صرخة فزع أممية بشأن الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري في ليبيا

منظمة "رصد الجرائم في ليبيا" تدين استمرار حوادث الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي بدون إذن قضائي.
الاثنين 2025/03/24
قلق أممي إزاء ظاهرة الاعترافات المسجلة

أطلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا صرخة فزع بخصوص ظاهرة الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، وأكدت أن الاحتجازات التعسفية نفذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية في عموم ليبيا أثارت ذعر البعثة، مشيرة إلى أن هذه الأطراف تستغل سلطة الاحتجاز والتوقيف لاستهداف أفراد على ضوء انتماءاتهم السياسية المزعومة ولتكميم أفواه كل من ينظر إليه كمعارض وتقويض استقلال القضاء.

وتتسبب هذه الممارسات غير القانونية في خلق مناخ من الخوف وتحجيم الحيز المدني وتهالك سيادة القانون. وبحسب بيان للبعثة، فإن أعمال العنف والاحتجاز التعسفي طالت العاملين في مجال القانون وأعضاء هيئة القضاء إذ تعرض القاضي علي الشريف لتوقيف اتسم بالعنف في مدينة طرابلس في 10 مارس الجاري، غير أن الاحتجاز التعسفي المستمر لكل من المحامي منير العرفي في بنغازي منذ 12 مارس وكذلك اثنين من المدعين العسكريين وهما منصور داعوب ومحمد المبروك الكار منذ 2022 في طرابلس يسلط الضوء على الارتفاع في وتيرة التهديدات التي تطال العاملين في مجال القانون والنيل من استقلاليتهم.

وأكدت البعثة أنه في طرابلس، ما يزال عضو مجلس النواب علي حسن جاب الله قابعًا في الاحتجاز التعسفي لما يزيد عن عام بأكمله قبل صدور الحكم عليه في أكتوبر 2024 في محاكمة عسكرية مشوبة بالمخالفات وحرمانه من الحق في إجراءات التقاضي السليمة.

بينما تعرض مدير عام مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة محمد المنسلي للاحتجاز التعسفي منذ 7 يناير علمًا أنه لم يتمكن من الحصول على تمثيل قانوني له أو الحصول على رعاية طبية في ظل بلاغات مقلقة تفيد بتدهور حالته الصحية، وأيضا ما يزال خليفة مغار عبدالرسول وهو أحد أعيان مدينة غات، قيد الاحتجاز التعسفي في بنغازي منذ شهر مايو 2024 دون توجيه أي تهم إليه علما أنه لم يتمكن من التواصل مع محاميه أو حتى أسرته. وأصبحت هذه الممارسات أمرًا طبيعيًا في ليبيا، إذ يحتجز المئات غير هؤلاء بشكل غير قانوني في عموم ليبيا.

◙ هذه الممارسات غير القانونية تتسبب في خلق مناخ من الخوف وتحجيم الحيز المدني وتهالك سيادة القانون

وأعربت البعثة عن شعورها بالقلق إزاء ظاهرة الاعترافات المسجلة حيث يحتجز الأفراد ويجبرون على “الاعتراف” بارتكاب جرائم مزعومة ومن ثم تنشر هذه الأفلام التسجيلية عبر الإنترنت. وتستخدم هذه “الاعترافات” المسجلة لترهيب الأفراد المستهدفين وإهانتهم. ويفترض بجميع هذه “الأدلة” المسجلة أن تصنف على أنها غير مقبولة وينبغي أيضاً محاسبة الجناة.

وسبق لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن أعربت عن تضامنها مع عدد لا حصر له من ضحايا الاختفاء القسري والمفقودين في ليبيا، داعية السلطات المعنية لمعالجة حالات الاختفاء القسري كجزء من عملية مصالحة وطنية تقوم على الحقوق، وتؤكد حق العائلات في معرفة مصير أحبائها.

