صراع على الصلاحيات بين رئيس المجلس الرئاسي ورئيس هيئة المراقبة الإدارية في ليبيا يتحول إلى تصفية حسابات

طرابلس - دخلت العلاقة بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي ورئيس هيئة المراقبة الإدارية عبدالله قادربوه مرحلة المواجهة وتصفية الحسابات في سياق صراع الشرعيات المتداخلة وفي ظل تراجع سيادة الدولة على أجهزتها الرسمية. وأحال المنفي، مساء الثلاثاء، حكما قضائيا لجهات الاختصاص بعدم شرعية تولي قادربوه منصب رئيس هيئة الرقابة الإدارية.
وعمم رئيس المجلس الرئاسي على أجهزة المخابرات، والحرس الرئاسي والردع ودعم الاستقرار، الإخطار المحال من محكمة شمال طرابلس الابتدائية، على يد محضر، بشأن عدم شرعية تولي قادربوه، منصب رئيس هيئة الرقابة الإدارية، واستيلائه على سلطة الهيئة.
كما أحال مدير مكتب رئيس المجلس محمد المبروك سليمان الإخطار إلى رئيس مجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني ومدير مكتب استرداد الأموال وإدارة الأصول المستردة ومدير مكتب دعم السياسات العامة، وفق كتاب بتاريخ الثلاثين من الشهر المنقضي.
وبحسب ما جاء في الإخطار، فإن قادربوه تعاون مع وكيل هيئة الرقابة الإدارية خالد سعيد ضو من أجل “اغتصاب سلطة الهيئة دون وجه حق أو صدور قرار من السلطة التشريعية بتسميته رئيسا للهيئة”. واستدل الإخطار بالقانون رقم 20 للعام 2023 الخاص بإنشاء الهيئة الذي نصت مادته الثالثة على أن يرأس الهيئة “شخصية مشهود لها بالكفاءة والاستقامة والنزاهة ويعين ويعفى من منصبه وتقبل استقالته بقرار من السلطة التشريعية”.
وكرد عاجل على الإخطار، أصدر قادربوه صباح الأربعاء قرارا بوقف سامي المنفي، شقيق رئيس المجلس الرئاسي، بصفته مدير عام الشركة العربية الليبية المغربية القابضة، احتياطيا عن العمل، لدواعي ومقتضيات المصلحة العامة. وبحسب بيان نشرته هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا، فإن القرار يأتي عملا بأحكام المادة 31 من القانون رقم 20 لسنة 2013، بإنشاء هيئة الرقابة الإدارية وتعديليه ولائحته التنفيذية.
ونص القرار على “رئيس الهيئة، عبدالله قادربوه، يصدر قرار رقم (486) لسنة 2024 ميلادية، بالإيقاف الاحتياطي عن العمل للمدعو (س.ي.أ.ب) بصفته مدير عام الشركة العربية الليبية المغربية القابضة، وذلك لدواعي ومقتضيات المصلحة العامّة”.
وكان قد تم تعيين سامي يونس المنفي، في يناير 2022، مديرا عاما للشركة العربية المغربية القابضة ومقرها المغرب. والأسبوع الماضي، أفادت وكالة المغرب العربي للأنباء بوصول مبعوث المجلس الرئاسي سامي المنفي إلى العاصمة المغربية الرباط حاملا رسالة خطية إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، من رئيس المجلس الرئاسي الليبي دون الكشف عن مضمونها.
وفي العاشر من يوليو 2023، تولى قادربوه رئاسة الهيئة، بمقرها في العاصمة طرابلس خلفا لرئيسها السابق سليمان الشنطي، وذلك “بناء على قرار مجلس النواب رقم 13 لسنة 2021، بشأن تكليف رئيس لهيئة الرقابة الإدارية، وعلى الحكم الصادر عن محكمة استئناف طرابلس رقم (1176/ 2021)، الذي تضمنه كتاب رئيس المجلس الأعلى للدولة المؤرخ في 2 يوليو، والذي طالب فيه الجهات المعنية بالتعامل مع الرئيس الجديد دون غيره”.
وكان هناك صراع واضح على المنصب، حيث كان خالد المبروك قد أدى في السادس من يوليو، اليمين القانونية كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية أمام النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة، عقب تصويت المجلس بالإجماع على اختياره في السادس والعشرين من يونيو الماضي، لكن رئيس المجلس عقيلة صالح صرح بعد ذلك بعدم ممانعته تولي قادربوه “رئاسة الهيئة بالمنطقة الغربية”، وذلك إلى حين تعيين رئيس موحد للهيئة من قبل مجلس النواب.
ويرى مراقبون أن الأمر يتعلق بصراع الإرادات وتباين الشرعيات في المناصب السيادية التي لا تزال محل تجاذبات بعد فشل الفرقاء الأساسيين في تنفيذ اتفاق أبوزنيقة، معتبرين أن من غير الممكن استبعاد الفساد المالي والإداري والمحسوبية من جملة الدوافع والأسباب التي تزيد من تفاقم الأزمة.