سلطنة عمان تستقبل مهرجان المسرح العربي بكامل إرثها

أصبح مهرجان المسرح العربي موعدا سنويا للمسرحيين وجمهور المسرح، إذ يتنقل سنويا بين العواصم العربية، ليحط الرحال كل عام في دولة عربية، غير مكتف بالعروض المسرحية بل يسعى إلى خلق حراك فكري وثقافي حول الفن المسرحي، سواء على مستوى الدولة المضيفة، أو عبر فتح النقاشات على مستوى أوسع. وهذا العام ستستضيف سلطنة عمان المهرجان في نسخته الخامسة عشرة.
تأتي الدورة الـخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح، وتقام في العاصمة العمانية مسقط، في الفترة من 9 إلى 15 يناير الجاري، حافلة بتجليات الخبرات الإبداعية العمانية والعربية المسرحية تأليفا وإخراجا وتمثيلا وعناصر فنية من ديكور وسينوغرافيا (إضاءة، موسيقى، مؤثرات أخرى خاصة) وتدريبا ونقدا، حيث تعرض 15 مسرحية تمثل مختلف الدول العربية على مسارح العرفان وقصر البستان وكلية الدراسات المصرفية.
وتقام حول كل عرض من العروض المشاركة في المهرجان مناقشة نقدية مع مخرجها ومؤلفها، فضلا عن 15 مؤتمرا صحفيا لأبطال الفرقة صانعة العرض، وبالتوازي هناك 4 ورش تدريبية حول مهارات وتقنيات التمثيل وفن إدارة الممثل وغيرها. وتزامنا مع انطلاق المهرجان يلقي الفنان المسرحي الفلسطيني فتحي عبدالرحمن مؤسس المسرح الشعبي في عمّان، وجمعية المسرح الشعبي في فلسطين، كلمة رسالة اليوم العربي للمسرح.
التعاون الثقافي

تحت شعار “من أجل مسرح عربي جديد ومتجدد” يشكل المجال الفكري مسارا مهما في فعاليات الحدث، وذلك انطلاقا من توقيع 33 إصدارا نقديا تتناول المسرح العماني والخليجي والعربي منها 9 خاصة بالمسرح العماني، ثم تأتي الجلسات الفكرية التي يشارك فيها 30 مسرحيا ما بين ناقد وباحث أكاديمي، وكاتب وفنان، وتنقسم إلى قسمين أولهما حول المسرح العماني ويناقش رؤاه وآفاقه الجديدة، والثاني عن المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني.
عقدت اللجنة المنظمة للمهرجان مؤتمرا صحفيا للكشف عن كافة ما تحمله دورة المهرجان من تفاصيل، وذلك بحضور وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية ورئيس اللجنة الرئيسية للمهرجان سعيد بن سلطان البوسعيدي، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح رئيس مجلس الأمناء إسماعيل عبدالله، ورئيس الجمعية العمانية للمسرح عماد الشنفري، وإبراهيم بن سيف بني عرابة المدير العام المساعد للفنون، وجليلة بنت سيف الفهدي مديرة دائرة المسرح وسينما بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، ونخبة من المسرحيين والاعلاميين العمانيين.
وأكد البوسعيدي بأن المهرجان يُعدّ ملتقى يجمع نخبة من الفنانين والمسرحيين والكتاب والمخرجين المبدعين العرب للاحتفاء بفن المسرح وتعزيز دوره في دعم الثقافة والإبداع على المستوى العربي، كما يمثل انعكاسًا للقيم المشتركة في تعزيز التواصل الثقافي، وتبادل الخبرات على الصعيد الداخلي والخارجي، إلى جانب تحقيق الشراكة والتكامل مع المؤسسات المحلية والدولية في المجالات الثقافية.
وتابع بأن وزارة الثقافة والرياضة والشباب تشيد بدور الهيئة العربية للمسرح، على احتضانها خلال السنوات الماضية للإبداع المسرحي العربي والذي كان له دور بارز في ظهور العديد من النجوم والفنانين الذين ذاع صيتهم على المستوى الدولي في مجال المسرح، كما تؤكد الوزارة على الشراكة القائمة مع المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية، والتي كان لها الأثر في استضافة هذا المهرجان.
