سلطنة عمان لا تنتظر دعما خليجيا لتخفيف أزماتها الاقتصادية

جاء إعلان سلطنة عمان أنها لا تنتظر دعما اقتصاديا من دول الخليج، ليؤكد تداعيات ابتعاد أجندتها السياسية عن مواقف أكبر جيرانها الخليجيين، خاصة في ما يتعلق بأزمة اليمن والتوتر مع إيران. وتزامن ذلك مع إعلان مسقط عن خفض مقلق في توقعات النمو الاقتصادي.
لندن- عبرت الحكومة العمانية بطريقة دبلوماسية عن يأسها من الحصول على دعم خليجي لتخفيف أزماتها الاقتصادية، بتأكيد عدم وجود أي محادثات مع دول الخليج للحصول على مساعدات في وقت تتراجع فيه توقعات النمو الاقتصادي.
وقال الرئيس التنفيذي للبنك المركزي طاهر العمري للصحافيين على هامش مؤتمر مالي في الكويت إنه ليس هناك أي مباحثات مع دول الخليج “ليس من جانبنا. لم نناقش
أي شيء”.
وتعاني سلطنة عمان من دوامة أزمات اقتصادية وصعوبات في تنفيذ الإصلاحات في ظل تراجع مواردها المالية بسبب تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014.
وتبدو الأزمات مرشحة للتفاقم بعد أن أعلن البنك المركزي هذا الأسبوع عن خفض كبير في توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ليضعها عند 1.1 بالمئة، انخفاضا من تقديرات سابقة عند 2.2 بالمئة.
ولا تزال مسقط قادرة على الوصول إلى الأسواق المالية، حيث اقترضت في وقت سابق من العام الحالي 3 مليارات دولار من خلال إصدار سندات سيادية، لكنها تعاني من ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وتصنف وكالات التصنيف الائتماني ديون سلطنة عمان السيادية في درجة عالية المخاطر، الأمر الذي ينعكس في ارتفاع أسعار الفائدة التي يطالب بها المقرضون الدوليون، والتي وصلت إلى مستويات حرجة.
وحاول الرئيس التنفيذي للبنك المركزي التقليل من حجم المخاوف بالقول إن العجز المالي يتراجع بفضل كبح الإنفاق. وأكد أن مسقط حققت سيطرة بدرجة ما على الإنفاق وأنها حصلت على بعض الأموال من الضرائب غير المباشرة.
وأكد التزام سلطنة عمان بربط الريال بالدولار، قائلا إن ذلك يحقق الاستقرار وإنه “لا توجد خطط لتغيير السياسة النقدية في ما يتعلق بسعر الصرف. نعتقد أن بإمكاننا
دعمه”.
ويقول محللون إن أسواق المال العالمية تخشى من تعرض سلطنة عمان لأزمة مشابهة للتي واجهتها البحرين في العام الماضي، حين ارتفعت تكلفة اقتراضها والمراهنات على فك ارتباط عملتها بالدولار.
وخرجت البحرين من الأزمة بفضل حزمة مساعدات من السعودية والإمارات والكويت، كانت مشروطة بتنفيذ إصلاحات مالية وضريبية واسعة بينها تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وقد نفذت بالفعل إصلاحات هيكلية واسعة واستعادت ثقة الكثير من الأسواق.
ويستبعد المراقبون أن تجد مسقط حبل إنقاذ مماثل بسبب مواقفها البعيدة عن جيرانها الخليجيين خاصة في ما يتعلق بالقضايا الساخنة مثل حرب اليمن والموقف من السياسات الإيرانية المزعزعة لاستقرار المنطقة إضافة إلى الأزمة مع قطر.
كما أنها تنأى بنفسها حتى عن تطبيق السياسات الاقتصادية الخليجية، حيث لم تفرض حتى الآن ضريبة القيمة المضافة، التي طبقتها السعودية والإمارات منذ أكثر من عام، والتحقت بهما البحرين مطلع العام الحالي.
سلطنة عمان تعاني من دوامة أزمات اقتصادية وصعوبات في تنفيذ الإصلاحات في ظل تراجع مواردها المالية بسبب تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014
ويرى محللون أن التوازنات المالية لعمان لا تستطيع أن تبقى بمعزل عن السياق الإقليمي. وقد تواجه خيارات مالية صعبة في ظل مناخ عالمي يميل إلى تعزيز التحالفات السياسية والاقتصادية.
وكانت السلطنة التي تعاني من ضائقة مالية، بطيئة في تنفيذ الإصلاحات بعد انحدار أسعار النفط في منتصف عام 2014. وتزايد إقبالها على الاقتراض خلال السنوات الأربع الماضية.
وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد خفضت التصنيف الائتماني لسلطنة عمان في مارس الماضي إلى درجة “بي.أي.1” عالية المخاطر، لتلتحق بوكالتي فيتش وستاندرد أند بورز، اللتين سبق وأن خفضت الوكالة تصنيفيهما أيضا.
كما أعطتها نظرة مستقبلية سلبية بسبب استبعاد إمكانية تحسن التوازنات المالية، الأمر الذي يرفع تكلفة اقتراضها من أسواق المال العالمية ويقلص قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية.