سلوك الطفل محدد لنجاح علاقاته المستقبلية

الأطفال القلقون والشاردون أكثر عرضة للبقاء بلا شريك، والعدائيون الصداميون مهيأون للانفصال والعودة إلى العزوبية.
الخميس 2020/11/12
الأطفال الاجتماعيون يميلون إلى علاقات أكثر استمرارية

أوتاوا ـ يؤكد علماء النفس أن بذور أنماط العلاقات تُزرع مبكرا وتكون واضحة حتى قبل سن المراهقة، وهو ما يطرح تحديات اجتماعية على الأطفال الذين يعانون من مشكلات سلوكية.

وتتنوع المشكلات والاضطرابات المتعلقة بسلوك الطفل. ويعرف الطب النفسي اضطراب السلوك  بأنه الإفراط الحركي والعدوان وتشتت الانتباه والتخريب والجنوح والكذب والانحرافات الجنسية والقلق الاجتماعي وتحاشي أو تجنب الاحتكاك بالآخرين.

وأكدت دراسة حديثة أن الأطفال القلقين والشاردين  أكثر عرضة للبقاء بلا شريك، وأن العدائيين الصداميين مهيأون للانفصال والعودة إلى العزوبية، أما الأطفال الاجتماعيون، الذين صُنفوا على أنهم لطفاء ومساعدون ويراعون مشاعر الآخرين، فهم يميلون إلى عقد شراكات أكثر استمرارية وفي وقت أبكر عبر مراحل البلوغ.

كما أوضحت الدراسة أن الأطفال ذوي المشكلات السلوكية المزعجة وغير الإرادية يحظون بأصدقاء أقل، ويكون أداؤهم الدراسي أقل من المتوسط. وأشارت إلى أن المدرسين يمكنهم المساعدة إذا تمكنوا من التعرف على هؤلاء الطلاب مما يمكنهم من تحسين فرصهم في الحياة.

واستندت الدراسة إلى تحليل ما يقرب من 3 آلاف طفل كندي قيّمهم مدرسوهم لممارستهم سلوكيات مثل عدم الانتباه، وفرط النشاط، والعدوانية، والقلق، والمحاباة في سن الـ10 والـ11والـ12 عاما. ثم تابعوهم حتى مرحلة البلوغ، من أجل فحص سجلاتهم الضريبية بعد إخفاء هوياتهم.

وبيّن فحص السجلات الضريبية أن المشاركين الذين كانوا في الغالب غير مرتبطين من سن كان أغلبهم بفارق كبير أطفالا مضطربين، بينما كان أولئك الذين انفصلوا في وقت مبكر ثم عادوا إلى العزوبية، في الغالب عدوانيين وصداميين خلال مرحلة الطفولة.

الأبحاث تظهر أن الاضطرابات النفسية خلال مرحلة الطفولة، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة واضطراب السلوك، مرتبطة بصعوبات العلاقات المستقبلية وما تشمله من العنف ضد الشركاء وانخفاض الرضا عن العلاقة

والمثير للاهتمام أكثر من ذلك أن الأطفال الذين كانوا الأكثر شرودا كانوا أكثر ميلا إلى أن يكونوا في فئة العزاب أو في فئة المنفصلين.

وكان المشاركون في فئة العزاب والمنفصلين يختلفون بالكاد في أوجه أخرى، منها: أنهم كانوا أكثر ميلا إلى ترك المدرسة الثانوية دون الحصول على شهادة جامعية، ومن ثم يحصلون على دخل أقل.

وأظهرت الأبحاث أن الاضطرابات النفسية خلال مرحلة الطفولة، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة واضطراب السلوك، مرتبطة بصعوبات العلاقات المستقبلية وما تشمله من العنف ضد الشركاء وانخفاض الرضا عن العلاقة.

كما بينت الأبحاث التي أُجريت على مدار الأعوام الخمسين الماضية، أن بعض طرق تربية الأطفال تأتي بنتائج أفضل من غيرها، من حيث أنها تؤدي إلى نمو علاقات أفضل بين الآباء والأبناء، وتُخرج أطفالا سعداء وأصحاء وأكثر فاعلية. وينصح علماء النفس الآباء والأمهات باستخدام الأبحاث ونظريات التعلم بحكمة لكي يمارسوا دورهم بطريقة أفضل تماما مثلما يستخدمون العلوم الطبية بحرص وبشكل استراتيجي في اتخاذ قراراتهم الصحية.

وتفيد نظرية التعلم بأن السلوك الإنساني سواء كان بسيطا أو معقدا يخضع لعوامل مكتسبة وأن السلوك الشاذ أو غير المـرضـي يكتسب نتيجة لأخطاء في التعامل مع الطفل. وتعلم هذه النظرية أيـضـا أن ما يكتسبه الطفل من أخطاء سلوكية أو اضطـرابـات يمكن أن يتوقف عنه أو يعالج منه إذا ما تم تعديل الشروط التي أدت إلى تكوينه.

21