وأشارت البعثة إلى أنها وثقت حالات اختفاء لمن يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون إضافة إلى نشطاء سياسيين من النساء والرجال ومدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء في البرلمان ومحامين وقضاة فضلا عن مهاجرين وطالبي لجوء، فيما بقي مكان وجود الآلاف من النساء والرجال والأطفال غير معروف على مر السنين.

ولفتت البعثة إلى أهمية التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري وتقديم الجناة إلى العدالة. ومع انتشار الإفلات من العقاب على حالات الاختفاء القسري في ليبيا، ناشدت سلطات البلاد اعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2010 كدليل على التزامها بالتصدي لهذا الانتهاك واسع النطاق.

وكانت منظمة “رصد الجرائم في ليبيا” أدانت ما وصفته بـ”استمرار حوادث الخطف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي بدون إذن قضائي،” وحمّلت السلطات الليبية “المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات” ، ودعت النائب العام الليبي إلى “التحقيق في هذه الانتهاكات للعمل على تقديم المسؤولين عنها للعدالة” ، وطلبت من السلطات “الكشف عن مصير المختطفين والمعتقلين تعسفًا وإخلاء سبيلهم دون قيد أو شرط،” و”تحمل المسؤولية في إنقاذ أرواح المهاجرين على طول طرق الهجرة وفي البحر.”

وفي بيان لها، قالت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، إنها تلقت بلاغا من أسرة المواطن فرج اللافي، تفيد باختطافه من وسط مدينة بني وليد بتاريخ 29 نوفمبر 2024. ووفقًا لبيان المؤسسة، فقد تم تنفيذ عملية الاختطاف من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية تستقل سيارات مدنية، حيث لم ترد أي معلومات رسمية عن مصيره منذ ذلك الحين. وتشير التقارير إلى أنه محتجز لدى إحدى الجهات الأمنية في طرابلس، دون تقديمه للنيابة العامة أو توضيح مبررات احتجازه.

◙ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان طالبت بالكشف الفوري عن مصير اللافي والإفراج عنه أو إحالته للنيابة العامة

وطالبت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالكشف الفوري عن مصير اللافي، والإفراج عنه دون قيد أو شرط، أو إحالته للنيابة العامة للفصل في قانونية احتجازه. كما حمّلت المؤسسة الجهة الأمنية المسؤولة عن احتجازه والخاطفين المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامته.

واختتمت المؤسسة بيانها بمطالبة حكومة الدبيبة والأجهزة الأمنية التابعة لها بضرورة احترام الالتزامات الدستورية والقانونية والدولية، بما في ذلك الإعلان الدستوري الليبي، والاتفاق السياسي الموقع عام 2015، ومخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي لعام 2020، والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. كما أكدت على ضرورة حماية المواطنين من الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات لضمان تحقيق العدالة وسيادة القانون.

ويرى مراقبون، أن ظاهرة الاختفاء القسري صارت جزءا واضحا من أركان المعادلة الليبية في مختلف مناطق البلاد، مشيرين إلى النهاية المأساوية لعضوي مجلس النواب سهام سرقيوة وإبراهيم الدرسي ولوزير الدفاع السابق مهدي البرغثي وابنه وبعض مناصريه، حيث كثيرا ما بات الاختطاف يتبع بالتصفيات الجسدية الميدانية دون محاكمة.

وأوضح مسؤول الشأن الليبي في منظمة العفو الدولية بسام القنطار أن العديد من النشطاء والصحافيين تعرضوا للاختطاف أو الاحتجاز التعسفي والتهديد من قِبل ميليشيات في ليبيا بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.

وأشار القنطار في تصريحات صحفية إلى أن الميليشيات في الغرب الليبي استمرت في محاولة إسكات الإعلام المستقل من خلال القبض على الصحافيين ومضايقتهم وفرض رقابة على وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، لافتا إلى أن قوات الجنرال حفتر فرضت قيودا غير مبررة على وسائل الإعلام خلال أزمة درنة.

4