واختتم البوسعيدي بقوله إن سلطنة عُمان تفتخر بهذه الاستضافة لهذا الحدث المسرحي، الذي يواكب تطلعات الإستراتيجية الثقافية للوزارة 2021 -2040، والتي تهدف إلى تعزيز الحراك الثقافي والمسرحي في سلطنة عمان وإتاحة الفرصة للمسرحيين العُمانيين للاستفادة من العروض المسرحية، الورش التدريبية، والحوارات الفكرية التي تُثري المشهد الثقافي والفني.
◙ تحت شعار "من أجل مسرح عربي جديد ومتجدد" يشكل المجال الفكري مسارا مهما في فعاليات المهرجان هذا العام
ومن جانبه أوضح إسماعيل عبدالله بأن المهرجان يمثل أنموذجا في الشراكة المثمرة مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح، إضافة لحكمة وخبرة الهيئة العربية للمسرح بتوجيه من الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، وهذه كلها ضمانات لتكون الدورة الخامسة عشرة دورة نوعية، وهي هدية الهيئة للمسرحيين العمانيين.
وأضاف عبدالله “جاء اختيار مسقط لتحتضن المهرجان استجابة للرغبة الكبيرة والأكيدة من طرف المسرحيين في سلطنة عُمان، وبتعاون مثمر مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب، والجمعية العمانية للمسرح وتم اختيار مسقط لتكون حاضنة لتنظيم الدورة الخامسة عشرة من المهرجان كدورة مميزة، وهي الرابعة التي تنظم في دول الخليج (بعد قطر 2013، الشارقة 2014، الكويت 2016)، ولا بد في هذا المقام من الإشادة بالطموح والهمة والحيوية التي تميز بها الشركاء في سلطنة عُمان، وكذلك الإشارة بكل التقدير لجدية وحماسة المسرحيين في سلطنة عمان، ليجعلوا من المهرجان مناسبة ثقافية وطنية وعربية بامتياز.”
وفي الدليل الذي أصدرته الهيئة العربية للمسرح، أوضحت كلمة وزارة الثقافة والرياضة والشباب، أنه “امتدادا للدعم المستمر لذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب ودوره في تمكين الحراك الثقافي المتمثل في إقامة واستضافة المهرجانات والفعاليات الثقافية المحلية والإقليمية، وذلك انطلاقا من الرؤية الاستراتيجية للوزارة: عمان وجهة ثقافية رائدة بهوية راسخة. ونظرا إلى ما تمثله المهرجانات الثقافية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص من أثر في التنمية الثقافية لدى المجتمع، ودعم الحضور الثقافي للشباب لتعزيز رؤاهم الفنية والفكرية، جاءت استضافة سلطنة عمان لمهرجان المسرح العربي تحقيقا لتطلعات الوزارة في اتاحة الفرصة للمشتغلين بالمسرح في سلطنة عمان وخارجها من تبادل الخبرات والمهارات في هذا المجال.”
أما كلمة الجمعية العمانية للمسرح فقد جاءت مؤكدة أن “هذه الأرض الطيبة التي ازدهرت بحضارتها العريقة وتاريخها المجيد، كانت ولا تزال تؤمن بالفن، وقد احتضنت المسرح في بيئتها الفريدة. من سواحلها التي تحاكي المدى إلى جبالها التي تروي حكايات الأجداد. كان المسرح العماني مرآة تجسد سماحة إنسانها، وأحلامه وتطلعاته، خشبة تنبض بالحياة تنقل أفراح الناس وهمومهم، وتعكس روح المكان الذي مزج بين الأصالة والمعاصرة. ونحن نشهد اليوم في هذا المهرجان الكبير، نشهد ثمرة جهود وزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح، التي أخذت على عاتقها النهوض بهذا الفن العظيم، ليبقى المسرح رسالة تنطق بجمال القيم وتجسيد إنسانيتنا المشتركة.”
