صحافيو المواقع الإلكترونية في مصر يضغطون على النقابة للاعتراف بهم

المؤتمر العام فرصة لانتزاع مكاسب.. ومخاوف من تحول النقابة إلى جهة عمل.
الجمعة 2024/07/26
هل ستستجيب النقابة لصحافيي المواقع الإلكترونية

لا تبدو الذرائع التي تسوقها نقابة الصحافيين في مصر مقنعة في عدم ضم الصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية، وهو ما دفع العشرات منهم إلى تكثيف تحركاتهم على أمل الحصول على الاعتراف، لاسيما وأن وضعهم الراهن يفقدهم الحق في الحصول على التأمينات الاجتماعية والصحية.

القاهرة - تعالت أصوات عاملين في مواقع إلكترونية مصرية للمطالبة بتسجيلهم في جداول نقابة الصحافيين، تزامنا مع تحضيرات جارية لانعقاد المؤتمر العام السادس للنقابة في أكتوبر المقبل، وتشكيل لجان نقابية من مهامها دراسة إمكانية ضمهم، وهو ما يمنح الأمل للمئات من الصحافيين غير المقيدين بجداول النقابة للالتحاق بها، وتجاوز مخاوف شريحة ترفض تعديل قانون النقابة وخسارة بعض الامتيازات.

ووقّع العشرات من صحافيي المواقع الإلكترونية على بيان يحتجون فيه على ما ورد في تحضيرات المؤتمر السادس للصحافة المصرية التي ركزت على أوضاع الصحافة الورقية، وتجاهلت ملف الصحافة الإلكترونية، وطالبوا النقابة بتقنين أوضاعها.

وأخذت الحملة تصعيدا جديدا هذه المرة مع تراجع الصحافة المطبوعة والاعتماد بشكل أكبر على المواقع الإلكترونية التي استطاعت أن تواكب التطورات التكنولوجية ذات الارتباط المباشر بعمل الصحافة، وإن كان ينقصها التطور المهني الذي هو في حاجة إلى أجواء عامة ومناخ يساعدها على مناقشة جميع القضايا بحرية.

خالد البلشي: قبول العاملين بالمواقع الإلكترونية يحتاج إلى نقاش أوسع
خالد البلشي: قبول العاملين بالمواقع الإلكترونية يحتاج إلى نقاش أوسع

وتُقيد نقابة الصحافيين العاملين بمواقع إلكترونية تابعة لصحف ورقية فقط، استناداً إلى قانون النقابة الذي يسمح للعاملين في صحيفة يومية أو دورية تُطبع أو وكالة أنباء محلية أو أجنبية تعمل في مصر، بالانضمام إلى نقابة الصحافيين.

غير أن العشرات من المواقع الإلكترونية التي ليس لها إصدارات ورقية لم يتم تسجيلها كمطبوعات منتظمة تعترف بها نقابة الصحافيين لا تتمكن من قيد العاملين بها.

وأخذت مشكلات قيد العاملين بمواقع إلكترونية تحولات عدة، وجرت محاولات لتأسيس نقابة لهم، لكنها لم تر النور بعد، حيث واجهت عقبات، بينها رغبة العاملين – الصحافيين في الانضمام إلى النقابة الأم.

كما أن الحملات المتفرقة للمطالبة بحقهم في القيد كانت تنتهي إلى لا شيء وغاب عنها التنظيم الجيد بعد أن قدمت نقابة الصحافيين تسهيلات لضم العاملين بالمواقع الإلكترونية التابعة للصحف قبل أن تتوسع رقعة المواقع الإخبارية التي تشكل رقما مهما في معادلة الانتشار الإعلامي والتأثير في الرأي العام.

وقالت سارة عادل، وهي أحد منسقي حملة “عضوية النقابة حق للصحافيين الإلكترونيين” إن العاملين في المواقع الإلكترونية تجددت آمالهم في القيد مع انتخاب خالد البلشي نقيبا للصحافيين في مارس من العام الماضي، إذ وضع تعديلات قانون النقابة والسماح بقيدهم ضمن برنامجه الانتخابي، وعمل من قبل في تجارب إلكترونية ويملك دراية بما يواجهونه من مشكلات، كما أن سماح النقابة بتقنين أوضاع العاملين في صحف أجنبية وأساتذة الصحافة والإعلام في مايو الماضي دعّم الحراك الحالي.

وأضافت عادل في تصريح لـ”العرب” أن العاملين بالمواقع الإلكترونية تتوفر لديهم المعايير التي تؤكد أنهم يمتهنون الصحافة، وأن النقابة لها الحق في تحديد معايير القبول، وإذا كان أرشيف الصحافي أحد أبرز شروط القيد فالأمر ذاته ينطبق على النشر على المواقع الإلكترونية مع التأكد على استمرار العمل، مشيرة إلى أن المفاوضات مع نقابة الصحافيين تتم عبر وسطاء، ومن المتوقع عقد لقاء مع البلشي قريبا.

مجلس النقابة الحالي بدأ في اتخاذ إجراءات تعمل على المساواة بين كافة الصحافيين دون النظر إلى كونهم أعضاء بالنقابة أم يمارسون المهنة بلا عضويتها

وأكدت أن المعضلة تكمن في قانون النقابة، وأن العاملين بالمواقع الإلكترونية ليس لهم اعتراض على تبنّي خطوات ضمهم تحت مظلة قانونية تحميهم، ما يساعدهم في الحصول على تأمينات اجتماعية وصحية، ويحمي ذلك ممارسة العمل الصحفي بشكل مهني، ويمكن البدء بالمواقع المسجلة فعليًا لدى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ومبررات النقابة لعدم التقدم تكمن في اعتراض الجمعية العمومية على تعديل قانونها.

