صراع تيغراي شرارة انفجار إثيوبيا وإزاحة آبي أحمد معا

يهدد توسع دائرة النزاع في إثيوبيا مع إعلان المتمردين قدرتهم على السيطرة على العاصمة أديس أبابا في الأيام القادمة، استقرار ثاني أكبر الدول الأفريقية سكانا، كما يهدد منصب رئيس الوزراء آبي أحمد الذي اختار المواجهة العسكرية والتصعيد، أمام توعد المتمردين بإزاحته من الحكم.
أديس أبابا - أعلنت مجموعة متمردة من إثنية الأورومو حليفة جبهة تحرير شعب تيغراي التي تقاتل القوات الموالية للحكومة في شمال إثيوبيا، الأربعاء، أن الاستيلاء على أديس أبابا “مسألة أشهر إن لم تكن أسابيع”، في خطوة تهدد بانزلاق البلاد نحو حرب أهلية، فيما لا يستبعد متابعون أن تضع شرارة النزاع منصب رئيس الوزراء آبي أحمد على المحك.
وأعلنت جبهة تيغراي نهاية الأسبوع سيطرتها على مدينتي ديسي وكومبولشا الاستراتيجيتين اللتين تقعان على مسافة 400 كيلومتر شمال أديس أبابا.
في الوقت نفسه أعلن جيش تحرير أورومو الذي تحالف في أغسطس مع جبهة تحرير شعب تيغراي أنه دخل إلى مدن عدة في جنوب كومبولشا بينها كيميسي على مسافة 320 كيلومترا من أديس أبابا.
وأوضح الناطق باسم جيش تحرير أورومو أودا طربي في تصريحات لوسائل إعلامية “إذا استمرت الأمور بالحيوية الحالية فستكون مسألة أشهر إن لم تكن أسابيع”.

ميشال باشليه: وحشية قصوى تطغى على النزاع في إقليم تيغراي
وأكد طربي أن مقاتلي جيش تحرير أورومو وجبهة تحرير شعب تيغراي “انضموا إلى بعضهم وهم على تواصل مستمر”، مؤكدا أن سقوط رئيس الوزراء آبي أحمد أمر “محسوم”.
وتنفي الحكومة أي تقدم للمتمردين لكنها أعلنت حالة الطوارئ الثلاثاء في كل أنحاء الإقليم بينما طلبت سلطات أديس أبابا من السكان تنظيم صفوفهم للدفاع عن العاصمة.
واتهم رئيس الوزراء آبي أحمد تحالف المتمردين بتحويل إثيوبيا إلى ليبيا أو سوريا. وقال “إنهم يريدون تدمير البلد وليس بناءه” داعياً السكان إلى الاتحاد في مواجهة “الإرهابيين”.
ووعد بدفن أعداء حكومته “بدمائنا” في حديثه الأربعاء، بمناسبة ذكرى مرور سنة على بدء الحرب في إقليم تيغراي.
وتحدث أحمد بعد يوم من إعلان حالة الطوارئ في البلاد بعد أن أشارت قوات تيغراي إلى أنها ستتقدم صوب العاصمة.
وقال في كلمة ألقاها خلال فعالية في مقر للجيش بأديس أبابا “الحفرة التي تم حفرها ستكون عميقة جدا، وستكون حيث يدفن الأعداء وليس حيث تتفكك إثيوبيا”.
وستمكن الطوارئ التي تستمر ستة أشهر الحكومة من توجيه الأمر للمواطنين البالغين بتلقي التدريب العسكري وقبول الواجبات العسكرية.
كما يسمح إعلان حالة الطوارئ للسلطات بالقبض بشكل عشوائي على أي شخص تشتبه في تعاونه مع “جماعات إرهابية” واعتقاله مدة الطوارئ وفقا لنص الإعلان.
وفي أديس أبابا، أكد السكان القلقون دعمهم للحكومة. وقال أزميراو برهان وهو عامل مستقل “إنهم أعداء لإثيوبيا ويجب إزاحتهم ومن أجل ذلك، يجب أن نتعاون جميعا مع حالة الطوارئ”.
ووصف غيتاشو رضا هذه الإجراءات بأنها “تفويض مطلق لسجن عناصر جبهة تيغراي أو قتلهم”. وكتب على تويتر “فيما أصبح النظام على وشك الانهيار، يطلق آبي ومساعدوه أجواء رعب وانتقام”.
وأثار توسع دائرة المعارك مخاوف المجتمع الدولي، أمام اتهامات حقوقية لارتكاب أطراف النزاع جرائم وانتهاكات.
يأتي ذلك، فيما يتوجه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فلتمان إلى إثيوبيا الخميس والجمعة للدعوة إلى حل سلمي وسط تصاعد الصراع مع جبهة تحرير شعب تيغراي المتمردة.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء عند إعلان الزيارة إن “الولايات المتحدة تشعر بقلق متزايد بشأن الحجم المتصاعد للعمليات القتالية والعنف الداخلي وهي تراقب الوضع عن كثب”.
وأضاف “ندعو جميع الإثيوبيين إلى التزام السلام وحل خلافاتهم بالحوار”.
وكان فيلتمان قد شدد الثلاثاء على أن واشنطن تعارض “تقدّم جبهة تحرير شعب تيغراي باتّجاه أديس أبابا وكل محاولة منها لمحاصرة العاصمة”.
وتخللت النزاع الدائر منذ عام روايات عن انتهاكات من مجازر وجرائم اغتصاب وغيرها خصوصا في حق مدنيين، وقد غرق الشمال الإثيوبي في أزمة إنسانية خطيرة يواجه فيها مئات الآلاف خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.
وتسبب القتال في جعل نحو 400 ألف شخص في تيغراي يواجهون المجاعة وكذلك مقتل الآلاف من المدنيين وإجبار أكثر من 2.5 مليون شخص في شمال إثيوبيا على الفرار من منازلهم.
جبهة تيغراي أعلنت سيطرتها على مدينتي ديسي وكومبولشا الاستراتيجيتين اللتين تقعان على مسافة 400 كيلومتر شمال أديس أبابا
ونددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشال باشليه الأربعاء بـ”وحشية قصوى” تطغى على النزاع في إقليم تيغراي خلال عرضها نتائج تحقيق أجري مع الإثيوبيين وخلص إلى احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية ارتكبها كل الأطراف.
وأكدت باشليه في جنيف أن “خطورة الانتهاكات التي رصدناها تؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عنها مهما كان المعسكر الذي ينتمون إليه”.
وأجري التحقيق بشكل مشترك بين مكتب باشليه والمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان التي أسستها الحكومة الإثيوبية، وشمل النزاع الذي تشهده البلاد منذ سنة.
واتهم التقرير أيضا الجنود الإريتريين بإجبار اللاجئين الإريتريين الذين يعيشون في تيغراي على العودة، في انتهاك للقانون الدولي.
وفي تكثيف للضغوط الدولية، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء، أنه ألغى امتيازات تجارية ممنوحة لإثيوبيا بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في حملتها العسكرية في إقليم تيغراي.
ومساء الثلاثاء جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدعوة إلى “وقف فوري للمعارك وإلى إتاحة وصول المساعدات الإنسانية الضرورية لإنقاذ الأرواح من دون عوائق، وإقامة حوار وطني يشمل كل الأطراف لحل هذه الأزمة وإيجاد أسس للسلام والاستقرار في كل أنحاء البلاد”.
بدوره أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن قلقه إزاء إعلان حال الطوارئ، مشددا على أن هذا الأمر سيدفع بالبلاد أكثر فأكثر نحو الحرب الأهلية.
