شكو ماكو

هل يمكن أن تنتحر الروبوتات؟ الجواب حتى هذه اللحظة هو النفي.
الذكاء الاصطناعي لا يمتلك مشاعر بشرية، كل ما يقوم به هو تقديم استجابات تبدو متعاطفة وودودة. ولكن ليس هذا ما يعتقد الكوريون الجنوبيون. ولهذا السبب لم أتعامل مع خبر يقول إن السلطات في كوريا الجنوبية تجري تحقيقا في “انتحار” روبوت، بخفة، بل بمنتهى الجدية.
الروبوت الذي يعمل موظفا حكوميا شوهد آخر مرة يدور حول نفسه كما لو كان شيئا ما يقلقه. لكن السبب الدقيق للانتحار
لايزال قيد التحقيق كما أكدت سلطات المدينة التي شهدت حادث الانتحار.
الكوريون مهووسون بالتكنولوجيا وبلادهم تتمتع بأعلى كثافة للروبوتات، ويقال أن هناك روبوت واحد لكل عشرة موظفين. لكن هل هذا يكفي ليكون سببا لإعلان الحداد على الروبوت، وهو ما قام به سكان المنطقة.
بعض العناوين في وسائل الإعلام المحلية شككت في حادث انتحار الروبوت وتساءلت: “لماذا يقدم موظف مدني مجتهد (تقصد الروبوت) على الانتحار؟”.
ورغم الأصوات المشككة هناك من طلب للروبوت المنتحر الرحمة والسلام قائلا: “أدعو الله أن ترقد الخردة المعدنية في سلام”.
وكان الروبوت قد التحق في أغسطس 2023 بوظيفته وأصدرت له بطاقة خدمة مدنية خاصة به.
وعلى عكس الروبوتات التي يمكنها عادةً التجول في طابق واحد فقط، كان بإمكان المرحوم، الذي اعتاد العمل من الساعة 9 صباحا حتى السادسة مساء، استدعاء المصعد واختيار الطوابق.
ويكفي لمعرفة الدور الهام الذي تلعبه الروبوتات في حياة الكوريين أن نعلم أن هناك أكثر من خمسة آلاف روبوت تعمل في المطاعم الكورية وحدها.
واشتهرت كوريا الجنوبية، إلى جانب جارتها الشرقية اليابان، على مدى سنوات بتوظيفها معلمين وعمّال مصانع وأطقم خدمات آليين، ليشكلوا معا قوى عاملة مستقبلية تعمل بشكل مستقل وتؤدي وظائف كانت حكرا حتى وقت قريب على البشر.
وقبل أن نسارع لنستنتج أن خبر الانتحار مجرد مزحة، يجب أن نعلم أن كثيرا من الكوريين يتبعون العقيدة الشامانية التي يؤمن أتباعها بتقمص الأرواح، وليس غريباً أن ترى طائراً وتعتقد أنه يتقمص روح عمك المتوفى، أو آلة موسيقية تحمل بداخلها روحا مقدسة.
ببساطة، الكوريون يعتقدون أن أي نوع سواء كان طبيعياً أو صناعياً، يمكن أن يحمل في داخله روحاً أو قوى خارقة تفوق فهم الإنسان، لذلك فإن فكرة وجود شيء غير بشري، مثل الروبوت، يتبنى صفات الإنسان ليست أمرا مستغربا.
القصة أعادتني إلى حكاية كنا نتداولها من باب التندر، يوم كان الحديث عن الروبوتات يقتصر على روايات الخيال العلمي. تتحدث الحكاية عن روبوت يمكنه الإجابة عن أي سؤال يطرح عليه، وعن رجل تحدى الجميع أن بإمكانه أن يتوجه إليه بسؤال يعجز عن الإجابة عليه.
اقترب الرجل من الروبوت وهمس بأذنه بضع كلمات.. وأمام دهشة الجميع واستغرابهم اهتز الروبوت وارتجف ثم انفجر.
توجه الموجودون إلى الرجل وسألوه أن يخبرهم ماذا همس بإذن الروبوت، فقال سألته: شكو ماكو؟
توجهت من باب الفضول بنفس السؤال إلى روبوت الدردشة كوبايلت.. لم يرتجف الروبوت ولم يهتز بل أجابني بهدوء أن “شكو ماكو” عبارة عراقية تعني “كيف حالك؟”