شركات الطيران تقترب من توديع الوباء بعد خسائر قياسية

يقترب قطاع النقل الجوي بشكل متسارع للخروج من نفق أزمة هي الأقسى منذ 2009 نتيجة شلل الرحلات والنشاط السياحي إثر تفشي الجائحة، رغم أن التوقعات ترجّح تسجيل الشركات لخسائر حتى 2022 قبل أن تبدأ بالتعافي في العام 2023 في حال لم تعترضها مشكلة عالمية جديدة.
بوسطن (الولايات المتحدة) – تصاعد منسوب التفاؤل لدى شركات الطيران في ظل ظهور بوادر بشأن ابتعادها بشكل تدريجي عن دائرة الركود الطويلة ما كبدها خسائر هي الأكبر منذ الأزمة المالية العالمية قبل 13 عاما.
ويتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن يشهد القطاع انخفاضا حادا في الخسائر العام المقبل مع اكتساب عمليات التعافي مختلفة الوتيرة من أزمة كورونا زخمًا، لكنه عدل عن رفع توقعاته للحصيلة المالية التي تكبدها القطاع بسبب الجائحة في عامي 2020 و2021.
وترجح التقديرات أن تتجاوز خسائر قطاع الطيران حول العالم من الجائحة 200 مليار دولار، حيث ستؤثر قيود الرحلات على الشركات والطلب طويل المدى حتى عام 2022.

ويلي والش: الناس لم يفقدوا الرغبة بالسفر لكن القيود وعدم اليقين منعاهما
وتقول إياتا إن شركات الطيران ستتكبد خسارة عالمية تراكمية قدرها 51.8 مليار دولار هذا العام وستواصل تسجيل النتائج السلبية في 2022 لكن بخسارة أقل تقدر بنحو 11.6 مليار دولار.
وهذه التقديرات التي نُشرت بمناسبة الاجتماع السنوي للإياتا في بوسطن بالولايات المتحدة الاثنين الماضي أكثر تشاؤما من تلك التي صدرت في أبريل الماضي عندما توقعت المنظمة خسارة قدرها 47.7 مليار دولار هذا العام.
ورفع الاتحاد الخسائر التي تكبدتها الشركات في العام الماضي إلى 137.7 مليار دولار في مقابل 126.4 مليار دولار سابقا.
وتتفوق الخسائر المجمعة خلال الفاصل الزمني الذي تفشى فيه الوباء على ما يقرب من 9 سنوات من أرباح الشركات، والتي تستند في الغالب إلى أرقام إياتا.
وبينما بدأت الرحلات المحلية والإقليمية في الانتعاش، كان هناك القليل من التعافي داخل مسارات الأعمال التي تمتد عبر العالم وتعتبر ضرورية جدًا للعديد من شركات النقل.
وبينما شرعت العديد من الدول، وخاصة في منطقة الخليج وأوروبا، في فتح مجالها الجوي أمام الرحلات مع احترام البروتوكولات الصحية تستعد الولايات المتحدة للقيام بنفس الإجراء الشهر المقبل، لكن أسواق المسافات الطويلة المختلفة تظل في حالة ركود لاسيما تلك التي تربط آسيا بأوروبا وأميركا الشمالية.
وقال ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي، أمام أكبر تجمع للرؤساء التنفيذيين في الصناعة منذ أكثر من عامين “حجم أزمة كوفيد – 19 لشركات الطيران هائل”.
وأضاف “لم يفقد الناس رغبتهم في السفر كما نرى في مرونة السوق المحلية القوية. لكنهم ممنوعون من السفر الدولي بسبب القيود وعدم اليقين والتعقيد”.
وتواجه بعض شركات الطيران العالمية صعوبات في سد الوظائف الشاغرة في ظل بروز تنافس على توظيف المبتدئين للخروج من الأزمة التي من المتوقع أن تؤخر تعافي قطاع السفر، في الوقت الذي تعترض فيه شركات أخرى مشاكل أخرى تتجسد في ارتفاع عدد الموظفين الذين لا يأتون إلى العمل.

