سمير صبري فنان قادته كذبة بيضاء ليصبح أشهر نجوم مصر

تحفل مسيرة الفنان المصري سمير صبري بالعطاء الثري والمتنوع في المجال الفني، فهو ممثل ومغنّ استعراضي ومقدم برامج تليفزيونية وإذاعية ومنتج سينمائي، انطلق من الإذاعة وبعدها التلفزيون ثم السينما، ليقدم تجربة ثرية عبر العشرات من الأعمال اللافتة، وتجربة حياتية مثيرة في عالم الفن، الذي يرصده في كتاب جديد.
كان أول ظهور للفنان سمير صبري في مهرجان التلفزيون الدولي الأول سنة 1965 حيث قدم فقرات الافتتاح لينال ثناء من كبار الكتاب في الصحافة الذين رأوا فيه مولد نجم، لتبدأ مسيرته مع الفن والإعلام، ويحتل مكانة مرموقة بين مختلف نخب المجتمعين المصري والعربي وفئاتهما.
وقد بلغ رصيده الفني 138 فيلمًا، وعدد من البرامج التلفزيونية والإذاعية من بين أشهرها “النادي الدولي” و”هذا المساء”، وشركة إنتاج سينمائية، ومجموعة من الجوائز التقديرية.
وفي كتابه “حكاية العمر كله” الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، لم يكشف صبري الكثير من تفاصيل حياته الشخصية حيث رأى أن عائلته وحياته خط أحمر، لافتا إلى أن حكايته مع الحب لم تنته أبدا، “خلال رحلتي الطويلة مع الفن أجببت ثلاثة من زميلاتي، لن أصرّح بأسمائهن، ومن كل تجربة حب استفدت أشياء كثيرة، ومازلت أكنّ لهن كل حب واحترام وتربطني بهن صداقة وزمالة أعتزّ بها”.
وذهب إلى سرد حكاياته مع الفنانين والكتاب والعلماء والشخصيات العامة من بينهم عبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب والملكة فريدة وأم كلثوم وأحمد زويل وسعاد حسني وشادية وعادل إمام وتوفيق الحكيم وفاتن حمامة وأسامة أنور عكاشة ومحمد الموجي وداليدا وشريهان ونادية لطفي وميرفت أمين وصباح، وغيرهم من الذين التقاهم أو لعبوا دورا مؤثرا في تشكيل مسيرته واتجاهاته، ساردا الكثير من مواقفهم وآرائهم وأفكارهم، ليحتفي حفاوة تؤكد عمق تقديره واحترامه لهم ولحضورهم في حياته الفنية والإنسانية، حذرا تماما من أيّ تفاصيل مسيئة.
التمثيل قدري
يتذكر سمير صبري خدعته لعبدالحليم حافظ وأول وقوف له أمام الكاميرا فيقول “في القاهرة، شاء القدر والحظ أيضا أن نسكن في شقة على النيل في عمارة السعوديين، كما كانت تسمّى في ذلك الوقت، وهي العمارة التي كان يسكنها مجموعة من كبار نجوم الفن، ومن بينهم عبدالحليم حافظ، وفي الأسانسير تعرفت إلى عبدالحليم، بحيلة صغيرة، وقدمت له نفسي باعتباري طفلا أميركيا معجبا به اسمه بيتر، وواصلت هذه الخدعة أو ‘الكذبة البيضاء‘ لمدة عام، وحصلت خلالها على صور وأسطوانات عبدالحليم، موقعة منه ‘إلى بيتر‘، إلى أن اكتشف عبدالحليم الخدعة، وعرف أنني ابن جاره اللواء جلال صبري، وصفح عني، وصرنا صديقين يناديني بـ”peter”.
في مذكراته ذهب صبري إلى سرد حكاياته مع الفنانين والكتاب والعلماء والشخصيات العامة ومسيرته نحو النجومية
ويضيف “في أحد الأيام طلبت منه أن يحقق حلمي في حضور تصوير الفيلم الذي يقوم ببطولته، في ذلك الوقت، وفعلا أخذني عبدالحليم في سيارته لحضور تصوير مشهد في فيلم ‘حكاية حب‘ ويغني فيه أغنية ‘بحلم بيك‘ والتي تتضمن مشهد لقاء الإعلامية الكبيرة آمال فهمي في برنامجها الشهير ‘على الناصية‘ لبطل الفيلم أحمد حمدي، عبدالحليم، وتشجعت وطلبت منه الوقوف مع المجاميع التي يغني لها بحلم بيك في المشهد، وفعلا وقفت معهم لثوان معدودة، ليشهد هذا اليوم أول وقوف لي أمام الكاميرا”.