مدارس السعيدية والأندية
قدمت الهيئة العربية للمسرح في دليلها للمهرجان إضاءات مهمة عن تاريخ المسرح في سلطنة بداياته ومرحل تطوره.. حيث تقوم بتكريم فرقه المؤسسة والفنانين المؤسسين. من أول المكرمين مدارس السعيدية. إذ كانت بداية الحركة المسرحية العمانية مدرسية من خلال المدرسة السعيدية بفروعها الثلاثة، والتي كان أولها المدرسة السعيدية في مسقط عام 1940 ثم المدرسة السعيدية في صلالة عام 1951، ثم المدرسة السعيدية في مطرح عام 1959، والتي كانت جميعها تمارس النشاط المسرحي كنشاط مدرسي أو فصلى لطلاب هذه المدارس خاصة المدرسة السعيدية في مسقط. وكان كل الاهتمام المسرحي يرتكز على حفل نهاية العام الدراسي، حيث كان يقام مسرح في الساحة الداخلية لهذه المدارس يحضره كبار رجال الدولة وأولياء أمور الطلبة وتقدم فيه التمثيليات، والأناشيد، والعديد من الأنشطة الطلابية، التي تعطي صورة حقيقية عما وصل إليه مستوى الطلبة التعليمي، وتقدم أثناء تلك الحفلات تمثيليات ذات أحداث قصيرة أو مشاهد تمثيلية مستقاة من المنهاج الدراسي.
وكانت تلك المشاهد التمثيلية عبارة عن مسرحة للدروس إضافة إلى بعض المواقف الفكاهية. إلا أن ضيق التجربة آنذاك وحصرها في إطار المنهج الدراسي جعلها تأخذ المنحى التربوي، الذي حال دون تطور تلك المشاهد التمثيلية المدرسية لتكوين تجربة مسرحية حقيقية، ولكنها ظلت بمثابة نشاط تمثيلي بسيط.
ومـع بداية عام 1970 اهتمت الحكومة العمانية بإنشاء المدارس والاهتمام بالأنشطة الطلابية بشكل عام والمسرح المدرسي بشكل خاص وحث المعلمين على الاهتمام بالمواهب المسرحية في المدارس، وكان الاعتماد على اجتهادات المدرسين الوافدين والعمانيين، واهتمام المدرسين في تلك المدارس وخاصة المدرسة السعيدية بمسقط، الذين كانوا يقومون بالإشراف على النشاط المسرحي فيها، وكذلك رغبة الطلاب وإقبالهم للمشاركة في هذا النشاط، هذه التجارب المسرحية بالرغم من نوعيتها وبساطتها وطريقة عرضها إلا أنها شكلت القاعدة الأولى للمسرح في سلطنة عمان. خريجو هذه المدارس الذين مارسوا النشاط التمثيلي بشكله المبتدئ، هم الذين شكلوا فيما بعد الفرق المسرحية في أندية السلطنة، والتي ازدهرت وتطورت بعد الطفرة الاقتصادية.
◙ تجارب مسارح الأندية ومسرح الشباب استمرت في سلطنة عمان لتخلق جيلا من الرواد المؤسسين لحراك مسرحي خاص
كما تكرم الهيئة مسارح الأندية، فالحركة المسرحية في الأندية ظهرت بعد ظهور المسرح المدرسي في المدارس السعيدية، ثم تزامنت معها خاصة في فترة الستينات بسبب أن العناصر الطلابية التي كانت تشارك في النشاط التمثيلي في المدارس السعيدية انضمت لتشارك في مسرح الأندية، بجانب عناصر أخرى انضمت إلى نشاط النادي والذين درسوا خارج عمان وكانوا يجتمعون أثناء الإجازة الصيفية لممارسة النشاط المسرحي. وأبرز الأندية التي كان لديها نشاط بارز في المسرح هي نادى عمان والنادي الأهلي.
ومن المكرمين نادي عمان، حيث كانت المسرحيات والمشاهد تمتاز بتناولها قضايا أكثر توسعا عن المسرح المدرسي، وبعيدة عن المنهاج الدراسي، وكان وقت عرضها يصل الى ساعة أو ساعة ونصف أحيانا يتخللها بعض الفواصل خاصة من الفنون الشعبية بسبب احتواء كل مسرحية على أكثر من مشهد، وأحيانا يتم تقديم مسرحيتين قصيرتين في نفس الوقت، حيث أن الحفل كان يستمر حتى الساعة الحادية عشر ليلا، وأحيانا يتم مشاركة الممثلين في أكثر من مسرحية.