وبدأت شركات في تعيين الطيارين والمضيفات على مدار أكثر من عام بعد تقليصها للوظائف مع انهيار صناعة السفر بسبب الجائحة التي أدت إلى فرض الحكومات قيودا على التنقل الجوي.
ورغم ارتفاع الطلب على وكالات الأسفار يبقى ذلك أقل من التحدي الأكبر المتمثل في الطلب على الأعمال منخفضة المهارات مثل مناولي الأمتعة والمسؤولين عن تزويد الطائرات بالوقود والموظفين المشرفين على خدمات التموين.
وتلك المعضلة ليست آخر المشاكل، إذ تعترض شركات الطيران مشكلة إضافية في الاستجابة لدعوات تقليل البصمة الكربونية في أعمالها. ورغم أن الأزمة الصحية أبطأت الخطط لكن إياتا بدأت تسرّع وتيرة أهدافها، حيث حددت هدفًا لتحقيق انبعاثات صفرية على الإنترنت بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد المسافرين من نطاقات ما قبل الجائحة هذا العام بنحو 40 في المئة على أن تصل إلى 61 في المئة العام المقبل عندما يجب أن يكون عدد المسافرين 3.4 مليار.
200
مليار دولار خسائر مجمعة يتوقع أن تتكبدها الشركات بنهاية هذا العام وذلك منذ تفشي الوباء
ولدعم التعافي دعا والش الحكومات إلى تبسيط قيود السفر المعقدة والسماح لقضاء الإجازات بحرية بين المواقع الدولية. وقال إن “قيود السفر وفرت للحكومات الوقت للاستجابة في الأيام الأولى للوباء”. وأضاف “بعد ما يقرب من عامين، لم يعد هذا الأساس المنطقي موجودا”. ومن بين مناطق العالم من المتوقع أن تعود شركات النقل فقط في أميركا الشمالية إلى الإيرادات في العام التالي، أي مع ما يقرب من 10 مليارات دولار.
ووفقا لإياتا ستسجل شركات الطيران الأوروبية خسائر بنحو 9.2 مليار دولار، في حين أن مشغلي الشرق الأوسط الذين يعتمدون بشكل كبير على الطرق العابرة للقارات، وهم طيران الإمارات والاتحاد للطيران والخطوط القطرية، سيواجهون عجزا قدره 4.6 مليار دولار.
ومع ذلك قدم والش، الرئيس التنفيذي السابق لشركة الخطوط البريطانية آي.أي.جي، بعض التفاؤل لقادة شركات الطيران قائلا إن القطاع “تجاوز بكثير أعمق نقطة في الأزمة وإن الطريق إلى الانتعاش بات في الأفق”. وتعتقد إياتا أن الرحلات الداخلية التي تستفيد من إلغاء القيود قد تعود مرة أخرى تقريبا إلى نطاقات الركاب السابقة للوباء في العام التالي.
ويُعد الشحن الجوي مكانا لامعا آخر، حيث سيكون الطلب هذا العام أعلى من نطاقات 2019 بنسبة 8 في المئة، وسيرتفع إلى أكثر من 13 في المئة في 2022 وسط زيادة في الشحنات من إعادة التخزين في العالم والتحول إلى الشراء عبر الإنترنت.
ويؤكد والش أن الشركات ستشرع في اتخاذ تدابير لدعم الأجور من الحكومات حتى تتعافى الرحلات في جميع أنحاء العالم على نطاق واسع، بالإضافة إلى الخطوات التنظيمية مثل تعليق استخدام المبادئ التوجيهية. ورغم أن الاتحاد يمثل 290 خطا جويا إلا أن عضويته تستثني عددا من شركات النقل منخفضة التكلفة، والتي من المتوقع أن تتعافى من تداعيات الكارثة بشكل سريع.