شركة الفوسفات تدعم جهود مقاومة الفقر المائي في المغرب

أكد خبراء أن تعويل المغرب على إحدى أبرز الشركات المملوكة للدولة في تنفيذ مشاريع مائية للتخفيف من حدة النقص في توفير هذا المورد بسبب الجفاف، يشكل نقطة مفصلية في إستراتيجية تمتد حتى العام 2027 ضمن البرنامج الاستثماري الأخضر الطموح.
الرباط - يواجه المغرب معركة مفصلية في طريق تجسيد خطط توفير المياه من مشاريع التحلية عبر دفع مبادرة تكون فيها شركة الفوسفات (أو.سي.بي) عنصرا أساسيا في ترجمة إستراتيجية مقاومة الإجهاد المائي في البلاد جراء الاحتباس الحراري.
وتكتسب مشاريع التحلية أهمية متزايدة في منطقة المغرب العربي، وخاصة تونس والجزائر، حيث ينحسر تساقط الأمطار، مما ألقى بظلاله على أهمية توفير هذا المورد من مصادر بديلة.
وتشكو العديد من جهات البلاد من نقص كبير في الماء الصالح للشرب نتيجة جفاف السدود التي كانت الرباط تعتمد عليها بشكل رئيسي لتغطية حاجة السكان في فترات احتباس الأمطار وأيضا في عمليات الزراعة.
وفي ظل استمرار موجات الجفاف التي تضرب البلاد منذ ست سنوات متتالية، اضطرت الحكومة إلى تبني تقنيات تحلية مياه البحر لتأمين المياه الصالحة للشرب للسكان.
وحالة الإجهاد المائي دفعت أو.سي.بي إلى تسريع وضع البرنامج الاستثماري الأخضر للفترة الممتدة من 2023 إلى 2027، والهادف إلى توفير 560 مليون متر مكعب من قدرات تحلية مياه البحر بحلول 2027.
ومن بين تلك الكميات نحو 143 مليون متر مكعب للاستهلاك الفردي والزراعة بمدن محور وسط البلاد، منها جهة مراكش – آسفي التي سيتم تزويدها بأكملها في المراحل المقبلة.
ولتغطية العجز المائي، أطلق ولي العهد الأمير الحسن بن محمد أعمال إنجاز محطة تحلية مياه البحر في منطقة المهارزة الساحل بإقليم الجديدة الأكبر من نوعها على مستوى أفريقيا، ستستفيد منها قرابة 7.5 مليون نسمة.
ويعاني المغرب من أزمة جفاف حادة، مما أدى إلى تراجع مخزون المياه السطحية بشكل كبير، ما جعل الحكومة تسعى جاهدة لتحقيق هدف طموح يتمثل في توفير نصف احتياجاتها من المياه الصالحة للشرب من خلال محطات التحلية بحلول عام 2030.
وإلى جانب جهود أو.سي.بي، أعلنت إنيرجي ريكفري عن إبرام عقود جديدة بقيمة 27.5 مليون دولار لتوريد أجهزة تبادل الضغط من طراز بي.إكس، إلى مشاريع التحلية في المغرب. ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذ جميع الطلبات خلال هذا العام.
وصرح رودني كليمنتي، نائب الرئيس الأول لقسم المياه في الشركة الأميركية، بأن المشاريع تساهم في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث سيتم توجيه أكثر من نصف الإنتاج لمشروع التحلية لخدمة القطاع الزراعي.
وقال إن هذا الأمر “يجعل من تقنية التحلية وأجهزة الضغط التي نوفرها عنصرا أساسيا في تحقيق التنمية المستدامة”.
وتشير التقديرات إلى أن الدولة قامت بتشييد 15 محطة تحلية مياه البحر بقدرة إنتاج إجمالية تصل إلى 562 مليون متر مكعب سنويا.
وفي إطار مخطط استعجالي لمكافحة آثار الجفاف، تم تشييد 9 محطات جديدة لتحلية المياه بقدرة إجمالية تبلغ 202 مليون متر مكعب سنويا لتوفير الإمدادات لمدن أغادير وأسفي والجديدة والحسيمة والعيون بالماء الصالح للشرب.
كما تم إطلاق أعمال 6 محطات للتحلية بقدرة إجمالية تبلغ 360 مليون متر مكعب لتأمين التزويد بالماء الشروب بالأساس على مستوى الدار البيضاء ومراكش وسيدي آفني والداخلة وسطات وبرشيد وخريبكة وبنجرير واليوسفية.
ولمواجهة تحدي الطلب المحلي وجعل الاستدامة أولوية، تهدف أو.سي.بي إلى نقل مياه البحر المحلاة عبر خط للأنابيب إلى خريبكة تلبية للاحتياجات الطاقية لهذا المحور الإستراتيجي من خلال 760 ميغاواط سيتم إنتاجها في المحطات الشمسية.
وفي المحور الجنوبي طرفاية – بوكراع – العيون، يهدف خط الأنابيب إلى تزويد المنشآت الصناعية لمجموعة الفوسفات بمحطة تحلية بقدرة 60 مليون متر مكعب، من شأنها المساهمة في تلبية الاحتياجات الجهوية.
◙ 15 محطة تحلية قامت الحكومة بتشييدها بقدرة إنتاج إجمالية تبلغ 562 مليون متر مكعب
وشرعت أو.سي.بي عبر ذراعها شركة غريين ووتر (الماء الأخضر) بموجب اتفاقية مع وزارة الداخلية، في تنفيذ مشروع تحلية مياه البحر بآسفي باستثمار إجمالي يقدر بنحو 2.8 مليار درهم (280 مليون دولار) منذ النصف الثاني من عام 2022.
ومكن المشروع من توفير 40 مليون متر مكعب من الماء سنويا، منها 15 مليون سنويا لمدينة آسفي، وتغطية احتياجات المدينة بنسبة 100 في المئة ابتداء من فبراير 2024، على أن يتم تزويد جهة مراكش – آسفي بأكملها في المراحل المقبلة بحلول 2026.
وأوضح المسؤول عن عمليات الإنتاج بمحطة التحلية بشركة غرين ووتر عثمان بوسلهام، في تصريحات صحفية أن شركة الفوسفات تمكنت من إنجاز مشروع محطة تحلية مياه البحر بآسفي في وقت قياسي.
وعزا عثمان ذلك إلى خبرة الشركة في تنفيذ المشاريع الكبرى وخاصة ما يتعلق بتحلية مياه البحر، وكذلك توفرها على مجموعة من البنيات التحتية التي خولتها إنجاز المشروع في أقل من سنة، بمساعدة من شركات مغربية.
وتمر عملية تحلية مياه البحر داخل هذه المحطة عبر عدة مراحل تبدأ بضخ مياه البحر من المصدر مباشرة إلى محطة التحلية.
وتلي هذه المرحلة، المعالجة القبلية، قبل استخدام تقنية التناضح العكسي من خلال ضغط المياه عبر أغشية خاصة تعمل على فصل الأملاح والمعادن الذائبة، تنتج عن ذلك مياه صالحة للاستهلاك بجودة عالية وفق المعايير المحلية والدولية.
وانطلقت أو.سي.بي في تسريع إستراتيجيتها في خفض اعتمادها على الماء الصالح للشرب، والتوجه نحو مصادر المياه غير الاعتيادية.
وعملت المجموعة على تحلية 110 ملايين متر مكعب من مياه البحر سنة 2023، بهدف إرساء استقلالية محطاتها بحلول عام 2024، مع المساهمة في مد المدن المجاورة بالماء الصالح للشرب.