سمية الخشاب فنانة تستفيد من تجاربها لتضفي مصداقية على أعمالها

الفنانة سمية الخشاب تسعى في أغنيتها الجديدة "بتستقوى" إلى إجراء تعديلات قانونية تُغلظ عقوبة الاعتداء على المرأة، لإيقاف هذه الظاهرة بمصر.
الثلاثاء 2019/04/30
العنف ضد المرأة قضيتي

لا للعنف ضد المرأة، عبارة تتردد دائما على ألسنة المناهضين لهذه الظاهرة، وتدعمها حملات ومنظمات نسائية تطالب بحق المرأة في العيش دون إهدار كرامتها، لكنها في أرض الواقع لا تحرّك ساكنا لوقف الإهانة داخل كل منزل، وتظهر المرأة قوية وتحافظ على كرامتها أمام الكاميرات، ويبدو المشهد مختلفا إذا شاهدناه من زاوية أخرى من داخل جدران منزلها، وعلى لسان فنانة خاضت تجربة قاسية وتحرص على نقل دروسها.

القاهرة- دفع انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة عددا كبيرا من النجوم إلى تقديم أعمال فنية تساند المرأة، وإن كانت تدور في إطار كوميدي مثل مسلسل “النساء قادمون”، ولم يتوقف الأمر على الدراما التلفزيونية فحسب، حيث دعمت بعض المطربات هذه القضية، وفي مقدمتهنّ المطربة اللبنانية إليسا التي قدمت أغنية “يا مرايتي” ليشعر معها البعض أنهم أمام فيلم قصير يروي معاناة امرأة من معاملة زوجها لها، وحقق الفيديو إشادة واسعة من الجمهور والنقاد، وبلغت مشاهدته 34 مليون مشاهدة.

آخر الفنانات كانت المصرية سمية الخشاب التي تغازلها فكرة الغناء بين حين وآخر، وقرّرت أن يكون العنف ضد المرأة قضيتها الرئيسية في ثالث أغنياتها، لتحقق أغنية “بتستقوى” في غضون شهر ما يقرب من 3 ملايين مشاهدة.

ولم يكن اختيار سمية لهذه القضية نابعا من اهتمامها بالقضايا النسائية، أو دراسات أجرتها ثم قررت محاربتها بالغناء، بل كان الأمر أبسط بكثير من كل ذلك، وتحديدا بعدما لمست ما حدث لعدد من صديقاتها، لتكون أغنيتها الجديدة رسالة تحذير.

قالت سمية الخشاب لـ”العرب”، إن قرار تقديم الأغنية لم يكن وليد الصدفة، بل اتخذته بعدما شاهدت وقائع كثيرة للعنف، من خلال حكايات سمعتها من أصدقاء وأقارب، مثل تعرّض بعض الزوجات لاعتداءات على أيدي أزواجهنّ، ما دفع بعضهنّ إلى إقامة دعاوى طلاق لسوء المعاملة، فكرة الأغنية اعتبرتها رسالة لكل رجل يقرر الاستقواء على زوجته، استغلالا لفارق القوة الجسدية بينهما.

تجارب حياتية مريرة

لا للعنف ضد المرأة
لا للعنف ضد المرأة

 في الحقيقة، أداء الخشاب الصادق وإحساسها العميق بحجم المشكلة لم يكن نابعا من مجرد الاستماع لروايات صديقاتها أو مشاهدة فيديوهات لقصص على مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، لكنه كان لامرأة ذاقت مرارة التجربة ولمستها وتعايشت معها، وشعرت بألمها النفسي قبل الجسدي، بعدما تعرّضت للضرب على يديْ طليقها المطرب أحمد سعد، ما نتج عنه قرارها بالانفصال، قبل أن تفاجأ بإعلانه أيضا هذا القرار.