ويتابع صبري “اكتملت خطة القدر والحظ عندما أخذني عبدالحليم معه للإذاعة بعد التصوير، وقدّمني إلى بطلة فيلمه الأخير ‘الوسادة الخالية‘ النجمة لبنى عبدالعزيز، والتي تقدم برنامج ‘ركن الأطفال‘ باسم ‘العمة لولو‘ باللغة الإنجليزية في إذاعة البرنامج الأوروبي، وفي هذا اليوم التاريخي أيضا بدأت رحلتي مع الإذاعة من برنامج ‘ركن الطفل‘، ثم إذاعة الشرق الأوسط ورئيستها أستاذتي آمال فهمي، وبدأت رحلتي مع الإعلام الذي عشقته مثل التمثيل تماما”.
ويذكر أنه ومن خلال الإذاعة وبعدها التلفزيون قدّم أشهر البرامج الإذاعية والتلفزيونية، مثل برنامج “النادي الدولي” وبرنامج “هذا المساء” وبرنامج “كان زمان”، وبرنامج “مشوار”، فقابل معظم النجوم والمشاهير في جميع المجالات في مصر والعالم العربي بل والغربي أيضا، وتعلم من كل شخصية قابلها وسجل أحاديث معها.
ويؤكد صبري “لأن التمثيل هو قدري، فقد هيأت لي الصدفة أيضا دخول عالم التمثيل، فعندما ذهبت لزيارة لبنى عبدالعزيز في الأستوديو، وأثناء جلوسي معها، ومع المخرج كمال الشيخ تغيب ممثل شاب عن تأدية مشهد صغير في فيلم ‘اللص والكلاب‘ فطلبت من لبنى أن تقنع كمال الشيخ، بأن أحصل على الدور بدلا منه، وأديت الدور من أول مرة، وصفق لي كمال الشيخ وقال لي ‘أنت اكتشاف رائع‘ ومع ذلك لم أعمل معه بعد ذلك”.
ويتابع صبري “وتكرر الأمر في فيلم ‘زقاق المدق‘ مع أستاذي حسن الإمام، ثم دور صغير آخر في المسلسل الوحيد الذي مثله محمد عبدالوهاب للإذاعة، ‘شيء من العذاب‘، وأدوار صغيرة مع الأستاذ فؤاد المهندس، في مسلسلات رمضان الناجحة في الإذاعة، التي تتحول إلى أفلام بعد رمضان مباشرة، ‘أخطر رجل في العالم‘، ‘شنبو في المصيدة‘، ‘عودة أخطر رجل في العالم‘، و‘الراجل ده هايجنني‘، و‘هارب من الزواج‘.. إلخ”.
ويضيف صبري “في السينما أديت سلسلة من الأدوار الصغيرة، التي تعلمت منها فن التعامل مع الكاميرا، ومع المهنة نفسها، وتوالت الأدوار الصغيرة حتى جاءت الفرصة الذهبية عام 1974 في فيلم ‘بمبة كشر‘ مع أستاذي حسن الإمام، ونقلتني الصدفة مرة أخرى إلى درجة البطولة المطلقة، بعدما رفض كل النجوم الوقوف أمام البطلة الجديدة وقتئذ نادية الجندي، والمغامرة بأسمائهم، في فيلم من إنتاج زوجها الفنان الكبير عماد حمدي، ففزت ببطولة الفيلم، بعد ترشيح الوزير يوسف السباعي لي، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا وتجاوز كل انتقادات النقاد وهجومهم على التهافت الجماهيري عليه، حتى أنه ظل في دور العرض عاما كاملا”.
وفي السنة نفسها قام صبري ببطولة ثلاثة أفلام من أجمل أفلامه “البحث عن الفضيحة”، و”الأحضان الدافئة” و”في الصيف لازم نحب”، واستمر عرض هذه الأفلام أكثر من عشرين أسبوعا وحققت إيرادات خيالية.
عالم النجومية
يشير صبري إلى أنه من خلال أفلامه الأولى تلك عبر إلى عالم النجومية، وأصبحت صوره على أفيشات السينما، ويذكر أنه كان للمخرج حسن الإمام دور كبير في تقديمه للسينما في العديد من الأدوار بعضها صغير والآخر كبير، مثل فيلم “بنت من البنات”، و”لست مستهترة” و”امتثال” و”حب وكبرياء” الذي غنى فيه أغنيته الشهيرة “محتار أنا ويّا البنات” وكانت جواز سفره للبطولة لأفلام أخرى مع حسن الإمام، من بينها “حكايتي مع الزمان”، مع الفنانة وردة، والشخصية المختلفة تماما في فيلم “وبالوالدين إحسانا” وهو الدور الذي حصل فيه على جائزة عيد الفن من الرئيس أنور السادات.
وتوالت أدوار البطولة “رحلة الأيام”، “دقة قلب”، “التوت والنبوت”، “العيال الطيبين” و”القضية المشهورة”، “الحلوة عزيزة” و”البحث عن فضيحة”، و”عالم عيال عيال” رحلة سينمائية رائعة، قدم فيها أكثر من 132 دورا مختلفا، ما بين الكوميديا والدراما والأكشن، وكانت أدوارا يحلم بها أي ممثل عاشق للمهنة، إلى جانب الأفلام المميزة التي أنتجها لشركته “السلخانة”، “جحيم تحت الماء” و”دموع صاحبة الجلالة”، “أهلا يا كابتن”، “منزل العائلة المسمومة” و”نشاطركم الأفراح” وغيرها.
