صحافيون أتراك يقودون حملة لإطلاق زملائهم المعتقلين

دائرة الخطوط الحمر المفروضة من النظام التركي تتسع لتشمل منع تغطية قضية اللاجئين على الحدود اليونانية.
الأربعاء 2020/03/18
موازين العدالة تخضع لأردوغان في تركيا

أثارت موجة اعتقالات الصحافيين الأتراك المتصاعدة في الآونة الأخيرة موجة غضب واسعة في الأوساط الإعلامية، فدشّن صحافيون حملة مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن مع زملائهم المعتقلين في السجون، والضغط على الحكومة لوضع حد لهذه الانتهاكات المتواصلة، إضافة إلى لفت انتباه الرأي العام لقضيتهم.

أنقرة - أطلق صحافيون أتراك حملة إلكترونية موسعة بعنوان “هل لديك علم؟”، للمطالبة بإطلاق سراح زملائهم المعتقلين في السجون، بعد أن اتسعت دائرة الخطوط الحمراء التي تفرضها السلطات على الصحافيين.

وتشمل حملة الصحافيين الاحتجاج على قمع الصحافة وحرية التعبير في تركيا؛ وأكدوا أن التضامن بين الصحافيين هو السبيل لإيقاف انتهاكات السلطة ضدهم، قائلين “سنكسر الأبواب الحديدية معا”.

وتداول الصحافيون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا خاصا بالحملة، يقولون فيه “إن ولاءنا لمهنتنا، التي أساسها نقل الحقيقة للجمهور وهي مهمتنا.. لن نصمت.. سنواصل العمل كصحافيين من أجل حق الجمهور في معرفة الحقائق، هل لديكم علم بأن الربيع سيحل من جديد على الوطن”.

ويشير الصحافيون في الفيديو إلى ارتفاع أعداد زملائهم المعتقلين إلى 91، قائلين “أبواب حديدية.. نوافذ صماء أغلقت من جديد على الصحافيين، بغض النظر عن المؤسسات التي يعملون لصالحها أو مواقفهم السياسية سنكسر تلك الأبواب الحديدية معا. لا تنسوا، لا يمكنكم منع الحقيقة من الوصول إلى الجمهور باعتقالنا”.

وإضافة إلى حملة الاعتقالات ضد الصحافيين في الآونة الأخيرة، يماطل القضاء التركي في الاستئناف على الأحكام الصادرة بحق 19 صحافيًا تركيًا بتهمة الانتماء لمنظمات إرهابية مسلحة (تتعلق بتغطية أحداث حول القضية الكردية)، رغم اقتراب نهاية مدة الأحكام الصادرة بحقهم، وفق ما ذكر موقع تركيا الآن.

وكان الصحافيون الـ19 قد اعتقلوا في مارس 2017، بحكم من محكمة الجنايات العليا الخامسة والعشرين في اسطنبول بسبب تورطهم في التنظيم الإعلامي لجماعة فتح الله غولن، وذلك في الجلسة التي عقدت في 8 مارس 2018.

وقدم مكتب المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا طلبا في 10 ديسمبر 2018 بشأن الملف المرسل إلى المحكمة العليا للفحص، وأوضح الموافقة على العقوبات وأرسل الملف إلى محكمة الجنايات العليا السادسة عشرة في 31 يناير 2019. ومع ذلك لم تتخذ المحكمة قرارًا بشأن الملف الذي ينتظره لأكثر من عام واحد.

وانتقد المحامي ماتاهان آريصوي القضاء التركي بسبب قضاء الصحافيين لفترة السجن المنصوص عليها بالأحكام بسبب تأخر صدور قرار الاستئناف على تلك الأحكام، وقال إن موكله عبدالله قيليج والصحافيين الثمانية الآخرين على وشك إكمال مدتهم وهي ستة أعوام وثلاثة أشهر في السجن.

