"شعب الله المختار".. النشيد الإسرائيلي يثير جدلا عربيا

الترجمة المنشورة للنشيد الإسرائيلي تتضمن بالعربية مقاطع غير موجودة في النصّ الأصلي العبريّ الذي لا يحتوي على عبارات الكراهية تجاه شعوب المنطقة.
الجمعة 2020/02/21
نشيد يتوعد بإراقة دماء العرب

بيروت- يتداول عشرات الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية أبيات شعر تنمّ عن عداء وعنف تجاه شعوب الشرق الأوسط، على أنها ترجمة عربية لكلمات النشيد الإسرائيلي، لكن هذه الترجمة غير صحيحة، إذ أن النشيد الإسرائيلي الذي يتحدّث عن “العودة إلى إسرائيل” بعد انتظار ألفي عام، لا ينطوي على عبارات كراهية للشعوب المجاورة.

ويتضمن النشيد المتداول كلاما باللغة العبريّة، يرافقه نص يٌفترض أنه الترجمة إلى اللغة العربية، وفيه “ليرتعد من هو عدوّ لنا، ليرتعد كلّ سكان مصر وكنعان، ليرتعد سكان بابل ليخيّم على سمائهم الذعر والرعب منّا حين نغرس رماحنا في صدورهم ونرى دماءهم تراق ورؤوسهم مقطوعة وعندئذ نكون شعب الله المختار حيث أراد”.

وجاء في المنشورات التي أوردت هذه الترجمة “لماذا لا يتم شرح النشيد الوطني الإسرائيلي لأولادنا في المدارس العربية وفي بلاد المسلمين كنوع من الثقافة والعلم بالشيء خير من الجهل به لكي يعلم كلّ عربي ومسلم من هو عدوه”.

وعلى تويتر تنشط حسابات كثيرة لإسرائيليين يغردون بالعربية. وكتب مغرد إسرائيلي:

MerlinOhad@

هذا هو أسلوبهم بكل شيء: يخترعون بيت شعر عنيفا يدّعون أنه النشيد الإسرائيلي، ويعتمدون على بروتوكولات حكماء صهيون المفبركة، ويبدعون تفاسير سخيفة لشكلية تصميم علم إسرائيل… يا ترى مع من نتعامل كل هذه السنوات؟

ونشر حساب إسرائيل بالعربية على تويتر تغريدة جاء فيها:

وظهرت هذه المنشورات على فيسبوك في ديسمبر 2014. وتكون مثل هذه المنشورات سهلة التصديق على مستخدمي مواقع التواصل العرب، على ضوء التاريخ الطويل والدامي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي منذ قيام دولة إسرائيل وما رافقها من تهجير أكثر من 760 ألف فلسطيني وتدمير نحو 400 من قراهم، إضافة إلى احتلال أراض في سيناء المصرية والجولان السوري والجنوب اللبناني، وصولا إلى حروب عربية إسرائيلية وعمليات عسكرية واسعة في قطاع غزة ولبنان.

في عام 2014 بالتحديد، شنت إسرائيل على قطاع غزة الذي تحاصره منذ حوالي 13 عاما، عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “الجرف الصامد” بهدف معلن هو وقف إطلاق الصواريخ من القطاع وتدمير أنفاق حفرت انطلاقا منه. وسقط في تلك العملية بين شهري يوليو وأغسطس 2552 قتيلا فلسطينيا معظمهم من المدنيين، و74 إسرائيليا كلّهم تقريبا جنود.

لكن الترجمة المنشورة للنشيد الإسرائيلي ليست صحيحة، بل تتضمن بالعربية مقاطع غير موجودة في النصّ الأصلي العبريّ.

فهذا النشيد، وعنوانه “الأمل”، مقتبس من كلمات كتبها الشاعر نفتالي هيرتس إيمبر في أواخر القرن التاسع عشر وتم اعتمادها في ثلاثينات القرن الماضي نشيدا للحركة الصهيونية. تتحدّث القصيدة عن معاناة اليهود عبر التاريخ، وحلم إقامة دولة لهم في “بلاد صهيون وأورشليم”. لكنها لا تتضمّن أي عبارات كراهية تجاه شعوب المنطقة.

ويقول النص العبري للنشيد بحسب ترجمة إلى العربية “طالما كان في القلب، داخلنا روح يهودية مازالت تتحرق شوقا وما دام صوب نهاية الشرق عين مازالت تتطلّع نحو صهيون فأملنا لم ينته بعد أمل الألفي عام أن نصبح أحرارا في أرضنا أرض صهيون وأورشليم”.

جاء في المنشورات التي أوردت الترجمة “لماذا لا يتم شرح النشيد الوطني الإسرائيلي لأولادنا في المدارس العربية وفي بلاد المسلمين كنوع من الثقافة والعلم بالشيء"

وهذه الترجمة مطابقة للنص العبري الوارد في المنشور الذي جرى التدقيق في صحّته، كما أنها مطابقة لترجمتين للنشيد وردتا في مقطعين على موقع يوتيوب.

ويذكر أن إسرائيل تخطو خطوات غير مسبوقة في طريق “الدبلوماسية الرقمية” وقد استطاعت الوصول إلى الشباب العرب على الشبكات الاجتماعية في مسعى للتأثير في الرأي العام.

ويقول يوناتان جونين، رئيس قسم الدبلوماسية الرقمية باللغة العربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية، “يعيش في الشرق الأوسط 250 مليون مواطن عربي، من بينهم 145 مليونا يستخدمون الإنترنت، ويستخدم 80 مليونا منهم فيسبوك”.

وأكد حسن كعبية، الناطق بلسان وزارة الخارجية باللغة العربية، “لا يعرف الناس في العالم العربي إسرائيل. فهم يعبّرون عن رأي سلبي تجاهها تلقائيا، دون أن يعرفوا حقائق عنها، وكل ما يرونه في الإعلام هو الجنود، المستوطنون، وتعابير الكراهية. نحاول عرض صورة أعمق، تعكس مجتمعا إسرائيليا بأكمله وتظهر
حسناته”.

19