سير إلتون جون.. أيقونة فنية صنعتها المعاناة

إلتون جون: لطالما شكلت محاربة الإيدز شغفا لي، كالغناء تماما، معركتي اليومية ضد هذا المرض تذكرني بروح الإنسان القوية.
الاثنين 2019/06/24
علاقة حب كبيرة مع فرنسا

الفن أسلوب حياة أو لا يكون.. قولة تختصر عبقرية السير التون جون، الذي كرمته فرنسا بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى الجمعة الماضي.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قدم لنجم الغناء البريطاني وسام جوقة الشرف الوطني برتبة فارس، قائلا إن التكريم يأتي تقديرا لإسهامات جون الفنية، وللجهود التي بذلها في مجال علاج فيروس “إتش.أي.في” المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (إيدز).

وأعرب التون جون، الذي أكد أن لديه علاقة حب كبيرة مع فرنسا، عن سعادته بهذا التكريم قائلا “لطالما شكلت محاربة الإيدز شغفا لي، كالغناء تماما، معركتي اليومية ضد هذا المرض تذكرني بروح الإنسان القوية، وبأن الأشياء التي تزيدنا تماسكا أكثر من تلك التي تفرقنا”.

التكريم الفرنسي ليس الأول من نوعه للفنان، فسبق لفرنسا أن كرمته أيضا، وفي عام 1998 منحته الملكة إليزابيت الثانية، ملكة بريطانيا، لقب فارس، ومنذ ذلك الوقت يطلق عليه لقب “سير”.

ويمكن القول إن الملكة إليزابيت هي من اكتشفت التون جون، الطفل الذي تعلم العزف على البيانو وهو في الرابعة من عمره، فأوصت أن يدرس على حسابها الخاص، ليلتحق بالجامعة وهو في سن الحادية عشرة. ولكنه هجر التعليم مبكرا، واتجه إلى الغناء، لينتج له أسطورة الغناء جون لينون، مغني فريق البيتلز، ألبومه الأول.

لم تكن حياة التون جون سلسلة من النجاحات المتكررة، بل تعرض للكثير من الإخفاقات والأزمات، كما أثار الجدل طويلا بسبب مظهره المبالغ فيه، وأسلوب حياة البذخ التي يعيشها، وكغيره من الفنانين، وقع التون ضحية للإدمان، وذاق مرارة الإفصاح عن توجهاته الجنسية المثلية.

حياة التون جون لم تكن سلسلة من النجاحات الدائمة، بل تعرض للكثير من الإخفاقات والأزمات، كما أثار الجدل طويلا

مشواره الفني، الممتد لنصف قرن، مليء بقائمة طويلة من الأعمال، أكثرها شهرة “شمعة في مهب الريح”، التي غناها في عزاء أميرة ويلز ديانا، و”ما زلت صامدا”، و”تمساح الروك”، و”روكيت مان” أو الرجل الصاروخ، التي اختارها المخرج “دكستر فلتشر” لتكون عنوان فيلم أنتجه عن حياة الفنان.

في المشهد الأول يظهر التون جون مرتديا حلة برتقالية، وسط مجموعة تتلقى علاجا جماعيا، معترفا “أنا مدمن كحول، مدمن جنس، مدمن تسوق”. ليسترجع المخرج بعدها حياة الطفل الصغير ريجنالد ريجي دوايت، الاسم الحقيقي للفنان البريطاني، الذي رغم موهبته الموسيقية الفذة المبكرة، لم يكن طفلا سعيدا، فقد عاش محروما من حنان الأم، الغائبة دائما عن المنزل، والأب المشغول عنه.

وينجح المخرج في توظيف مشهد البيئة الأسرية المحطمة، التي ستطبع حياة الطفل مستقبلا، خاصة  بتقديم مقاطع من أغنية التون جون “أنا أريد الحب”، في كسب تعاطف الجمهور.

الفنان الذي أثار عام 2010 جدلا واسعا في أوساط المتدينين، وشّنت الكنيسة الكاثوليكية هجوما حادا عليه، قائلة إنها “لن نطلب منه حتى الاعتذار”، لا يحتاج اليوم أن يجلس على كرسي الاعتراف وطلب المغفرة.

صك الغفران منحه له 27 مليون شخص نجح صندوق مكافحة الإيدز في إنقاذ حياتهم، منذ تأسيسه عام 2002 بدعم من التون جون.

بحضور جمع غفير، من الأشخاص المقربين من التون، البالغ من العمر 72 عاما، منح الرئيس الفرنسي الفنان البريطاني وسام جوقة الشرف، واصفا إياه بـ”الأيقونة”، قائلا “هذا الالتزام من أجل الموسيقى ومكافحة الإيدز هو قصة حياتك عزيزي التون”.

اليوم، بتكريمها السير التون جون تكرّم فرنسا نفسها.

17