شمسة حمد العبد الظاهري تكرس مؤلفاتها لتوثيق التراث الإماراتي

كاتبة وباحثة تحفر في التاريخ والتراث عبر سلسلة من الكتب.
الثلاثاء 2024/01/23
التراث الإماراتي مادة كتابة خصبة

تتميز الإمارات باهتمامها الكبير بتراثها والتراث العربي ككل، وهو ما حفز ظهور أجيال متتالية من الباحثين في التراث، قدموا قراءات وبحوثا ساهمت في كشف العديد من خفايا التاريخ، على ما يوفره ذلك من أهمية بالغة اليوم. ومن هؤلاء الكاتبة والباحثة الإماراتية شمسة حمد العبد الظاهري.

تتعدد مؤلفات الباحثة الإماراتية شمسة حمد العبد الظاهري في مجال التاريخ والتراث، وتتواصل جهودها في توثيق التراث الإماراتي، وتسليط الضوء على مواضع وشخصيات وموضوعات مهمة تتعلق بتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي كل مقالاتها ومؤلفاتها تبرز مهنية الظاهري ويتضح إيمانها بالتراث وقضاياه، وحرصها على المشاركة في الجهود الإماراتية المتواصلة والهادفة إلى صون التراث وتوثيقه ونقله إلى الأجيال.

بحوث تراثية وتاريخية

تأتي جهود شمسة حمد العبد الظاهري، باعتبارها باحثة ومؤلفة إلى جانب دورها بصفتها رئيسة تحرير مجلة “تراث”، لتؤكد لنا على أننا بصدد باحثة ومؤلفة غزيرة الإنتاج، تغوص في عالم المخطوطات ودنيا الموروث الثقافي والاجتماعي والمصادر التاريخية، لتقدم للقارئ وجبة دسمة تغطي جُل ما يتعلق بتاريخ وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقد تنوعت بحوث ومؤلفات الظاهري، والتي نستعرض بعضا منها من خلال هذا المقال، إذ غطت جوانب مهمة من تراث وتاريخ الإمارات، وجاءت تلك البحوث والمؤلفات ثرية وذات قيمة جعلت من الباحثة اسما بارزا يتصدر قائمة الساهرين على حراسة التراث الإماراتي.

باحثة ومؤلفة غزيرة الإنتاج، تغوص في عالم المخطوطات والموروث الثقافي والاجتماعي لتقدم للقارئ وجبة دسمة

كما جاءت البحوث والمؤلفات التي أتيحت لنا متابعتها لتقدم إضافات مهمة للمكتبة الإماراتية والعربية في مجالي التراث والتاريخ الإماراتي.

وقد تضمنت قائمة بحوث ومؤلفات الظاهري، التي صدر معظمها عن نادي تراث الإمارات، العديد من العناوين، مثل “محطات في تاريخ وتراث أبوظبي” و”العين مدينة التاريخ والحضارة” و”الطريق إلى صناعة نفط أبوظبي” و”ليوا عبر التاريخ” و”الخيل موروث وحضارة في دولة الإمارات العربية المتحدة” و”الأسلحة التقليدية في دولة الإمارات العربية المتحدة” و”شخصيات من أسرة آل نهيان” و”أبوظبي.. دراسات في التاريخ الإجتماعي 1820 – 1971” و”إمارات الساحل المتصالح 1900 – 1971: رؤية وثائقية من أرشيف الوثائق البريطانية”، وغير ذلك من البحوث والمؤلفات.

في كتابها “العين.. تاريخ وحضارة”، والذي جاء في 675 صفحة، تناولت الباحثة موقع مدينة العين وعراقتها وتاريخها القديم، ومسمياتها بجانب المتاحف والقلع والحصون.

كما استعرضت الحياة الاقتصادية لسكان المدينة، وكذلك الأفلاج وأهم المواقع التراثية الزراعية.

وتناولت أيضا الحياة الاجتماعية التي عاشها السكان وكيف كان يهرب أبناء الساحل إلى العين من شدة حر الطقس، كما تطرقت إلى موضوعات أخرى.

وقدمت فصلا تناولت فيه “العين في الكتابات الأدبية”، وجسّد فيه الكُتاب مشاعرهم تجاه جبل حفيت والحالة التي يمتلكها الجبل عند سكان العين.

كتب تقدم إضافات مهمة للمكتبة الإماراتية والعربية في مجالي التراث والتاريخ الإماراتي
كتب تقدم إضافات مهمة للمكتبة الإماراتية والعربية في مجالي التراث والتاريخ الإماراتي

وفي كتابها “الخيل موروث وحضارة”، والذي جاء في 154 صفحة، أضاءت الظاهري على اهتمام نادي تراث الإمارات بالرموز التراثية الأصيلة ويأتي على رأسها الخيل العربي الذي يحتل جزءاً رئيسياً من موروث البلاد والحضارة الإماراتية التي هي امتداد للحضارة العربية.

واستعرضت سباقات الخيل في التراث العربي، والخيل في الموروث الثقافي، وعرضت بعض النماذج من السباقات التاريخية في دولة الإمارات، وخيل قوة ساحل عمان، بالإضافة إلى فصول أخرى متعددة.

أما في كتابها “الأسلحة التقليدية في دولة الإمارات”، والذي جاء في 104 صفحات، فقد وضّحت لنا الظاهري ما احتلته الأسلحة التقليدية من أهمية في الثقافة الإماراتية، وكيف ارتبطت في المخيال الشعبي بأنها رمز الشجاعة والشهامة والرجولة.

