سياحة الزفاف استثمار يستهوي الدول العربية

تتنوع المشاريع من شهر العسل إلى سياحة الزفاف في أطار تنشيط السياحة في مختلف دول العالم، وتتجه الدول العربية إلى الاستثمار في ترتيب حفلات الزفاف على طريقة ألف ليلة وليلة وإقامة العرسان وضيوفهم في أفخم الفنادق والمنتجعات وتوثيق صور عطلهم في أماكن طبيعية أثرية جذابة.
دبي - على غير عادة قضاء شهر العسل في الخارج، يفضّل الكثير من المقبلين على الزواج إقامة حفل زفافهم في أماكن ذات طابع مميز، كالأماكن الأثرية والتاريخية والمدن المشهورة والمتميزة خارج دولهم.
وانتشر هذا النوع من السياحة في معظم البلدان ذات الطبيعة الخلابة والمواقع الأثرية المختلفة كباريس وإسبانيا وإيطاليا التي تعرف بزواج المشاهير فيها، ودول أوروبا الشرقية ودول آسيوية، حيث يقوم العروسان بدعوة ذويهما وأصدقائهما لمشاركتهما في حفل زفافهما في البلد أو المدينة الذي وقع اختيار العروسين عليه.
ومازال هذا النوع من السياحة في الوطن العربي يتقدم ببطء، رغم أنه يعود على الوجهة المختارة من العروسين بمردود مادي كبير، إذ تعد هذه الحفلات فرصة مربحة ومهمة من حيث الميزانية العالية اللازمة لتجهيزها وإقامتها، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من المدعوين الذين سيقيمون لعدة أيام، وما يتبع ذلك من زيارتهم لبعض المناطق السياحية والأسواق التجارية داخل البلد.
قالت دانييل كورتيس، مديرة معرض سوق السفر العربي في الشرق الأوسط، “تلعب حفلات الزفاف التي تقام في الخارج الآن دورا رئيسيا في النمو الشامل الذي تشهده صناعة الضيافة على مستوى العالم، كما تؤثر بشكل إيجابي على نمو الاقتصاد المحلي، حيث يسعى الأزواج إلى الحصول على تجربة فريدة وشخصية خارج دولهم”. وكشف البحث الذي أجرته كوليرز إنترناشيونال الشريك الرسمي للأبحاث لمعرض سوق السفر العربي الذي سيقام في شهر أبريل المقبل في دبي، أن حجم قطاع الوجهات المفضلة لحفلات الزفاف يتجاوز 90 مليار دولار أميركي عالميا، مع الإشارة إلى أن نحو 25 بالمئة من حفلات الزفاف تجري في الخارج، أي ما يصل إلى 340 ألف حفلة زفاف كل عام، لكن على مستوى الشرق الأوسط، يبلغ حجم سوق حفلات الزفاف أكثر من 4.5 مليار دولار فقط، وهو ما يشكل نحو 5 بالمئة من السوق العالمي لحفلات الزفاف.
وتحتل الهند السوق الأول في سياحة حفلات الزفاف، حيث تبلغ قيمة سوق حفلات الزفاف الهندي 50 مليارا في العام، ويقيم أثرياؤها ما يقرب من 10 آلاف حفل زفاف خارج الهند، وبعض العائلات تنفق من نصف مليون إلى 5 ملايين يورو، وقد تصل الأرقام إلى 70 مليون يورو وأكثر على حفل الزفاف الواحد، فقد أقيم في تركيا 15 حفل زفاف لهنود في عام 2019، بلغت تكلفتهم حوالي 100 مليون دولار، بحسب تقارير عالمية.
تحتل الهند السوق الأول في سياحة حفلات الزفاف، حيث تبلغ قيمة سوق حفلات الزفاف الهندي 50 مليارا في العام
وتعدّ دولة الإمارات الوجهة الأكثر تفضيلا لإقامة هذا النوع من الحفلات نظرا إلى التسهيلات المتعلقة بالحصول على التأشيرة وسهولة السفر إليها والمناخ المناسب على مدار العام ووجود الشواطئ البكر الساحرة، فضلاً عن الصحراء والسلاسل الجبلية ذات البيئة الهادئة والمناظر الخلابة، حيث يمكن للعرسان أن يستمتعوا بألطف الأوقات والاحتفاظ بذكريات جميلة في صور بين الكثبان الرملية والمنتجعات الفاخرة.
وقالت دانييل كورتيس، “تشكل سياحة حفلات الزفاف واحدة من أربعة اتجاهات رئيسية سترسم ملامح قطاع الضيافة في الشرق الأوسط، كما أنها ستؤثر على صناعة السياحة والسفر العالمي وسلوك الأفراد والمستهلكين، بالتزامن مع حلول عام 2020 والأعوام التي تليه”.
وتحتوي منطقة الشرق الأوسط على ما يحتاجه العرسان من أماكن خلابة وأخرى أثرية لا مثيل لها في دول أخرى.
ووصلت سياحة الزفاف اليوم إلى أوج انتشارها، ولا يبدو أن رواجها سيتوقف قريباً، خاصة بعد إقامة بعض الدول لمؤتمرات عالمية للترويج لهذه السياحة.
