شكوك الرياض في سلميّة النووي الإيراني تعيق تقدّم حوارها مع طهران

الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران بدأت عملية التخصيب المتعلّقة بإنتاج المعدن في خطوة قد تسهم في تطوير سلاح نووي.
السبت 2021/07/10
النووي ليس مثار القلق الوحيد في المنطقة.. الصواريخ أيضا

الرياض - يُلقي تشدّد إيران في التمسّك بتطوير برنامجها النووي ورفضها القيود التي يسعى المجتمع الدولي لفرضها على ذلك البرنامج بظلال متزايدة من الشكوك في إمكانية استكمال مسار التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية، وتحقيق الحوار الاستكشافي الذي انطلق مؤخّرا بين الطرفين نتائج ملموسة تفضي إلى فتح باب المصالحة بين الجارتين الغريمتين.

ويرى مراقبون أنّ السعودية رغم ما لاح خلال الأشهر الأخيرة من بوادر لين نسبي في الموقف من إيران والقبول بمبدأ الحوار معها، ليست بوارد التسليم تحت أي ظرف ببرنامج نووي إيراني تشكّك الرياض في سلميته وتتضاعف خطورته بالنسبة إليها عندما يضاف إلى برنامج إيران للصواريخ الباليستية.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية السعودية إنّ المملكة “تشعر ببالغ القلق” بسبب زيادة الأنشطة النووية الإيرانية التي تهدّد الأمن في المنطقة، وذلك بعدما بدأت طهران بإنتاج معدن يورانيوم مخصب.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قد قالت الثلاثاء إن إيران بدأت عملية التخصيب المتعلّقة بإنتاج المعدن في خطوة قد تسهم في تطوير سلاح نووي وقوبلت بانتقاد من الولايات المتحدة وقوى أوروبية، فيما قالت إيران إن خطواتها تهدف إلى صنع وقود لمفاعل أبحاث وليس إنتاج سلاح نووي.

قلق سعودي من تطوير إيران لقدرات نووية لا تتّسق مع الاستخدامات السلمية بما فيها صنع وقود معدني لمفاعل أبحاث

وترى واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون هذه الخطوة تهديدا لمحادثات إحياء اتفاق 2015 النووي الذي قيّد أنشطة إيران النووية مقابل رفع العقوبات الدولية على طهران.

وقال المسؤول السعودي ردا على طلب من وكالة رويترز بالتعقيب إنّ الرياض “تشعر ببالغ القلق إزاء زيادة وتيرة أنشطة إيران النووية وتطوير قدرات تصنيع ذات كفاءة عالية لأغراض لا تتسق مع الاستخدامات السلمية بما فيها رفع مستوى التخصيب وصولا إلى نسبة 60 في المئة وسعيها إلى إنتاج وقود معدني لمفاعل الأبحاث بتخصيب يصل إلى 20 في المئة”.

وأضاف أن هذه الأنشطة “تمثل تهديدا متصاعدا لأمن المنطقة ومنظومة عدم الانتشار وتعرقل مساعي الحوار والمفاوضات للوصول إلى اتفاق نووي شامل يضمن الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي”.

وتجري القوى العالمية محادثات مع طهران منذ مطلع أبريل الماضي لإحياء اتفاق 2015. وانسحبت واشنطن من الاتفاق في 2018 وردت إيران على ذلك بانتهاك قيوده تدريجيا.

وذكرت الولايات المتحدة الأربعاء أنها تتوقع إجراء جولة سابعة من المحادثات غير مباشرة مع إيران “في الوقت المناسب” دون أن تحدد موعدا.

وسبق وأن دعت السعودية إلى إبرام اتفاق أقوى لفترة أطول يراعي أيضا مخاوف الخليج بشأن برنامج الصواريخ في إيران ودعمها لجماعات تحارب بالوكالة في أنحاء المنطقة.

وقطعت السعودية وإيران العلاقات بينهما في 2016، لكنّ الرياض أعلنت في مايو الماضي عن بدء حوار مع إيران بهدف استكشاف مزاج غريمتها الألدّ في المنطقة، بعيدا عن أي آمال مبالغ بها بشأن حدوث تغييرات في سياساتها الخارجية التي لطالما انتقدتها الرياض معتبرة أنّها مبعث عدم استقرار في الإقليم، وسببا لتوتّر العلاقة معها.

والمناقشات التي بدأت أوائل أبريل الماضي بتسهيل من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بقيت سرّية إلى أن ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أنّ اجتماعا أوّل عُقِد في بغداد. وأكّدت الحكومة الإيرانية ذلك لاحقا كما أقّر الرئيس العراقي برهم صالح باحتضان بلاده لجولات منها.

الولايات المتحدة ذكرت أنها تتوقع إجراء جولة سابعة من المحادثات غير مباشرة مع إيران “في الوقت المناسب” دون أن تحدد موعدا

وينخرط البلدان في صراعات إقليميّة ويدعمان قوى متعارضة لاسيما في سوريا واليمن. وتتابع السعوديّة الملف النووي والباليستي الإيراني عن كثب نظرا لما يشكّلانه من خطر مباشر على أمنها.

وفي نهاية أبريل الماضي تبنّى وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نبرة تصالحيّة تجاه إيران، قائلا إنّه يأمل في إقامة علاقات جيّدة معها، وهي تصريحات رحّبت بها طهران.

ويقول متابعون لشؤون منطقة الخليج إنّ السعودية تفصّل التطوّر الحذر في موقفها من الحوار مع إيران على مقاس مصلحتها وفي ضوء التطورات الجارية في المنطقة والإقليم، ولاسيما تغيّر الموقف الأميركي في عهد إدارة الرئيس جو بايدن من إيران نحو درجة من التساهل معها قياسا بالموقف الذي كان قائما في إدارة سلفه دونالد ترامب التي سلكت طريق الضغوط القصوى على طهران.

وتريد الرياض التعامل بمرونة مع التطوّرات ومحاولة الاستفادة منها قدر الإمكان، وفي أدنى الحالات الحدّ من تأثيراتها غير المرغوب فيها.

وتحرص المملكة خلال تقاربها بخطوات محسوبة مع إيران على إبقاء هامش المناورة والتراجع واسعا أمامها، آخذة في الاعتبار عدم تراجع الإيرانيين عن سياساتهم الإقليمية غير الملائمة لاستقرار المنطقة وأمنها.

لكنّ الإشكال بحسب المراقبين أن إيران لا تبدو رغم رغبتها المعلنة في محاورة السعودية مستعدة للتفريط بنفوذها الذي بنته بطرق غير مشروعة في عدد من بلدان المنطقة القريبة من المملكة وبالاعتماد على وكلاء محليّين من أحزاب سياسية وميليشيات مسلّحة تلعب دورا بالغ السلبية في منع استقرار بلدان مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما لا تبدو في وارد التخلي عن برامجها النووي والصاروخي.

وتعبيرا على انخفاض سقف التوقّعات السعودية من الحوار مع إيران  قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في وقت سابق إنّ السياسة الخارجيّة الإيرانية يُقرّرها المرشد الأعلى علي خامنئي، مضيفا "دور المرشد الأعلى أساسي، ولذلك لا نعتقد أنّه سيكون هناك أيّ تغيير جوهري في سياسة إيران الخارجيّة".

3