وتحاول سمية الخشاب في حديثها لـ”العرب” أن تتجاوز هذه النقطة، لما لحق بها من ألم شديد، مؤكدة أنها حاولت أن تنفي هذه التفاصيل إلى أن أعلن طليقها أحمد سعد خبر الانفصال عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، لتقرر كشف الحقيقة والإهانات التي تعرّضت لها.

وأشارت إلى أنها قررت أن تترجم هذه المشاعر إلى رد فعل، بعد أن تواصلت مع الشاعر الغنائي هشام صادق الذي طالبته بكتابة أغنية تناهض العنف ضد المرأة، ونقلت أفكارها إليه ليترجمها إلى كلمات معبّرة من خلال أغنية. وتسعى سمية الخشاب في أغنيتها الجديدة إلى إجراء تعديلات قانونية تُغلظ عقوبة الاعتداء على المرأة، لإيقاف هذه الظاهرة بمصر.

وأوضحت لـ”العرب” أن أكبر دليل على تأثير ونجاح الأغنية، تلقيها إشادة من مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، التي أبدت إعجابها بكلمات الأغنية وفكرة الفيديو، ولم تُصدق أن سمية من لحنت الأغنية من فرط انبهارها باللحن، وهو ما أسعدها وأمدها بطاقة إيجابية. وأضافت أن ظاهرة استخدام العنف ضد المرأة يتم ربطها بالمجتمعات المتخلفة غير المتعلمة، لكن من غير المعقول أن يكون هناك أشخاص حاصلون على شهادات عليا، وفي الوقت نفسه يقومون بتصرفات سيئة تتمثل في الاعتداء على المرأة بالقول والفعل، ما يستلزم تغليظ عقوبة الاعتداء، مبرّرة “لأننا لا نعيش في غابة”.

وتابعت “الاعتداء على المرأة ليس بالضرب أو السب فقط، ولكنّ هناك أمورا أخرى تعتبر اعتداء مباشرا، مثل الخيانة، فهي تُعدّ عنفا نفسيا مُدمرا، وأثرها يفوق العنف الجسدي بمراحل، والخائن إنسان لا يُؤتمن جانبه، لأن الخيانة مبدأ لديه، ولن يتخلّي عنها، ومن خان سُيكرّر هذا التصرف مستقبلا، وهو ما كان سببا لأن يكون قضيتي الحالية، والتي بدأت بأغنية ‘بتستقوى'”.

وأكدت الخشاب على ضرورة أن يبدأ كل شخص بنفسه، وهي قد فعلت ذلك بعد أن قرّرت اتخاذ خطوات جادة وجريئة تجاه كل من يتخذ العنف ضد المرأة مسلكا في حياته، بداية من انفصالها رسميا عن زوجها، رغم قصة حبهما، ومساعدته لها وتشجيعها على الغناء، غير أن كل ذلك لم يشفع له أمام لحظة عنف قرّر أن يستخدمها ضدها.

وأشارت لـ”العرب” إلى أن السبب الرئيسي وراء تحمل بعض النساء العنف والإهانة يرجع إلى العائلة، ما ترسّخ لديها بعدما شاهدت بنفسها بعض السيدات تتعرضنّ للقهر من عائلاتهنّ، وأخريات لا يجدن مصدرا للدخل أو مكانا يؤويهنّ، فيضطررن إلى تحمل الإهانة في سبيل مواصلة الحياة.

ولفتت إلى أهمية الانتباه لمدى تأثير المخدرات في سلوكيات الرجل، والتي تجعله غير متزن نفسيا، وفي حالة غير طبيعية، وحاولت الإشارة لذلك بشكل أو بآخر من خلال مشهد في الكليب لزوج يتعاطى مواد مخدرة، ويعتدي على زوجته الحامل لمجرد أنها تناقشه في أمر ما، بالتالي إذا كان الزوج أسيرا للمخدرات التي غيّبت عقله فلن يتوقف عن التعامل بهذه الطريقة الهمجية.

