صراع رئاسات في ديوان المحاسبة الليبي بسبب فوضى القرارات البرلمانية

عاد مجلس النواب الليبي على قراره السابق بتعيين عطية الله السعيطي رئيسا لديوان المحاسبة بالإنابة، ودعا خالد شكشك إلى الاستمرار رئيسا للديوان في المنطقة الغربية، إلى حين التوافق على تسمية المناصب السيادية.
وخاطب رئيس المجلس عقيلة صالح خالد شكشك بأن بإمكانه اتخاذ الإجراءات التنظيمية والقانونية كافة المنظمة لسير العمل، حتى صدور حكم بات من القضاء.
وجاء ذلك، بعد أن خاطب وكيل ديوان المحاسبة عطية الله السعيطي، الخميس، مصرف ليبيا المركزي بصفته رئيسا للديوان بالإنابة، داعيا إلى عدم التعامل مع خالد شكشك، الذي قال إنه موقوف بحكم قضائي.
وأشار السعيطي، في خطابه إلى محافظ المصرف المركزي، إلى قرار مجلس النواب رقم 30 لسنة 2024 بشأن إقالة شكشك، بالإضافة إلى الأمر الولائي رقم 529 لسنة 2024 الصادر عن محكمة جنوب طرابلس الابتدائية بوقف رئيس الديوان عن أداء عمله.
كما خاطب السعيطي الإدارات المعنية في الديوان بصفته رئيسا بالإنابة بناء على الحكم القضائي، معتبرا أن “امتناع أي موظف أو جهة عامة عن تنفيذ أي حكم قضائي أو أمر ولائي يعد انتهاكا صريحا لسلطة القضاء.”
في سبتمبر الماضي، أصدر البرلمان الليبي قرارا يقضي بسحب قرار تعيين عطية الله السعيطي وكيلا لديوان المحاسبة
وطلب من إدارات ديوان المحاسبة توجيه الموظفين لـ”عدم تنفيذ أي تعليمات أو قرارات تصدر عن خالد شكشك”، مهددا باتخاذ “إجراءات تأديبية وقانونية حيال أي مسؤول أو موظف يخالف هذه التعليمات.”
وفي الثالث والعشرين من ديسمبر الجاري، أصدرت محكمة جنوب طرابلس الابتدائية أمرا ولائيا بوقف خالد شكشك عن أداء مهامه رئيسا لديوان المحاسبة وذلك لـ”زوال الصفة عنه عملا بقرار مجلس النواب بشأن تعيين رئيس للديوان”، حسبما أعلنته إدارة القضايا في طرابلس.
وأرسل رئيس فرع إدارة القضايا بطرابلس إلى عدد من الإدارات القانونية بالمؤسسات الاقتصادية، من بينها المصرف المركزي ومؤسسة النفط، خطابا يفيد بإصدار محكمة جنوب طرابلس الابتدائية أمرا ولائيا بإيقاف رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، لزوال صفته المبنية على قرار مجلس النواب رقم 2014/30.
ووجهت الإدارة كافة الجهات المعنية بوضع الأمر موضع التنفيذ وعدم الاعتداد بأي قرارات صادرة عنه مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل.
وكان شكشك تقلد منصبه في العام 2013 لمدة 3 سنوات حتى 2016، وتم التجديد له حتى عام 2019، ومن بعدها ظل يجدد لنفسه بالمخالفة لقانون ديوان المحاسبة الذي يمنع أن يتولى رئيسه أكثر من ولايتين.
وفي مناسبات، قرر مجلس النواب إعفاء شكشك من منصبه، لكن جميع القرارات ذهبت أدراج الرياج بسبب عجزه عن تنفيذ قراراته بالعاصمة طرابلس نتيجة استمرار حالة الانقسام السياسي والحكومي والتشريعي، وبسبب ما يمكن أن يوصف بفوضى القرارات الصادرة عن المجلس.
برفض شكشك قرار تنحيته، انقسم ديوان المحاسبة إلى مقرين الأول هو المقر الأثلي الكائن بمنطقة الظهرة بطرابلس، والثاني تم استئجاره بضاحية القصور في منطقة الهضبة
ويوم الأربعاء الماضي، أفادت إدارة القضايا في طرابلس بوقف القرار إلى حين الفصل في الاستشكال، وذلك بعد تظلم وجه أمام الدائرة المدنية السادسة في محكمة استئناف طرابلس، بينما اعتبر وكيل الديوان عطية حسين عبدالكريم نفسه رئيسا للديوان بالإنابة، مطالبا كافة الموظفين بعدم الاعتداد بأي قرارات صادرة عن خالد شكشك، مشيرا إلى الأمر الولائي الصادر عن محكمة جنوب طرابلس، ولوح باتخاذ الإجراءات التأديبية حيال أي مسؤول أو موظف يخالف.