أيضا سيقع تكريم النادي الأهلي، إذ أن تجربة المسرح في النادي الأهلي كانت أكثر وضوحا قبل 1970 من تجربة نادي عمان، بسبب وجود بعض الكتيبات والمقالات والإرشادات البسيطة عن المسرح في النادي الأهلي. ولعل أول إشارة إلى بداية النشاط المسرحي بالنادي كانت عام 1960، بعرض النادي الأهلي لمسرحية “صقر قريش” على مسرح المدرسة السعيدية بمطرح. تلك المسرحية من التاريخ العربي الإسلامي وتحكي قصة القائد العربي عبدالرحمن الداخل، حيث قام بإخراج المسرحية الأستاذ أحمد دراز مدرس اللغة العربية بالمدرسة السعيدية بمطرح وتم استخدام الملابس التاريخية المعبرة عن شخصيات تلك المسرحية.
لقد استمرت تجارب مسارح الأندية وخاصة تجربة نادي عمان والنادي الأهلي ونادي النهضة والتي بدأت قبل 1970 والتي شكلت مع المسرح المدرسي الجذور الأولى للمسرح في عُمان، ولا شك أن تجربة مسارح الأندية بعد 1970 تطورت وأخذت اتجاهات جديدة في الشكل والمضمون خاصة من خلال هذه الأندية والأندية الأخرى التي ظهرت بعد ذلك، والتي أخذت بنشر الوعي والثقافة المسرحية. لقد اتسمت مسارح الأندية لوجود عناصر العرض المسرحي من الفعل الدرامي والصراع والحوار، ووجود الممثل والمتفرج إلى فنون الغناء، والفنون البصرية والإيقاعية الأخرى، وتقديم العروض على خشبة المسرح (العلبة الإيطالية)، وكذلك بروز ملامح لبدايات ظهور شخصية المخرج المسرحي، الأمر الذي أدى إلى بدايات نضوج المسرح العماني.
دعم المسرحيين
يحتفي المهرجان أيضا بتجارب أخرى في المسرح العماني منها مسرح الشباب. إذ بدأت فرقة مسرح الشباب في مرحلة التكوين الأولى عام 1980 على يد مجموعة من الممثلين الشباب الذين كانت لديهم هواية التمثيل وكانوا يمارسونه من خلال الأندية، إذ كانوا يقومون بتمثيل بعض الاسكتشات البسيطة، ولكن هذه المحاولات لم تكن كافية لتشكيل ملامح مسرح عماني جاد. وقد بدأت الخطوات الحقيقية لإنشاء فرقة مسرح الشباب، عندما تلاقت رغبة هؤلاء الشباب مع رغبة وزارة الإعلام والشباب آنذاك في تنمية النشاط المسرحي، حيث قامت الوزارة بتبني هؤلاء الشباب، وتكوين أول فرقة مسرحية عمانية للشباب، كما قامت باستقدام مخرج عربي من مصر وهو مصطفى حشيش، فالتف حوله هؤلاء الفنانون وتعاضدوا معا لتشكيل أول فرقة مسرحية عمانية من الهواة في العاصمة مسقط وهي فرقة ذات صبغة رسمية بحكم تبعيتها لوزارة رسمية، وقد استقدمت الوزارة فيما بعد أيضا كاتبا مسرحيا وهو منصور مكاوي.
كان تأسيس الفرقة نقطة تحول في مسيرة الحركة المسرحية في عمان وخطوة مناسبة لانبعاث حركة المسرح العماني وتفجير طاقات الممثلين الفنية والمبدعة. لقد أفرز مسرح الشباب من خلال تطوره ظهور كتاب نصوص ومخرجين عمانيين وظهور عدد من الممثلين الذين تبنوا التمثيل كمهنة وليس كهواية، وذلك من خلال الدراسة الجامعية، مما أدى إلى اتساع دائرة الممثلين لتشمل أسماء ممثلين وممثلات جدد على الساحة المسرحية، أيضا محاولة التنويع في الأعمال المسرحية، برزت في هذه الفترة أيضا ظاهرة الجمع بين التأليف والإخراج كما أن المشاركات الخارجية في مهرجانات دول الخليج والمهرجانات العربية لعبت دورا مهما.