القضاء التركي يماطل في استئناف الأحكام الصادرة بحق 19 صحافيا، رغم اقتراب نهاية فترة عقوباتهم

وأوضح المحامي أنه قدم منذ ثلاثة أشهر عريضة للمحكمة لمناقشة الملف وقال “لو لم يتخذ القضاء القرار بسرعة وإذا انتهت مدة حبس الصحافيين فلن يحصلوا على حريتهم أبدًا، وأنه بالإضافة إلى الظلم الذي شاهدوه في فترة المحاكمة، فسيتم إضافة فضيحة جديدة لم يكن لها مثيل من قبل”.

وذكر محام آخر لأحد الصحافيين المعتقلين، أنه وفقًا لما ينص عليه قانون مكافحة الإرهاب سيتم احتساب مدة حكم الأشخاص المحبوسين بنسبة ثلاثة أرباعها وليس ثلثها، وأنه وفقًا لهذا الحساب فإن المعتقلين الذين صدرت بحقهم أحكامً بالسجن 6 أعوام و3 أشهر، من المقرر أن تنتهي مدة حبسهم في الشهر السادس والخمسين. إلا أن معظم الصحافيين المحبوسين قضوا الكثير من العقوبة. والقضاء يعلم ذلك.

وشهدت حرية الصحافة في تركيا تراجعا حادا، خلال السنوات الأخيرة، وتحديدا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، وأصبحت البلاد أكبر سجن للصحافيين في العالم، حيث أصبحت الاعتقالات السابقة للمحاكمة لمدة عام والسجن لفترات طويلة من الحوادث الشائعة.

 وألقي القبض على الصحافي في موقع روادو الموالي للأكراد، روين ستيرك، والمصور محمد شيرين أكجون بتهمة “التصوير في معسكر للجيش” بسبب تغطيتهما للآلاف من اللاجئين على الحدود اليونانية بمقاطعة أدرنة في أقصى غرب تركيا.

ووجه نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري بالبرلمان التركي إينجين ألتاي، نداء إلى الرئيس التركي، بضرورة الإفراج عن الصحافيين الذين اعتقلوا بعد كشفهم مقتل جنود أتراك في ليبيا.

وطالب النائب ألتاي بإطلاق سراح الصحافيين وعدم إفساد موازين العدالة في تركيا، من خلال اعتقال صحافيين كانوا يعدون أخبارا وتقارير حقيقية عن أوضاع البلاد وتجاوزات أردوغان والتدخل التركي في ليبيا.

وجاءت مطالب ألتاي بعد اعتقال ما لا يقل عن ثمانية صحافيين، الأسبوع الماضي، لبثّ تقارير حول مقتل جنود أتراك في ليبيا. وسعت أنقرة للتضييق على هؤلاء الصحافيين ومتابعتهم بتهم تتعلق بنشر أخبار كاذبة أو حتى “التخابر” مع دول أجنبية.

وشملت الاعتقالات أيضا ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تداول أخبار عن فايروس كورونا، حيث أوقفت السلطات التركية 29 شخصا، بتهمة إثارة معلومات خاطئة عن فايروس كورونا، عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووفقا لما نقله موقع “سي.أن.أن” التركي، فإن شعبة مكافحة الجرائم الإلكترونية، التابعة لمديرية الأمن العامة، تمكنت من تحديد هوية 29 شخصا، عملوا على نشر معلومات لا صحّة لها عن فايروس كورونا في تركيا.

وتناقل الموقوفون معلومات على شكل تسجيلات صوتية وصور نشروها على وسائل التواصل الاجتماعي، قالوا خلالها إنّ العاملين في الحقل الصحي لم يتخذوا الإجراءات والتدابير اللازمة، وإنّه يتم إخفاء الحقائق عن الشعب.

وتمّ إيقاف الناشطين، بتهمة إثارة الذعر لدى المواطنين، وزرع الرعب في قلوبهم، ووضع المؤسسات المعنية والمسؤولين تحت الشبهات.

وتحلّ تركيا في المرتبة الـ157 من أصل 180 في تصنيف حرية الصحافة الذي تنشره منظمة “مراسلون بلا حدود”.

18