شهادة ابنة خيرت الشاطر أمام النيابة المصرية تترجم انقسام الإخوان

ابنة القيادي البارز في جماعة الإخوان تنكر انضمامها إلى جماعة الإخوان.
الخميس 2021/11/18
التقية السياسية لم تعد تنطلي على أحد

القاهرة - مضت عائشة خيرت الشاطر على نفس طريق الذي سلكه شيوخ السلفيين الذين نفوا صلتهم بالأفكار المتشددة التي روّجوا لها، فقد تبرأت ابنة القيادي البارز في جماعة الإخوان من الانضمام إلى التنظيم من دون أن يعبّر موقفها عن مراجعة يمكن أن تشكل خروجًا عن مبادئ الجماعة، وهو أمر وصفه متخصصون في شؤون الحركات الإسلامية بأنه مراوغة تتماشى مع حالة التفكك التي ضربت الجماعة.

وأنكرت عائشة الشاطر في أقوالها أمام النيابة العامة الأحد انضمامها إلى جماعة الإخوان، وحاولت تبرئة والدتها وأشقائها من الانضمام إليها، واعتبرت مشاركتهم في مظاهرات ميدان رابعة العدوية بالقاهرة وما تلاها كانت بسبب التعاطف مع المتوفيين في أحداث الاتحادية (مقر الحكم في مصر)، والمطالبة بالإفراج عن محبوسين، وعلى رأسهم والدها خيرت الشاطر.

وتنتظر ابنة الشاطر إلى جانب 20 آخرين على رأسهم المرشح الرئاسي الأسبق عبدالمنعم أبوالفتوح وابنه أحمد والناشط محمد القصاص وقيادات في جماعة الإخوان، بعضها هارب، والمذيع بشبكة الجزيرة أحمد طه القاضي، جلسة جديدة من محاكمتهم في القضية التي تحمل رقم 440 لسنة 2018 بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية والتخطيط لإسقاط الدولة في الرابع والعشرين من نوفمبر الجاري.

عمرو عبدالمنعم: ابنة الشاطر لم تقترب من مفاهيم المراجعات المطلوبة
عمرو عبدالمنعم: ابنة الشاطر لم تقترب من مفاهيم المراجعات المطلوبة

ولعبت ابنة الشاطر دوراً في تنظيم صفوف شباب الإخوان بعد الإطاحة بحكم الجماعة في الثالث من يوليو 2013 وتواجه اتهامات بالتنسيق بين قادة الجماعة في السجون وبين كوادر هاربة قبل إلقاء القبض عليها في نوفمبر 2018، وتعد أبرز العضوات داخل التنظيم بما لديها من شعبية في صفوف الشباب وأطلقوا عليها “مرشد الشباب” كدلالة على نشاطها التنظيمي.

وتعد مسألة الإنكار للانتماء إلى الجماعة المصنفة إرهابيًا في مصر وبعض الدول العربية أمراً متكرراً بالنسبة إلى قادتها الذين يخشون تطبيق أحكام تصل إلى السجن خمسة عشر عامًا، وأن إقدام بعض القيادات إظهار قوتهم ومحاولة التأكيد على مشاركتهم بفاعلية في أنشطة الجماعة في وقت سابق جاء انطلاقاً من أنهم سوف ينتصرون في معركتهم مع الدولة المصرية قبل أن يتيقنوا لاحقا من عدم قدرتهم على العودة مجدداً.

وعبرت عائشة بشكل علني عن موقف والدها وبعض قطاعات الجماعة المحسوبة على التنظيم السري بشأن قيادة الرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي، وقالت إنه لم ينجح في إدارة شؤون البلاد خلال فترة حكمه ووصفت أداءه السياسي بـ”الضعيف”.

وأضافت أنه فشل في احتواء المواطنين وفهم متطلباتهم، وأرجعت الأمر إلى عدم اقتناع الناس به وأن خطاباته أخفقت في الوصول إلى عامة الشعب ولم تكن مناسبة، ورأت وفق ما قالته في التحقيقات الخاصة بالقضية أن مرسي كان يجب عليه الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة والتنازل عن الحكم.

وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو عبدالمنعم إن ابنة الشاطر لم تقترب من مفاهيم المراجعات المطلوبة باعتبار أن والدها على رأس لائحة التنظيم السري للجماعة، وكلماتها جاءت معبرة عن موقف التنظيم الذي بدأ يرفض، بأثر رجعي، بعض ممارسات الرئيس الراحل التي أثّرت سلبًا على أدائه.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن موقف مجموعة خيرت الشاطر الرافضة لأداء مرسي جاء نتيجة رغبتهم في السيطرة بشكل كامل على مؤسسة الرئاسة بعد أن نجحوا في وضع قيادات تابعة للتنظيم السري في مواقع رئاسية مهمة عمدت على تطويعه.

منير أديب: الجماعة تخلت عن أسلوب التحدي في مواجهة الدولة المصرية
منير أديب: الجماعة تخلت عن أسلوب التحدي في مواجهة الدولة المصرية

واعترفت الشاطر أن قوات الشرطة المصرية وفرت ممرات آمنة للساعين للخروج من اعتصام رابعة العدوية في أثناء عملية فضه في الرابع عشر من أغسطس 2013، وأنها خرجت من الاعتصام عبر تلك الممرات.

ووجهت النيابة العامة للمتهمين في القضية التي تضم ابنة الشاطر، تهما مثل قيادة جماعة إرهابية الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والانضمام إلى الجماعة الإرهابية مع علمهم بأهدافها ووسائلها في تحقيق تلك الأغراض وتمويلها بالأموال واستخدام مواقع إلكترونية بغرض الترويج لأفكار داعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية.

وأوضح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب لـ”العرب” أن الجماعة تخلت عن أسلوب التحدي الذي تبنته خلال السنوات الماضية في مواجهة الدولة المصرية، وفي ذلك الحين كانت هناك رغبة في إرسال إشارات سياسية للمؤيدين والأتباع في الخارج بقوة الجماعة وصمودها في وجه الضربات التي تلقتها، غير أن الوضع اختلف الآن وبدا أن هناك رغبة في استخدام أساليب مراوغة وجس النبض.

وأشار إلى أن مشهد عائشة خيرت الشاطر أمام النيابة ينذر بإمكانية تبرؤ مرشد الجماعة من الانتماء إلى التنظيم مستقبلاً، وهو أمر غير مستغرب بالنسبة إلى جماعة اعتادت استخدام التقية السياسية، وتعطي الحق لنفسها للأقدام على هذه الممارسات للهروب من العقاب، لأن الجماعة تعاني حالة من التفكك والانقسامات التي تجعل هناك عدم قدرة على اتخاذ مواقف موحدة في الوقت الحالي.

ويعتبر متابعون أن تبرؤ إحدى أبرز عضوات الجماعة من الانتماء إلى التنظيم لا يؤثر داخليًا بقدر تأثيره على صورة الجماعة سياسيا في الخارج، لأن التنظيم يعاني بالفعل من حالة انهيار داخلية.

ويشير هؤلاء إلى أن اعترافات ابنة خيرت الشاطر احتوت على رسائل تستهدف لملمة صفوف الجماعة ومحاولة تضييق حجم الهوة بين التيارين المتنازعين، حيث يقود القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير تيارا، ويقود الثاني أمين عام التنظيم محمود حسين، وقد وصلا إلى قناعة بضرورة التراجع خطوات إلى الخلف، معتقدين أن هناك إمكانية للتقارب مع الدولة المصرية بمستويات محددة بعد التقارب السياسي بين القاهرة وأنقرة مؤخرا.

2