وأشعل بيان صدر عن نقابة الصحافيين بشأن الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر السادس للصحافة شرارة جديدة في الأزمة، حيث تضمن برنامج عمل لجنة مستقبل الصحافة النقاش حول الصحافة الورقية، والذكاء الاصطناعى، والعلاقة بينهما، وهو ما اعتبره صحافيون يتجاوز الواقع الذي ترتبط فيه الصحافة الإلكترونية بالذكاء الاصطناعي وليس الصحافة الورقية.

وقال نقيب الصحافيين خالد البلشي لـ”العرب” إن الجلسات التحضيرية للمؤتمر العام تضمنت الحديث عن إدخال تعديلات على القيد، ومنذ البداية أكدت النقابة أن تعديلات قانون النقابة حق أصيل لأعضاء الجمعية العمومية، وهناك تعديلات سوف يتم عرضها في مارس المقبل على الجمعية العمومية، وستكون محل نقاش في جلسات المؤتمر، والبيان الأخير لم يتطرق إلى تلك الأمور لأنه جرى الحديث عنها من قبل.

وأوضح أن مجلس النقابة الحالي بدأ في اتخاذ إجراءات تعمل على المساواة بين كافة الصحافيين دون النظر إلى كونهم أعضاء بالنقابة أم يمارسون المهنة بلا عضويتها، وتدافع النقابة عن حقوقهم، خاصة حين يتم إلقاء القبض على أحدهم، مثل باقي الصحافيين النقابيين، وفتحت الباب أمام إشراكهم في الدورات التي تنظمها مع جهات خارجية، والمجلس الحالي أول من فتح الباب أمام انتساب الصحافيين كخطوة أولية، لأن خطوة قبول العاملين بالمواقع الإلكترونية في حاجة إلى نقاش أوسع.

يحيى قلاش: على الأطراف المعنية أن تجتهد في إعادة تعريف الصحافي
يحيى قلاش: على الأطراف المعنية أن تجتهد في إعادة تعريف الصحافي

وأشار البلشي إلى أن النقابة تواجه مشكلات تجعلها تدقق في قرارها، لأن الصحف والمواقع الإلكترونية يرفضان مد النقابة بتفاصيل العاملين لديهم، ليكون هناك تقدير بالأرقام التي يمكن قيدها، وأن مساعي حماية الصحافيين تصطدم برفض من ملاك المواقع، وهم يدركون أن ذلك يؤدي إلى أعباء مالية عليهم، وحال أدخلت تعديلات على قانون النقابة سوف تقبل الصحافيين ممن تنطبق عليهم الشروط.

ولفت في حديثه لـ”العرب” إلى أن النقابة لا تتوقع ضم أعداد كبيرة من الصحافيين الإلكترونيين حال تم تعديل القانون، ولن يكون دفعة واحدة، وغالبية المواقع الإخبارية يعمل بها صحافيون نقابيون، ومجلس النقابة يعبّر عن اتجاهات الجمعية العمومية ولا بد من وجود توافق على أيّ تعديلات تتعلق بالقيد.

وناقشت نقابة الصحافيين تشكيل لجنة متخصصة تعمل على إعداد مقترح بديل لمواد بعينها تخص المعاشات، وانضمام الصحافيين الإلكترونيين، وآليات انتخاب المجلس.

وأكد نقيب الصحافيين الأسبق يحيى قلاش أن تطورات مهنة الصحافة دفعت بقضية الصحافيين الإلكترونيين إلى الواجهة، والاستغراق في توصيفات الصحافة الإلكترونية والورقية عفا عليها الزمن، والأساس الآن يتعلق بالمحتوى المقدم للجمهور، وما إذا كان مهنيا من عدمه، ويأتي هنا دور نقابة الصحافيين لضمان حقوق وعلاقات العمل، على أن يكون ذلك محل توافق من غالبية الصحافيين.

وذكر قلاش في تصريح لـ”العرب” أن جميع الأطراف المعنية بتطور مهنة الصحافة عليهم أن يجتهدوا لإعادة تعريف الصحافي، والصحيفة التي يجب قيدها بجداول النقابة، والتأكد من أن المنضمين يحصلون على دخلهم المالي الوحيد من هذه المهنة، على أن يكون المحتوى المقدم إلى الجمهور هو الذي يضمن قبول الصحافي بجداول النقابة في ظل تعدد الوسائط الإعلامية، بعد أن قطعت النقابة شوطًا بشأن المرونة في التعامل مع مقدمي المحتوى، ويبقى أن يتم إقرار ذلك بشكل قانوني وباتفاق الجميع.

واقترح قلاش أن تتم إعادة النظر في لائحة القيد في النقابة بما يضمن تنظيم ضم الصحافيين العاملين بالمواقع الإلكترونية بطريقة لا تتطلب تعديلات على القانون الأساسي لعمل النقابة، عبر موافقة أعضاء الجمعية العمومية، لافتا إلى أن المخاوف من فقدان المكتسبات المرتبطة ببدل التكنولوجيا والتدريب ومكتسبات حرية الصحافة التي حددها القانون هي أمر تاريخي وليس جديدا، ولا تمنع أهمية إقرار الحقائق والتعامل مع مستقبل تطور المهنة، لأنها من ستنتصر في النهاية، محذراً من خطورة أن تتحول النقابة إلى جهة عمل بفعل بدل التدريب المادي الذي شوّه عملية القيد.

5