سلوى زرهان لـ"العرب": أدوار النساء تزدهر في الدراما المغربية

يزخر قطاع الدراما في المغرب بمواهب ووجوه نسائية مبدعة بين ممثلات وكاتبات ومخرجات وتقنيات، يسعين جميعهن لتعزيز حضور المرأة في المجتمع المغربي عبر تسليط الضوء على وضعها الحالي وأهم التحديات التي تواجهها. ومن هؤلاء الممثلة سلوى زرهان التي لعبت أدوارا مهمة تحكي عن نماذج وقصص مستوحاة من واقع نساء مغربيات.
الرباط- تستمر الكتابة الدرامية للنساء في المغرب بتقديم رؤى جديدة ومتنوعة حول دور المرأة في المجتمع من خلال مسلسلات جديدة، إذ تتاح للكاتبات الفرصة لاستكشاف وتعزيز قضايا المرأة بشكل أعمق وأكثر تفاعلية، ما يساهم في كسر الصور النمطية وتغيير التصورات الاجتماعية.
لا تمثل النساء المغربيات في الدراما شخصيات تقليدية فقط، بل يعبرن عن قوة وإرادة وقدرة على التحدي والتغيير، إذ إن هذه الشخصيات تُظهر جوانب مختلفة من الحياة المغربية وتسهم في تقديم نماذج نسائية متنوعة تمثل المرأة القوية والمثقفة والطموحة والمكافحة، وهذه النماذج تساهم في تحفيز النساء والشباب على حد سواء وتشجعهم على السعي لتحقيق طموحاتهم وأحلامهم.
من جهة أخرى، يسهم الحضور القوي للنساء في المسلسلات المغربية في تطوير الصناعة التلفزيونية نفسها. فبفضل الكاتبات والمخرجات والممثلات المبدعات، أصبحت الدراما المغربية أكثر تنوعا وثراء، وهو ما جذب جمهورا أوسع والمزيد من التقدير من قبل النقاد والمشاهدين. هذا النجاح يفتح الأبواب أمام المزيد من الفرص للنساء في هذا المجال ويعزز من مساهمتهن في الفن والثقافة.
تركز الدراما المغربية أيضا على التحديات التي تواجه المرأة المغربية مثل التمييز الاجتماعي والاقتصادي والصراعات الداخلية المتعلقة بالهوية والاستقلالية، وهذا يساهم في زيادة الوعي والدعوة إلى التغيير الإيجابي. كما تلعب التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تعزيز حضور النساء في الدراما المغربية، حيث يمكن للكاتبات والمخرجات الوصول إلى جمهور أوسع ومشاركة أعمالهن بسهولة أكبر، وهذه الديناميكية الجديدة تساهم في تعزيز الحوار والنقاش حول قضايا النساء وتدعم الحركة النسائية في المغرب.
يمكن القول إن الكتابة الدرامية للنساء في المغرب أصبحت تمثل جزءًا هامًا من المشهد الثقافي والفني وتلعب دورا رئيسيا في تقديم صورة حقيقية ومتنوعة عن المرأة المغربية، من خلال ممثلات شابات يتمتعن بالجرأة في تقمص شخصيات تحفز على بناء مجتمع أكثر عدالة وتنوعا، مجتمع يعترف بدور المرأة وقدراتها ومساهماتها بشكل كامل.
وتُعَدُّ الممثلة المغربية سلوى زرهان من أبرز الوجوه الشابة في الدراما المغربية، إذ استطاعت بفضل موهبتها الفذة وأدائها المتميز أن تكتسب شهرة واسعة وشعبية كبيرة بين المشاهدين، من خلال تجسيدها لمجموعة من الأدوار المهمة في مسلسلات ناجحة أسهم في تأكيد مكانتها كواحدة من النجمات الصاعدات في سماء الدراما المغربية.
آخر أعمال زرهان كان مسلسل “عام ونهار”، وفي حوار مع “العرب” توضح هذه الممثلة تفاصيل شخصيتها ومدى انجذابها لهذا الدور وتشابهه مع تجربتها الشخصية، بالقول “مهنة المحامية مهنة أحبها وكنت أتمنى أن أصبح محامية منذ صغري نظرا لقوة شخصية المرأة المحامية وحضورها القوي والجرأة التي تميزها. وهذه فرصة لتجسيد هذه المهنة، كما أن نورة في هذا المسلسل هي أم عزباء وهذه القضية منتشرة في المجتمعات العربية وتعاني كثيرا داخل المجتمع. جربت إحساس الأمومة لأول مرة، ثم شخصية نورة لا تشبهني كشخص، فكانت نوعا من أنواع التحديات لذلك قمت بلعب هذا الدور”.