تدخل فوري

لم تكتف سمية الخشاب بدورها التنويري للمرأة من خلال الغناء أو التمثيل فقط، لكنها اعتادت منذ الصغر ألاّ تتوانى لحظة في التدخل الفوري، إذا شاهدت رجلا يعتدي على زوجته في أي مكان عام لتأخذ موقفا مع صف المرأة وتعنفه على فعله.

وشدّدت على أنها لا تتردّد لحظة من أن تعنّف رجلا على سلوكه مع سيدة، وهو المشهد الذي أصرّت أن يكون موجودا في الكليب الأخير، لأنها في الحقيقة لا تتوقف عن مساعدة الغير أو رفع الأذى عنهم.

وتتعرّض بعض الفنانات لمشاهد عنف في إطار الدور الذي يقدمنه في أعمالهنّ، وهو ما شاهدناه أكثر من مرة مع الفنانة سمية الخشاب، وأبرز المشاهد كانت في فيلم “خيانة مشروعة” بطولة هاني سلامة وإخراج خالد يوسف، ما يعطي إشارة لأي رجل لاستخدام نفس الأسلوب في معاملته مع المرأة، في ظل استقاء قطاع كبير من الجمهور حول ثقافته من الأفلام والمسلسلات.

وحكت الخشاب في حوارها مع “العرب” أنها تعرّضت بالفعل لعنف شديد على مستوى التمثيل، وتحديدا في مشهدها مع هاني سلامة في فيلم “خيانة مشروعة” الذي أبرحها ضربا، ما أدى إلى إصابتها في جبهتها، لتقوم بتطهير الجرح وتكمل المشهد، ولا يعجب أن يعتبر البعض ما يحدث في الأفلام والمسلسلات صحيحا ليتم تطبيقه على المرأة، لأن الفن يعرض النماذج الإيجابية ليقتدي بها الجمهور، والسلبية كي يتجنّبها ويتعلّم منها الدروس.

مغالاة النجوم في الأجور أدت لتراجع الإنتاج، ومن واجب كل فنان صادق التخفيض من أجره كي تستمر صناعة الفن

وغابت الخشاب عامين متتاليين، منذ مسلسلها الأخير “الحلال” الذي عُرض في رمضان قبل الماضي، لتتفرّغ بعدها لحياتها الزوجية، ثم عادت لاستئناف حلمها القديم وهو الغناء، وكان لها ألبوم غنائي طرحته قبل ما يقرب 8 سنوات لم يحقق النجاح الكافي.

وكشفت لـ”العرب” أن غيابها عن الدراما التلفزيونية، ليس نتيجة كسل أو عدم وجود نصوص، كما يقول البعض، لكن ساحة الدراما تشهد حاليا أزمة نتج عنها تقليص عدد المسلسلات في رمضان من 65 إلى 15 مسلسلا تقريبا.

ورأت الفنانة المصرية سمية الخشاب أن السبب الرئيسي في الأزمة يرجع إلى ارتفاع أجور بعض الممثلين النجوم الذين لا يتخطى عددهم أصابع اليد الواحدة، بشكل مُبالغ فيها، لتتسبب أزمة الأجور في عدم قدرة المنتجين على تغطية تكاليف، وبالتالي عدم الحصول على هامش من الربح يدفع لبيع المُنتج للقناة بسعر مرتفع، فتصبح المحطة غير قادرة على السداد، فتمنح المنتج جزءا من قيمة البيع ولا تجد تغطية للمبلغ المتبقي.

ولم تمنع هذه الأزمة الخشاب من أن تكون موجودة في عمل جديد مع المخرج حسني صالح يحمل عنوان “بيت القبائل” سيتم عرضه في الماراثون الرمضاني المُرتقب، وفضّلت تخفيض أجرها رغبة منها في سير عجلة الإنتاج، وهو ما تراه واجبا على كل فنان لاستمرار صناعة الفن.

16