سيرة من ذاكرة شاعر بين رفّ الكتب

يمزج الكتاب الجديد بعنوان “طفلٌ لاعبٌ باللّاهوت” للشاعر العراقي أحمد عبدالحسين بين السيرة الشعرية للشاعر، في تماهيها مع أسئلة الوجود، وتجارب الحياة، والمواقف الحادة التي تعيدنا دائما إلى حيرة السؤال.
وكما جاء في كلمة الناشر على ظهر الغلاف، فحينما يكتب شاعر ما سيرته فإنه يجد نفسه متلبسا بتدوين وقائع لم يتطلع إليها إلا هو، هي وقائع وجدانه التي تشكل سيرة أعماقه. ويبدو أن مقولة سان جون بيرس "لا تاريخ إلا تاريخ الروح" تصلح أن تكون القنديل الذي تكتب على ضوئه سيرة الشعراء.
الكتاب، الصادر عن منشورات المتوسط – إيطاليا، نثار حياة شاعر، سيرة تناوب على بعثرتها، وشهادة لاهوت وناسوت. وفيه يفصح الشاعر عن جرحه السريّ المزدوج: الله والشعر. وفي عتبة أولى من الكتاب، يعترف المؤلف أن هذه الصفحات ليست سيرة حياة، ولا تريد أن تكون كذلك. يقول “هي محض استذكار لما فعله بي الشاعر. مقاطع مستلة من ذاكرة شاعر انشغل مطولا بالله وبالشعر انشغالا مديدا”.
الصوفيون وفن المنمنمات
عن بيت الحكمة بتطوان صدر مؤخرا للدكتور محمد أحمد أنقار تحقيقه ودراسته لمخطوط ”المرائي” للشيخ محمد المعطي الشرقاوي، تحت عنوان “المنامات الصوفية: التجنيس والتصوير”، بمقدمة للأستاذ مصطفى يعلى.
وكما يبدو من العنوان، فإن الباحث قد ركز دراسته على أمرين مهمين اثنين، هما: التجنيس والتصوير، في مواجهة نوعية نصوص الكتاب الصوفية. ولعل أهم ما يستشف من معطيات أولية أن هذا العمل يحقق إضافة جيدة للتعاطي مع النصوص الصوفية، باعتبارها نصوصا سردية، وليست دينية فقط.
أما فن المنمنمات (Miniatures) فهو فن توشيح النصوص بواسطة الصور أو الرسوم التوضيحية المصغرة، ويعتبر أحد أهم فروع الفن الإسلامي وأحد المجالات الفنية في التراث الإسلامي، ويندرج أيضا تحت ما يسمى بـ”فن الكتاب” وهو فن زخرفة الكتب أو المخطوطات وتزويقها.
وكلمة منمنمة في المعجم الوجيز تعني الشيء المزخرف والمزركش، ونمنم الشيء أي زركشه وزخرفه، والنمنمة هي التصوير الدقيق الذي يزين صفحة أو صفحات كتاب أو مخطوط، وقد برع فيه الصوفيون بشكل خاص.
ملامح المدينة العادلة
كتاب “تونس يا أمّ البلدان” للكاتب التونسي عزالدّين المدني مسرحية تتناول حقبة تاريخية مهمة في تاريخ تونس، حيث تستعيد شخصية أبي زكريّاء الحفصي، مؤسّس الدولة الحفصيّة في القرن الثالث عشر الميلادي.
يدعو الكاتب بشكل غير مباشر من خلال مسرحيته إلى رفض كل أشكال محو آثار السابقين، وإلى الإيمان بحتميّة الابتكار والتجديد من أجل تأسيس دولة العدل والإنصاف، المشروطة حسب هذا العمل المسرحي بقيم العمل والحريّة واحترام القوانين.
ويدعو المؤلّف في مسرحيته، الصادرة عن المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة”، إلى قيم كونيّة لأن بناء الدولة العادلة في نظره يشترط الوعي بأهميّة مفاهيم الأمن والسلام والتآزر "بين الإنسان والإنسان"، رفضا للانتمائيّة الضيّقة، ولن تتحقّق هذه المدينة العادلة والمنصفة وفقا للمدني، الذي يعتبر من أشهر الكتاب المسرحيين التونسيين، إلّا في ظل غياب وعي علمي وحس إبداعي، إذ لا توقد المصابيح إلا بشموع العلوم والمعارف التي تتحول عبرها عتمة الليل إلى نور وهاج.