صراع حدودي يهدد التناغم السوداني الأثيوبي

الخرطوم- اتهم مجلس السيادة السوداني قوات إثيوبية بالاستيلاء على أرض سودانية، في موقف يعكس تدهور العلاقات الثنائية، وسط إمكانية كبيرة لأن يؤثر ذلك على القضايا الاستراتيجية التي تهم البلدين ومن بينها سد النهضة.
وفي خطوة لافتة أعلن رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قيام قوات وميليشيات إثيوبية بالسيطرة على جانب كبير من أراضي السودان الواقعة على الحدود بين البلدين.
ويعد إعلان البرهان أول إقرار سوداني رسمي باحتلال قوات إثيوبية لأراض زراعية تقع في منطقة الشقفة بولاية القضارف الحدودية مع إثيوبيا شرقي البلاد.
وقال البرهان، في مقابلة بثت على التلفزيون الرسمي، مساء السبت “هناك مشاكل قديمة، وفقد رعاة مواشيهم، ومزارعون فقدوا أراضيهم، وما كان من القوات المسلحة إلا حمايتهم، لأن الإثيوبيين فرضوا وجودهم في الأراضي”.
ما يحدث من توتر على خط إثيوبيا السودان من شأنه أن يؤثر على التناغم الجاري بينهما في قضية سد النهضة
وكانت وسائل إعلام سودانية قد كشفت في بداية الشهر الجاري عن توغل الجيش الإثيوبي في منطقة شرق سندس بالشقفة الصغرى على مساحة تقدر بحوالي 55 ألف فدان وهي منطقة زراعية خصبة تعود إلى مزارعين سودانيين.
وأدت الخطوة الإثيوبية إلى استنفار في صفوف الجيش السوداني بالمنطقة الحدودية، كما قام رئيس مجلس السيادة بزيارة إلى المنطقة في 9 أبريل الجاري برفقة رئيس هيئة الأركان الفريق أول محمد عثمان الحسين وقادة عسكريين آخرين في رسالة موجهة إلى أديس أبابا بأنهم لن يسمحوا بالتعدي على أراضيهم.
وفي خطوة بدت للتهدئة قام رئيس هيئة الأركان الإثيوبي الفريق أول ركن آدم محمد برفقة عدد من كبار القادة العسكريين، بزيارة إلى الخرطوم أجرى خلالها محادثات مع البرهان وكبار القادة العسكريين، كما اجتمع برئيس الوزراء عبدالله حمدوك.
واتفق الطرفان خلال هذه المحادثات على ضبط الحدود ومحاربة الجرائم العابرة كما توصلا إلى “تفاهم كامل ومستديم لتأمين الحدود المشتركة”.
ويقول محللون إن خروج البرهان السبت واتهامه لأديس أبابا بشكل مباشر بالاستيلاء على أراض سودانية يشي بأن الأخيرة تراجعت عن التزاماتها في الاتفاق الذي جرى، وسط صعوبة التنبؤ بالخطوة القادمة للسودان لإجبار القوات الإثيوبية عن التراجع.
يعد إعلان البرهان أول إقرار سوداني رسمي باحتلال قوات إثيوبية لأراض زراعية تقع في منطقة الشقفة بولاية القضارف الحدودية مع إثيوبيا شرقي البلاد
ويتنازع كل من السودان وإثيوبيا على “الشقفة الصغرى” الحدودية التي تنشط بها عصابات، وجرى التوصل العام الماضي إلى اتفاق بين الجانبين يقضي بتشييد بنية تحتية صلبة من جسور وطرقات وإنشاء مشاريع تنموية مشتركة في المنطقة وتوفير الحماية للمزارعين من كلا الدولتين بيد أن الاتفاق ظل حبرا على ورق.
وتتهم جهات سودانية إثيوبيا بمحاولة استغلال الفترة الانتقالية التي يمر بها البلد لوضع يدها على المنطقة التي تمتاز بخصوبة أراضيها.
ويرى محللون أن ما يحدث من توتر على خط إثيوبيا السودان من شأنه أن يؤثر على التناغم الجاري بينهما في قضية سد النهضة، حيث يميل موقف الخرطوم إلى أديس أبابا، ويعتبر المحللون أن تصاعد التوتر قد يشكل فرصة مهمة لمصر التي تعتبر المتضرر الرئيسي من السد في استدراج الخرطوم إلى وجهة نظرها، وإن كانت الأخيرة سبق وشددت على أن موقفها نابع من المصلحة الوطنية وأنها “ليست كورسا ترقص على الموسيقى المصرية أو الإثيوبية”.