ولفتت عبر صفحات كتابها إلى أنه بالرغم من أن الغاية الأولى من الأسلحة هي الدفاع عن الحياة والذود عن الحياض وحفظ الكرامة والحماية من الأخطار المحدقة، إلا أنها استخدمت لغايات أخرى كالصيد والزينة أو استعمالها تحفة للعرض ووفق إستراتيجية دولة الإمارات لصون التراث الثقافي المادي وغير المادي.

وفي هذا الكتاب سعت الظاهري إلى توثيق جانب مهم من التراث المادي حيث شملت موضوعاته رحلة السلاح عبر العصور والقصص والأحاديث التي دارت حولها.

تاريخ أبوظبي

تراث عريق بروح مُتجدّدة
تراث عريق بروح مُتجدّدة

في كتابها “محطات في تاريخ وتراث أبوظبي”، والذي جاء في 285 صفحة، كشفت لنا الظاهري عن كينونة أبناء “المجتمع الظبياني”، وتطور اتجاهاتهم وأحوالهم الاجتماعية ونسيج العلاقات فيما بينهم والتي تتجاذبها أفكار وآراء متنوعة، كما صورت لنا جوانب من الحياة الاقتصادية والاجتماعية كتوجه السكان نحو الفضاء منذ ستينات القرن الماضي، وكيف ذهلوا من برامج الرحلات الفضائية مثل أبولو.

واستعرضت لنا ظواهر العمران التي فرضت على جهات التخطيط والتنفيذ إنشاء مصانع تخدم النهضة العمرانية وتلبي الاحتياجات المتنامية للبناء والصناعة.

وتحدثت عن بعض نساء أبوظبي في المرويات الشفاهية، وعن الرحلات المثيرة التي قام بها الأجانب في قلب الإمارة كرحلة الروائي الإنجليزي هاموند إنز إلى واحات العين عام 1959.

وفي كتابها “أبوظبي، دراسات في التاريخ الاجتماعي 1820 – 1971”، والذي جاء في 264 صفحة، قدمت لنا الظاهري مجموعة من المباحث التي تناولت في مجملها جوانب تاريخية مهمة، سياسية واجتماعية واقتصادية، عاشها أبناء أبوظبي في فترة ما قبل الاتحاد.

كما رصدت لنا محطات تطور السياسة البريطانية في منطقة الخليج خلال القرن التاسع عشر، والدور الكبير الذي لعبته إمارة أبوظبي مع الإمارات الأخرى في تلك الفترة، وكيف ازداد ثقل أبوظبي بفضل هذا الدور، وهو الدور الذي وصفته المؤلفة بالمهم والتاريخي.

مؤلفات الباحثة الإماراتية شمسة حمد العبد الظاهري تتعدد في مجال التاريخ والتراث، وتتواصل جهودها في توثيق التراث الإماراتي

وروت لنا الباحثة والكاتبة شمسة حمد العبد الظاهري، من خلال صفحات كتابها، تفاصيل ما حدث في أواخر القرن التاسع عشر عندما أصبح استخراج اللؤلؤ مصدراً للدخل ومنح الإمارة القاحلة الازدهار، حيث شاءت الطبيعة أن تمنح أبوظبي في منتصف القرن العشرين السخاء من جديد وبدأ اسمها يلمع وأخذت الأنظار تتجه إليها منذ اكتشاف البترول حتى احتلت في سنوات قليلة مكانة مرموقة في عالم السياسة والمال، وقامت بدور بارز في الأحداث العربية والدولية جنباً إلى جنب مع الإمارات الأخرى.

الكتاب الذي قدمت فيه المؤلفة أحد عشر مبحثا غطت جوانب مختلفة من تاريخ أبوظبي، استعرض لنا النقلة التاريخية لأبوظبي من مدينة ناشئة إلى مدينة بارزة تمت على يدي الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، بعد توليه مقاليد الحكم عام 1966 ثم قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 واختيار أبوظبي عاصمة لها، وهذه كانت ذروة مرحلة من التغيرات التاريخية.

وفي كتابها “الطريق إلى صناعة نفط أبوظبي”، والذي جاء في 407 صفحات، تناولت الظاهري موضوعات مختلفة عن اتفاقيات وامتيازات النفط الأولى في إمارات الخليج العربي، وعن رجل التعدين البريطاني الرائد هولمز الذي دخلت من خلاله شركات النفط الأميركية إلى منطقة الخليج العربي، وعن رائد النهضة النفطية في أبوظبي الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان (تولى حكم إمارة أبوظبي من 1928 حتى 1966) الذي أصبح مجتمع أبوظبي على يديه أكثر حيوية.

كما استعرضت النواحي القانونية المتعلقة بالتنقيب عن النفط والمفاوضات التي جرت بين الحاكم وممثلي الشركات.

وعرضت لتاريخ تأسيس شركة بترول أبوظبي الوطنية للتوزيع، وروت ذكريات ومشاهد من برنامج “الذهب الأسود”.

واختتمت كتابها بنشر مذكرات المهندس المشرف على عملية إنتاج أول نفط من حقلي “عصب” و”سهيل” وهو السيد هيرد بي، الذي قدم مذكراته كعربون صداقة وإخلاص للكثيرين ممن عملوا معه في إمارة أبوظبي.

12