سيباستيان كو يستمر رئيسا للاتحاد الدولي لألعاب القوى

أعيد انتخاب البريطاني سيباستيان كو بالتزكية لولاية ثانية على رأس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، وذلك خلال اجتماع للاتحاد قبل يومين من انطلاق بطولة العالم الجمعة. ووصل كو الذي يعتبر أحد أفضل العدائين في التاريخ إلى رئاسة الاتحاد الدولي عام 2015، وأعيد انتخابه لولاية ثانية من أربعة أعوام.
لندن – لم تكن الأعوام الأربعة الماضية مفروشة بالورود أمام رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى البريطاني سيباستيان كو الذي أعيد الأربعاء في الدوحة انتخابه بالتزكية لولاية ثانية حتى 2023.
ولم يكن العداء السابق الذي ينهي عامه الـ63 في 29 سبتمبر الجاري، يحب الخسارة بمسيرته على المضمار، والتي توجها بذهبيتين أولمبيتين. كما في السباقات، كان كو في إدارة “أم الألعاب” سياسيا محنكا يدير الأزمات. وقال كو بعد إعادة انتخابه بـ203 من الأصوات من أصل 203 في الجمعية العمومية للاتحاد المنعقدة في العاصمة القطرية “لقد عشنا أربعة أعوام من التغيير، والآن حان وقت البناء”.
ونال البريطاني نصيبه من الأزمات. فبعد ثلاثة أشهر فقط من توليه منصبه خلفا للسنغالي لامين دياك في أغسطس 2015، عصفت بالرياضة العالمية إحدى أكبر الفضائح في تاريخها، وتمثلت بتكشف تفاصيل تنشط ممهنج في روسيا برعاية أجهزة الدولة، لا تزال تبعاته تتردد حتى الآن. أبعد من الأزمة الروسية، تعين على كو الذي تخلى عن الزي الرياضي لصالح مظهر رسمي دائم الأناقة، تحمل تبعات إحالة دياك أمام القضاء الفرنسي بتهمة “الفساد النشط والفساد السلبي” و”خيانة الأمانة” و”تبرئة عصابة منظمة” بعد تحقيقات واسعة إثر تكشف فضيحة التنشط.
هيكلية جديدة
لم تقتصر الأزمات مع دياك على المضمار، إذ يتهم نجله بابا ماساتا بتلقي ملايين الدولارات من الرشاوى من خلال عقود تسويقية أو لترجيح كفة ريو دي جانيرو وطوكيو لاستضافة أولمبيادي 2016 و2020. وبدلا من أن يبدأ كو عهده الأول بوضع هيكلية جديدة في ما يتعلق بالإصلاحات، لاسيما وأنه يعتبر من القلائل الذين تولوا رئاسة اتحاد ألعاب القوى ويحمل خلفية رياضية أولمبية، فقد اضطر البريطاني لأن يحارب على أكثر من جبهة، كما أقر بنفسه. وقال أواخر أغسطس الماضي “أطلقنا بعض ورش العمل”، لكن ثمة “ورش أخرى فرضت علينا”.
من أبرز إنجازاته إنشاء وحدة النزاهة في ألعاب القوى، وهي الأولى من نوعها وتهدف بشكل أساسي إلى شن حملة على استخدام المنشطات. لكنه واجه أيضا فضائح دياك والتنشط الروسي، وقضية العداءة الجنوب أفريقية كاستر سيمينيا التي ستغيب عن مونديال الدوحة، وتاليا الدفاع عن لقبها في سباق 800 متر، بعدما خاضت معركة قضائية ضد الاتحاد على خلفية قواعده الجديدة بشأن مستويات التستوسترون لدى الرياضيات.
قائد بالفطرة
من أبرز القرارات التي اتخذها خلال عهده، تحديد ولاية الرئيس وأعضاء مجلس الاتحاد بثلاث ولايات كحد أقصى، ووعده بأن يكون نصف المجلس من السيدات بحلول 2023. وفي حين لا تزال تبعات فضيحة التنشط الروسية مستمرة، وآخر فصولها قرار الاتحاد الدولي الإبقاء على إيقاف الاتحاد الروسي وتاليا عدم مشاركة الرياضيين الروس في المنافسات سوى تحت راية محايدة، فإن ما يتوقعه الكثيرون هو أن ينصرف كو بولايته الثانية إلى جعل الرياضة أكثر إثارة.
وقال في هذا الصدد في تصريحات سابقة “آمل أن تشهد السنوات الأربع المقبلة كل ما يمكن أن يساهم في نمو رياضتنا. لا يمكن أن نقوم بذلك طالما لم نقم بتحصين البيت الداخلي الذي كان ينهار بسبب فضائح المنشطات والرشاوى. يتعين علينا القيام بعمل أكبر لكي نقدم ابتكارات جديدة لمشجعي الألعاب حول العالم في اللقاءات الكبيرة”.
وحمل كو، أحد أفضل العدائين الذين أنجبتهم ألعاب القوى في الثمانينات، إلى الاتحاد الدولي الخبرة السياسية التي اكتسبها بعد انتخابه نائبا عن حزب المحافظين البريطاني بين العامين 1992 و1997. وقال عنه هيو روبرتسون الذي عمل معه عن كثب كوزير للرياضة، إن “ما كسبته الرياضة (مع كو) خسرته السياسة”، مضيفا “أعتقد أنه أحد أكثر الأشخاص إثارة للإعجاب الذين عرفتهم”.
وتابع “ثمة قلة من الأشخاص الذين أحرزوا ميدالية ذهبية، ترأسوا لجنة منظمة لدورة ألعاب أولمبية ناجحة (لندن 2012)، وأداروا اتحادا رياضيا كبيرا هو قائد بالفطرة، يتمتع بقدرة على التواصل، وحكم ممتاز على الأشخاص، ما يتيح له الإشراف على فرق رائعة” تعاونه في مهامه.
وأبرز محطات مسيرته الرياضية كانت إحراز الميدالية الذهبية في سباق 1500 متر في دورة موسكو للألعاب الأولمبية عام 1980، والاحتفاظ بها في لوس أنجلس 1984.
ويعد البريطاني أول عداء يحمل ثلاثة أرقام قياسية عالمية في الوقت عينه (800 متر والميل و1500 متر عام 1981)، علما وأن رقمه في سباق 800 متر بقي صامدا 16 عاما، قبل أن يحطمه الدنماركي من أصل كيني ويلسون كيبكيتير في العام 1997.
واعتزل كو المنافسة الرياضية عام 1990، ليدخل بعدها المعترك السياسي حيث انتخب نائبا بمجلس العموم (1992)، وخسر دورة 1997، وانتقل إلى العمل كمستشار لزعيم المحافظين آنذاك وليام هيغ. ومنحته الملكة إليزابيث الثانية لقب لورد، وينظر إليه البريطانيون على أنه صاحب الفضل الأكبر في فوز لندن باستضافة أولمبياد 2012.
وكو هو سادس رئيس لاتحاد ألعاب القوى منذ تأسيسه عام 1912، بعد السويدي سيغفريد ادشتروم (1912-1946)، البريطاني لورد بيرغلي (1946-1976)، الهولندي أدريان بولن (1976-1981)، الإيطالي بريمو نيبيولو (1981-1999)، والسنغالي لامين دياك (1999-2015). ولايته الأولى، كما الثانية، يختصرهما ما قاله عن نفسه في مايو 2004، بعد تسميته رئيسا للجنة ملف ترشيح لندن لأولمبياد 2012، “لم أشارك مطلقا في مسابقة من دون أن أفكر أني قادر على الفوز بها”.