وتوجهت وزارة السياحة في الأردن في الآونة الأخيرة للاهتمام بسياحة الزفاف والترويج للمنتج السياحي الأردني، وبعض المناطق السياحية التي تتمتع بمناخ وملاذ شرق أوسطي مميز، من خلال استهداف مكاتب السياحة الهندية المتخصصة بالترويج لحفلات الزفاف خارج الهند.
وتضرب المملكة موعدا في شهر ديسمبر من العام الحالي مع سياحة الزفاف من خلال إقامة حفل عرس نجل أحد رجال الأعمال الهنود الذي وقع اختياره على منطقة البحر الميت، وحجز جميع الغرف في أحد الفنادق لـ700 شخص من أهله وأصدقائه لمدة أربعة أيام، بالإضافة إلى الجولات السياحية لبعض المناطق السياحية والأسواق التجارية التي سيقومون بها خلال فترة إقامتهم.
ويحتضن الأردن عددا من المواقع التاريخية والحضارية المتنوعة التي توفر مكانا مناسبا لإقامة حفلات زفاف أسطورية، كمدينة البترا التي تعد من عجائب الدنيا السبعة، ومدينة جرش التي تضم مواقع مثل شارع الأعمدة وقوس هادريان والمسارح والمعابد والكنائس الأثرية، والمدرج الروماني في عمان وسبيل الحوريات، وغيرها من المواقع الأثرية في عجلون وأم قيس ومأدبا ووادي رم.
وتبذل وزارة السياحة في البحرين جهودا في الترويج لمكانة المملكة كوجهة رائدة لاستضافة الأفراح وحفلات الزفاف ضمن مشروع “فرحتكم في البحرين”، وقال مستشار هيئة السياحة والمعارض علي فولاذ، إن قائمة طويلة من الأفراح الهندية ستقام حتى نهاية العام الحالي، مشيرًا إلى أن أعداد تلك الأعراس يرتفع عاما بعد عام، بدءا من أبريل 2017. وقت أول حفل زفاف هندي.
ولفت فولاذ إلى أن بعض تلك الأعراس تشرف عليها هيئة السياحة بشكل مباشر، وبعضها تتواصل العائلات بنفسها مع الفنادق البحرينية.
وخلال أبريل الماضي استضافت البحرين حفلي زفاف لعائلات هندية، ومنها عائلتا أغراوال وسنغ أوبال القادمتان من مدينة دلهي الهندية الشهيرة، وعائلتا جتربوج موالجند باتيا وجتربوج كومار باتيا. حيث استقطب الحفلان أكثر من 700 ضيف وصلوا إلى البحرين.
وعادة ما تستمر تلك الحفلات الهندية على مدى 3-4 أيام متواصلة، إذ يخصص اليوم الأول لحفل عشاء الاستقبال لضيوف الزفاف، واليوم التالي لإقامة مراسم الحناء الهندية التقليدية، أما اليوم الثالث فيتضمن حفلة ما قبل الزفاف، ويشتمل اليوم الأخير على حفل الزفاف الكبير.
وقد تحمل تلك الأعراس صبغة تراثية بحرينية لتتضمن أنغام العود البحرينية الأصيلة وأسواق شعبية يشارك فيها أبرز الحرفيين البحرينيين، الذين قاموا بعرض أبرز منتجاتهم وأعمالهم، بالإضافة إلى مشاركة الفرق الشعبية لأداء أحد أشهر الفنون البحرينية التراثية من الفلكلور الشعبي “فن العرضة” وصعود العريس على أحد الخيول العربية.
وتؤكد هيئة البحرين للسياحة، أنها تعمل على العديد من المشاريع ضمن استراتيجيتها الرامية إلى الترويج لمملكة البحرين كوجهة سياحية، ومن ضمنها أن تكون البحرين مقصدًا للزواج في المنطقة، إذ لا يقتصر فقط على الفنادق ومنظمي الأعراس ولكن هناك أكثر من 31 شريكًا يستفيدون من هذا المشروع.
ولا تقتصر مساعي الهيئة على التسويق لإقامة حفلات زفاف الهنود بل تركز على السوق الخليجي، وخاصة المملكة العربية السعودية، حيث تعمل الهيئة على خطة إعلامية من بينها أفلام تسويقية لتصبح البحرين وجهة للزفاف.
كما تخطط الهيئة لإضافة العديد من الأفكار لإقامة حفلات الزفاف من بينها المعبد الهندوسي في السوق القديم الذي يتم العمل على تطويره، ومتوقع أن يستقطب الجالية الهندية في دول الخليج، فضلا عن إقامة حفلات الزفاف على شاطئ البحر.
وفي شهر أغسطس الماضي شهد أحد شواطئ شرم الشيخ، زفافا غير تقليدي لعروسين من أوكرانيا، هما جولي ولي لي، اللذين جاءا إلى مصر لإتمام زواجهما بطريقتهما الخاصة.
وأكد العروسان، أن حلم حياتهما كان الزواج في شرم الشيخ التي سمعا عنها حكايات رائعة من الأصدقاء والأقرباء، فقررا أن تكون مدينة السلام بداية لحياتهما الزوجية.