ويقول صبري عن علاقة عبدالحليم حافظ وسعاد حسني “بحكم علاقتي بعبدالحليم، كنت أحد الشهود على قصة حبه للنجمة سعاد حسني وغيرته الشديدة عليها لمدة أربع سنوات، حتى أنه كان يحضر لها فيلما من إخراج يوسف شاهين، اسمه ‘وتمضي الأيام‘، كان حليم يحب لعب ‘الكومي‘، وعنده ذاكرة فظيعة في حفظ الأرقام، وفجأة كان يوقف اللعب في منتصف الليل، ويأخذنا في سيارته الفيات السوداء، وهي واحدة من 5 سيارات يملكها، كانت موجودة في الجراج، ويقود حليم بحثا عن سعاد”.
ويتابع “يذهب أولا إلى منزلها ليرى إن كانت سيارتها موجودة أم لا، ثم يمر على بعض العمارات التي اعتادت سعاد الذهاب إليها للعب ‘الكوتشينة‘ مع أصدقائها، فهي كانت تدمن البوكر، وينادي حليم على البواب ويسأله عن الموجودين في شقة فلان، ويقف تحت العمارة نصف ساعة أو ساعة، في انتظار سعاد، ثم يملّ ويرحل، كان حليم يغار عليها بشدة، حتى من مجرد لعب كوتشينة”.
صبري يحكي عن علاقته بعبدالحليم حافظ وسعاد حسني وعن لقاءاته بالكثير من الفنانين والسياسيين
ويلفت “أربع سنوات من الحب والغيرة الشديدة، والغضب من فوضوية سعاد، حيث كان حليم منظما جدا، ولكنني خلال السنوات الأربع، لم أشهد واقعة زواج، ولم أر وثيقة زواج، ولم تسكن سعاد شقة حليم، أو العكس، ولا أستطيع أن أؤكد كما يؤكد زملائي وعلى رأسهم مفيد فوزي زواجهما، لكني أؤكد قصة الحب بينهما، إضافة إلى موقف آخر شهدته بنفسي، قد يكون مؤشرا على ارتباط أو نية ارتباط”.
ويبين أنه “في تلك الفترة حدث زلزال في المغرب في منطقة أغادير، وقررت إذاعة صوت العرب تنظيم حفلة كبيرة جدا لدعم ضحايا الزلزال، وسافر حليم إلى المغرب، ضمن بعثة فنية كبيرة ضمت سعاد حسني ورأسها يوسف وهبي، وعندما عاد عبدالحليم من المغرب، اتصل بيوسف وهبي الذي كان مازال في الرباط وقال له ‘إلغ حجز غرفة النوم التي حجزناها أنا وسعاد.. خلاص الموضوع انتهى”، وهذا يعني أنه كانت هناك نية للزواج أو ربما كان الزواج قائما، فقد حجزا غرفة نوم في المغرب، لكن شيئا مّا أدى إلى إلغاء المشروع، كما أدى إلى إلغاء الزواج، وإلى سحب ترشيح سعاد حسني لبطولة فيلم ‘الخطايا’ ليذهب إلى نادية لطفي”.
ويتذكر صبري لقاءاته بالعديد من الشخصيات السياسية مثل سلطان عمان الراحل السلطان قابوس بن سعيد، كما يكشف عن جانب من آخر حديث تلفزيوني مع أم كلثوم والذي أجراه في صالة كبار الزوار بمطار القاهرة قبل سفرها للعلاج حيث توفيت بعد عودتها من رحلة العلاج بشهرين، يقول “في هذا الحديث سألتها ‘كان شعورك إيه والرئيس الحبيب بورقيبة يطلق اسمك على شارع في تونس‘ قالت لي ‘كنت أتمنى أنه يبقى فيه شارع في مصر باسمي، ولكنني أشكر الرئيس التونسي.. أنا كنت بغني في أستاد، والرئيس كان عارف إني بحب الياسمين، ووضع ياسمين في كل ركن في المسرح، لأغني وأنا أشم رائحة الياسمين، ولو شاهدت تسجيل هذه الحفلة، ستجد أن هذا أجمل تسجيل لأغنية الأطلال”.
ويتابع “أجبتها ‘فعلا عدينا إنك قلت هل رأى الحب سكارى 35 مرة بقفلة مختلفة‘، قالت ‘يا واد يا جن‘. سألتها ‘لو لم تكوني أم كلثوم. كنت تحبي تكوني إيه؟‘. أجابت ‘أحب قوي أكون حارس مرمى في النادي الأهلي. لأن حارس المرمى هو المدافع، وأنا فلاحة. اللي يدافع عن المرمى يدافع عن الأرض، والعرض والشرف والبلد، وأنا كنت أحب أبقى مدافع في النادي الأهلي اللي بحبه”.