أما فرقة الصحوة المسرحية الأهلية، المكرمة بدورها، فقد تأسست الفرقة عام 1987 كأول فرقة مسرحية أهلية في السلطنة، وجاء تأسيسها للمشاركة في النشاط المسرحي وتوسيع قاعدة المشاركة خاصة وأنه لم يكن في تلك الفترة أي نشاط مسرحي بارز غير مسرح الشباب، بالإضافة لإعطاء الشباب فرصة أكبر للمشاركة، وكان نادي السيب هو المقر لهذه الفرقة التي تشكلت بمجموعة من الأعضاء كانوا من الهواة فاعتمدت أعمالهم على اجتهاداتهم الخاصة من خلال القراءة والاطلاع وبعض الدورات المسرحية التي شاركوا بها داخل السلطنة، والتي كان ينظمها مسرح الشباب بمسقط، لذلك ظهرت تلك الأعمال ببساطتها في النص والإخراج والأداء التمثيلي.
قدمت الفرقة أول أعمالها المسرحيـة عام 1987 بعنوان “الصحوة الكبرى” التي قام بتأليفها وإخراجها رئيس الفرقة خليفة البلوشي والتي تعرضت للإنجازات التي حققتها ونظمت الفرقة أول دوراتها التأهيلية في المسرح عام 1996، وفي نهاية الدورة قدمت الفرقة مسرحيتين اجتماعيتين هما “نحن على الهواء” من تأليف خليفة البلوشي وإخراج خالد الوهيبي ومسرحية “الصياد” من تأليف خليفة البلوشي وإخراج صالح الحراصى.
ولا تغفل الهيئة العربية للمسرح الاحتفاء بالجمعية العمانية للمسرح. ففي 25 سبتمبر من عام 2009، تم إشهار الجمعية العمانية للمسرح، لتكون منارة تجمع تحت مظلتها عشاق الفن المسرحي والمبدعين العاملين في هذا القطاع. جاءت الجمعية كجسر للتعارف والتواصل بين المسرحيين، وسعت لرعاية حقوقهم الأدبية والمادية، والعمل على تطوير الحركة المسرحية بما ينسجم مع أهدافها السامية. كما حملت على عاتقها التعريف بالمسرحيين العمانيين ونشر إبداعاتهم في المحافل الخليجية والعربية والدولية، من خلال تمثيلهم في المؤتمرات والمهرجانات المسرحية، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل تسهم في رفع كفاءاتهم في مختلف مجالات المسرح.
وفي عام 2018 تم دمج الجمعية العمانية للمسرح مع الجمعية العمانية للسينما، لكن شُهرت مجددا كجمعية مستقلة في عام 2023، لتعود بقوة وتحقق خلال عامين فقط نقلة نوعية الفتة في المشهد المسرحي العماني. ارتفع عدد أعضائها إلى ما يقارب 500 مسرحي، وكانت شريكا إستراتيجيا في تنظيم مهرجان المسرح العماني ومهرجان ظفار الدولي للمسرح، كما سعت لاستضافة مهرجان المسرح العربي. لم تكتف الجمعية بذلك، بل ساهمت في ابتعاث قرابة 200 عضو للمشاركة في المهرجانات المسرحية داخل السلطنة وخارجها، ودعمت الفرق المسرحية التي مثلت سلطنة عمان في المحافل الدولية. كما نظمت دورات تدريبية شاملة للشباب المسرحيين في مختلف محافظات سلطنة عمان، واتاحت الفرصة للموهوبين للمشاركة في ورش عمل ودورات تدريبية خارج البلاد. وتعد الجمعية اليوم شريكا فاعلا لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، حيث تسهم بجهود ملموسة في دعم وتطوير المسرح العماني، وتحقيق رؤية ثقافية متجددة تليق بتاريخ المسرح العماني وإبداعاته.