وتوضح سلوى أوجه الاختلاف أو التقارب أو التميز بين الشخصيات التي مثلتها طوال مسيرتها ومنها شخصية نورة في “عام ونهار” وشخصية جوديا في مسلسل “أحلام بنات” وشخصية حورية في مسلسل “بنات الحديد” وشخصية سليمة في مسلسل “المكتوب” ولطيفة في مسلسل “البيوت أسرار” وشخصية وردة في “دموع الورد”، قائلة “لا أظن أن هناك أوجه تشابه سوى أنهن شخصيات نسائية، كل منهن تحافظ على كينونتها ولا تسمح للمجتمع ومحيطها بأن يؤثر على شخصيتها وتكوينها وأهدافها التي تسعى إليها ونظرتها للحياة. هذه الشخصيات كلها تكمل بعضها، لأن جوانب موجودة في جوديا لن تجدها في نورة، ثم شخصية سليمة موجودة في جوديا وليست موجودة في أخرى، وهكذا يتم الأمر كي لا أسقط في النمطية”.
وتشرح الممثلة المغربية عن كواليس استعدادها لكل دور بقولها “أكيد يكون الاستعداد جيدا، لأن كل شخصية تتطلب مجهودا وتركيزا، ولا يمكن الجمع بين مسلسلين لأن هذا يشتت الانتباه والتركيز، وبالتالي لن أوفي لكل دور حقه. كل ممثل يجب أن يأخذ كل شخصية بجدية وأن يقوم بأبحاث حول أبعاد كل شخصية على حدة، لأن لكل شخصية ميزاتها. ولكي يكون الدور صادقا وحقيقيا من الواجب تفتيت الشخصية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها من أجل معرفة شمولية حول الشخصية”.
وحول تأثير الأبعاد النفسية للشخصيات التي تؤديها على حالتها النفسية وصعوبة تخلصها من تأثير بعض الشخصيات بعد انتهاء التصوير، تقول “هناك أبعاد تؤثر على شخصية الممثل في كل دور يلعبه، ولأنني أنغمس في تجسيد أدواري بكل جوارحي، يؤثر هذا الأمر كثيرا في صحتي النفسية والعقلية والجسدية أيضا. إن لم أشعر بهذا التأثير لن أكون صادقة مع الجمهور الذي لن يتفاعل بدوره إن لم يحس بالصدق الذي يصدر عن الشخصية واهتزازاتها النفسية. لهذا، آخذ فترة استراحة بين أدوار المسلسلات حتى أستطيع التخلص من الشخصية السابقة”.
وفي حديثنا عن تطور دور المرأة في الدراما المغربية من خلال تجربتها، تقول سلوى زرهان “شهد حضور المرأة في صناعة الدراما المغربية قفزة نوعية وتطورا واضحا، بما فيها شخصيات خلفت صدى طيبا لدى الجمهور. هناك حضور قوي، سواء على مستوى كتابة السيناريو أو على مستوى الأداء، فالنساء أصبحن جزءا لا يمكن الاستغناء عنه، خاصة في السنوات الأخيرة. كما أن طموحي في مجال التمثيل هو أن أترك إرثا فنيا خاصا بي كمرجع لي وللأجيال القادمة، كشخصيات حاضرة بقوة داخل المجتمع المغربي والعربي. وما زال لدي تحد مع نفسي كي أجسد شخصيات جديدة لم أتطرق إليها من قبل، تخرجني من منطقة الراحة”.
وتستمر سلوى زرهان في صقل موهبتها وتقديم المزيد من الأدوار التي تعكس تنوع وعمق تجربتها الفنية، مؤكدة مكانتها كواحدة من أهم الممثلات في الدراما المغربية الحديثة. فهي تشتغل على مسلسل جديد يسمى “قفطان خديجة” من إنتاج أماج فاكتوري، وهو مشروع جديد من المخرجة لميس خيرات.
وتهتم سلوى زرهان بتجسيد شخصيات متنوعة ومختلفة، ما أظهر قدرتها الفائقة على التلون والاندماج في أدوارها بشكل لافت، ومن بين أدوارها البارزة التي تركت بصمة لدى الجمهور، نجد شخصية جوديا في مسلسل “أحلام بنات”، التي أظهرت فيها عمق المشاعر والتعاطف مع قضايا النساء، كما تميزت في دور حورية في مسلسل “بنات الحديد”، حيث أبدعت في نقل معاناة النساء العاملات في بيئة صعبة.
وفي مسلسل “عام ونهار”، نجحت سلوى في دور نورة، مقدمة أداء مميزا في تصوير الصراعات اليومية والتحديات التي تواجهها الشخصية، كما أثرت في قلوب المشاهدين بدور سليمة في مسلسل “المكتوب”، حيث جمعت بين الرومانسية والدراما بطريقة رائعة.
ونجدها في مسلسل “بغيت حياتك”، حيث جسدت شخصية بسمة، معبرة عن التطلعات والأحلام الشابة بأسلوب مميز، وأظهرت براعتها في الكوميديا والدراما في آن واحد بدور لطيفة في مسلسل “للبيوت أسرار”. كما قدمت أداء قويا في شخصية لبنى في مسلسل “السرد المدفون”، ونجحت في نقل تعقيدات الشخصية ومشاعرها الدفينة، ودور وردة في مسلسل “دموع الورد”، حيث تألقت في تصوير قصة حب مؤثرة ومعقدة.