سلوك قمعي يمنع لويزة حنون من تنظيم تجمع سياسي في منطقة القبائل

تشنج غير مسبوق بين حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية في سياق محاولات لاختراق الجمود السياسي الذي يخيم على البلاد.
الاثنين 2024/06/03
منعطف جديد في السباق الانتخابي

الجزائر- اضطر حزب العمال اليساري الجزائري إلى إلغاء تجمع شعبي له كان ينتظر أن تنشطه زعيمته لويزة حنون في إحدى بلدات تيزي وزو في منطقة القبائل، بسبب محظورات سياسية فرضت عليها، ووجه أصابع الاتهام لقيادة جبهة القوى الاشتراكية بالوقوف وراء الخطوة غير المسبوقة، بعدما أبلغت بذلك من طرف مسؤولين محليين ينتمون إلى الحزب المذكور.

واتهمت قيادة حزب العمال، قيادة جبهة القوى الاشتراكية بالوقوف وراء فرض مسؤولين محليين في بلدة “معاتقة” بمحافظة تيزي وزو شروطا وصفتها بـ”الغريبة” على لويزة حنون مقابل السماح لها بتنشيط تجمع سياسي شعبي في المنطقة، في إطار التحضير لخوض الحملة الانتخابية للرئاسيات المقررة في السابع من سبتمبر القادم.

وذكرت بأن “عضوين من المجلس الأهلي المحلي (الأعيان)، والمنتخبين باسم جبهة القوى الاشتراكية في المجلس البلدي، أبلغا المنظمين جملة من المحظورات السياسية التي يتوجب على زعيمة حزب العمال احترامها، وتتمثل في عدم التطرق إلى الإبادة الجماعية في غزة، والوحدة والسلامة الوطنية، ومعتقلي الرأي والحريات السياسية”.

ووصف حزب العمال المحظورات بـ”الغريبة”، و”غير المسبوقة”، خاصة في ظل العلاقة التاريخية بين الحزبين، والتقاليد السياسية والاجتماعية في المنطقة التي تحترم الانفتاح والنضال السياسيين، ودون أن يشير في بيانه صراحة إلى الحزب المذكور، إلا أنه اتهم المسؤولين المحليين بنقل أوامر عناصر في القيادتين الولائية والمركزية. 

وتعتبر منطقة القبائل قاعدة خلفية لجبهة القوى الاشتراكية، التي تحوز في المنطقة على عدد معتبر من المجالس البلدية، فضلا عن المجلس الولائي، لكنه لم يحدث في تاريخ الحزب أن مارس المنافسة السياسية بهذا الشكل، أو تدخل لفرض خطاب معين على منافسيه.

وفي سياق السجال المتصاعد بين الطرفين، عبر بيان لجبهة القوى الاشتراكية عن  “استغرابه الشديد من ورود بعض التأويلات والتلميحات غير البريئة والكاذبة التي ربطت الحزب بإلغاء نشاط حزب سياسي تربطنا معه علاقات أخوية إلى حد الآن، بقرية إيغندوسن ببلدية معاتقة، ولاية تيزي وزو”.

وأضاف “هذا التهجم الصريح على الحزب ومحاولة إقحام مناضليه وقيادته الوطنية واتهامهم بالوقوف وراء الحادث المذكور دون العودة إلى واجب التحري بأنه لا يمت بصلة إلى العمل السياسي الأخلاقي والصادق، وأنه يعبر عن حالة الارتباك لدى البعض إثر قرار الحزب المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة”.

وتابع “ليس من صلاحيات الحزب إصدار تصريحات لعقد نشاطات سياسية عمومية، وعلى وسائل الإعلام التقرب من السلطات البلدية والولائية ومن لجنة القرية المعنية بالنشاط، للتأكد من الموضوع والتحقق فيه، وأن مسارعة بعض الصحافيين المعروفة انتماءاتهم السياسية والمسجل عنهم عداؤهم للحزب في محطات عديدة إلى محاولة الزج به في واقعة لا صحة لها”.

لكن حزب العمال أصرّ على أن “تصرف المنتخبين غير مشروع، لاسيما وأن الأمر لا يتعلق بنشاط أو تجمع يستدعي رخصة، وإنما هو عبارة عن نشاط جواري، وزيارة مجاملة جاءت بطلب من سكان القرية واستجابت لها الأمينة العامة، وأن صدور البيان جاء بعد فشل محاولات الاتصال بقيادة جبهة القوى الاشتراكية، غير أن عدم الرد اضطرهم إلى إصداره للتعبير عن موقفه واستغرابه من الشروط الغريبة التي وضعها عضوا لجنة القرية أمام لويزة حنون، بناء على قيادتهما السياسية الوطنية”.

ويأتي هذا التشنج غير المسبوق بين الحزبين المحسوبين على المعارضة، في سياق محاولات لاختراق الجمود السياسي الذي يخيم على البلاد، رغم اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، خاصة في منطقة القبائل التي ظلت إلى غاية السنوات القليلة الماضية رافدا أساسيا لاحتجاجات الحراك الشعبي، فضلا عن رصيدها في مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية السابقة.

◄ السلطة، ومن ورائها الأذرع السياسية الموالية لها، تحاول ردم الهوة المتفاقمة بينها وبين منطقة القبائل، خاصة بعد 2019

وتحاول السلطة ومعها الأذرع السياسية الموالية لها، ردم الهوة المتفاقمة بينها وبين المنطقة، خاصة بعد العام 2019، حيث تتحدث بعض المصادر عن تنظيم زيارة ميدانية للرئيس عبدالمجيد تبون إلى ولاية تيزي وزو، كما تسعى بعض الأحزاب إلى تعبئة قواعدها من أجل استقطابها للمشاركة في الانتخابات القادمة وكسر المقاطعة.

وتجمع تلك الفعاليات على ضرورة كسر المقاطعة واستعادة المنطقة للاستحقاقات الوطنية، من أجل سحب البساط تماما من التيار الانفصالي الذي تقوده حركة “ماك”، والتي تحاول استغلال القطيعة السياسية بين الطرفين من أجل إيهام الرأي العام الدولي والداعمين لها، بأن قناعة الانفصال هي التي تصنع القطيعة، بينما تؤكد الفعاليات والنخب المحلية أن المسألة يختصرها خلاف سياسي عميق وليس انسياق لفكرة الانفصاليين.

وتعد زعيمة حزب العمال لويزة حنون واحدة من مرشحي الانتخابات الرئاسية المقررة مطلع شهر سبتمبر القادم، كما يُنتظر إعلان جبهة القوى الاشتراكية عن خوض السباق بمرشح عنها، وهو ما يؤشر على بوادر منافسة بين الحزبين أخذت منحى غير طبيعي على اختراق منطقة القبائل.

4