في المقابل، أرسل خالد شكشك تعميما إلى إدارات الديوان يخطرها بكتاب إدارة القضايا بشأن قبول التظلم وتحديد جلسة لنظرها ووقف الأمر الولائي، وفسّر شكشك الأمر الولائي بأنه صادر بناء على قرار مجلس النواب رقم 2014/30، وإنه يستمد شرعيته بموجب قرار مجلس النواب رقم 16 لسنة 2019 بشأن تمديد ولاية رئيس الديوان، لافتا إلى أن القرار الأخير أكدته أحكام المحكمة العليا بدائرتيها الدستورية والإدارية في العديد من الأحكام.
وبرفض شكشك قرار تنحيته، انقسم ديوان المحاسبة إلى مقرين الأول هو المقر الأثلي الكائن بمنطقة الظهرة بطرابلس، والثاني تم استئجاره بضاحية القصور في منطقة الهضبة.
وفي أواخر أغسطس الماضي، أعلن مكتب رئاسة مجلس النواب تكليف عطية الله السعيطي شقيق النائب فتح الله السعيطي بعد مطالبة 44 نائبا بتسميته وكيلا لديوان المحاسبة.
وفي سبتمبر الماضي، أصدر مكتب رئاسة مجلس النواب قرارا يقضي بسحب قرار تعيين عطية الله السعيطي وكيلا لديوان المحاسبة، معتبرا القرار كأن لم يكن.
وجاء في القرار أن تكليف وكلاء الهيئات والأجهزة الرقابية التابعة للسلطة التشريعية يتم بقرار من مجلس النواب في جلسة رسمية وفقا لأحكام التشريعات النافذة، ولا يعتد بغير ذلك من القرارات.
الدبيبة أكد أن خالد شكشك هو رئيس ديوان المحاسبة قانونا، إلى حين الفصل في تسمية المناصب السيادية وفق الاتفاق السياسي
وفي أكتوبر، خاطبت رئاسة مجلس النواب رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك ووكيله علاء المسلاتي، بسحب قرار تعيين عطية الله السعيطي من منصب وكيل ديوان المحاسبة سحبا كليا واعتباره كأن لم يكن.
واعتبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة أن خالد شكشك هو رئيس ديوان المحاسبة “قانونا” إلى حين الفصل في تسمية المناصب السيادية وفق الاتفاق السياسي.
وفي خطاب توجه به إلى الوزراء ورؤساء الهيئات والمؤسسات موقّع الخميس، استند الدبيبة إلى الاستشكال المنظور أمام الدائرة العمالية الثالثة بمحكمة جنوب طرابلس الابتدائية المحدد له جلسة في الثامن من يناير المقبل.
وأكد الدبيبة أن خالد شكشك هو رئيس ديوان المحاسبة قانونا، إلى حين الفصل في تسمية المناصب السيادية وفق الاتفاق السياسي.
وسارعت الأطراف الخارجية إلى التدخل في الملف، حيث عبّر نائب السفير البريطاني في ليبيا توماس فيبس عن التأييد الكامل لديوان المحاسبة ضمن ما اعتبره “الدور الحاسم الذي يلعبه في حماية الشفافية والمساءلة”، ووصف لقاء جمعه مع رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك بـ”المفيد”، داعيا إلى ضرورة أن “يظل الديوان بعيدا عن التدخل السياسي وأن يجري الحفاظ على استقلاله.”
وبدوره، أجرى رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا السفير نيكولا أورلاندو مكالمة هاتفية مع رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، واصفا النقاش بأنه مثمر، وقال في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة إكس إن المكالمة تناولت الدور المحوري لديوان المحاسبة في ضمان المساءلة في إدارة الموارد العامة، بالإضافة إلى التأكيد على اهتمام الاتحاد الأوروبي بالتطورات الحالية في ليبيا بالتنسيق الوثيق مع بعثة الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن الشفافية والرقابة وحماية استقلالية الديوان من التدخلات تبقى من الأولويات الأساسية التي يحرص عليها الاتحاد الأوروبي.
وكانت الولايات المتحدة دعت جميع الأطراف الليبية إلى احترام ولاية ديوان المحاسبة، معربة عن قلقها إزاء الضغوط التي تمارس على الديوان والمؤسسات التكنوقراطية الليبية الحيوية الأخرى، وذلك ضمن لقاء القائم بالأعمال الأميركي لدى ليبيا جيرمي برنت مع شكشك بمقر الديوان في طرابلس