلته منذ مايو 2022.
وتختلف المقاييس التي يستخدمها المستثمرون والمحللون للتوصل إلى تقديرات الطلب على صناديق التداول، من حجم سوق للذهب إلى الطلب على المنتجات الحالية، بقدر اختلافها تقريبا في استنتاجاتهم. وأسواق البيتكوين مبهمة هي الأخرى، حيث تكون تحركات الأسعار مدفوعة في الغالب بمعنويات المستثمرين.
وتقدر شركة التشفير الأميركية NYDIG حجم الطلب على صندوق بيتكوين الفوري بحوالي 30 مليار دولار. ويقارن حسابهم بين أحجام صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب والبيتكوين 210 مليار دولار مقابل 28.8 مليار دولار على التوالي، ويعدلها لتقلباتها النسبية.
ويقول تود سون وهو خبير في أسواق التداول “من النادر أن نرى فئة أصول جديدة تماما تصل إلى سوق التداول، وهذا يجعل من الصعب معرفة حجم الطلب الذي ستحققه بالضبط”.
ويتابع قائلا “لا تتبع صناديق الاستثمار المتداولة الحالية في البيتكوين والمرتبطة بالعقود الآجلة تحركات الأسعار بدقة، ويمكن أن تؤدي التكاليف المرتبطة بتجديد العقود الآجلة إلى تآكل العائدات، مما يجعلها أقل جاذبية للمستثمرين”.
ويعتقد ستيفن ماكلورج، رئيس الاستثمار في فالجيري فاند، إن إحدى نقاط البداية في قياس الطلب هو حجم (GBTC) وهو صندوق خاص مفتوح يمتلك البيتكوين مباشرة. وقال “إذا نظرت إلى القيمة السوقية الحالية لـ3.2 مليار دولار لمنتج بيتكوين فوري ستكتشف أن نصف الأموال تبخرت خلال عامين”.
10
إيداعات لصناديق بيتكوين فورية تدرسها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية
ويقول بعض المدافعين إن المستشارين الماليين وصناديق التقاعد ومديري الأموال الآخرين يديرون فيما بينهم رأس مال يقدر بنحو 46.5 تريليون دولار، ويمكن أن نشهد إقبالا مهما من قبلهم على صندوق التداول الفوري لعملة بيتكوين.
من جانبه يقول ماثيو سيجل، رئيس أبحاث الأصول الرقمية في “فان أيك” التي تخطط لإدارة صندوق تداول بيتكوين فوري ينتظر موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات “إذا وصلت بلاك روك إلى السوق، فإن نسبة معينة من بيوت المال والمستشارين الماليين سيضيفون أموالهم إلى المنصات”. ورفضت بلاك روك التعليق مؤكدة أنها لا تزال تنتظر الموافقة النهائية من هيئة الأوراق المالية والبورصات.
وقال ماثيو هوجان، الرئيس التنفيذي لشركة “بتوايز أنفيسمنت” للعملات المشفرة في وقت سابق من شهر أكتوبر الماضي إنه يتوقع أن تسحب صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين الفورية 55 مليار دولار في سنواتها الخمس الأولى. وتستند توقعاته على آلية تطور الطلب في الأسواق الأصغر حيث توجد بالفعل صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين الفورية، مثل كندا.
ورغم أن بيتكوين هي أول عملة مشفرة تظهر للوجود إلا أن فكرة العملات المشفرة سبقتها؛ ففي عام 1998 اقترح مهندسان هما واي داي ونيك زابو مشروعا لإنشاء عملات رقمية لامركزية تسمى B-money لكن الفكرة لم تتحول إلى واقع.
وفي عام 2008، نشرت مجموعة باسم ساتوشي ناكاموتو ورقة بحثية تصف نظامًا لإنشاء نظام نقدي إلكتروني يستخدم خوارزمية التشفير. وبعد عشر سنوات (عام 2009) تم إطلاق بيتكوين رسميًا كأول عملة مشفرة، تلاها العديد من العملات المشفرة الأخرى مثل إثيريوم ولايتكوين وريبل وغيرها.
فالعملات المشفرة لها مزايا وعيوب مختلفة. ومن بين المزايا أنها توفر سرية وأمانا للمستخدمين، وتقلل من التكاليف والوقت لإجراء المعاملات، وتشجع على الابتكار والتطور في مجالات التقنية والطاقة وغيرها. ومن بين العيوب أنها تواجه تقلبات كبيرة في الأسعار، وتستهلك كثيرًا من الطاقة لإنشائها، وتستخدم في بعض الأحيان لأغراض غير قانونية أو ضارة.
وعلى الرغم من الطلب الكبير، يتساءل ستيف سوسنيك، كبير الإستراتيجيين في إنتر أكتيف بروكر “هل ستكون جميع التجارب ناجحة؟ بالطبع لا. أولئك الذين لديهم أفضل تسويق سينجحون، لكن نصفهم سيختفي في غضون عامين”.