سقوط سميث الشكسبيري

كان على المشاهد العربي المعاصر أن يستعيد واحدة من أبرع الصفعات الدرامية، وهو يعبر عن انبهاره أو ازدرائه لصفعة الممثل ويل سميث للفكاهي كريس روك خلال احتفال توزيع جوائز الأوسكار.
كان المشهد باهرا تعبيرا وأداء بين الفنان العراقي سامي قفطان مقابل الفنان المصري كرم مطاوع في تمثيلية الصفعة التي أخرجها الفنان العراقي حسن حسني عام 1982.
برع قفطان بأداء الصفعة على وجه مطاوع الذي لم يقل براعة في تقبله للصفعة والانفعال الأدائي تحت وطأة مفعولها، لذلك نال عليها الفنان العراقي جائزة أفضل ممثل عن دوره في المهرجان العربي الأول للتلفزيون الذي أقيم في تونس عام 1982.
ثمة دراما جديدة للصفعة أداها ممثلان أيضا أمام مئات من الحاضرين وملايين من المشاهدين، لم يكن للتمثيل فيها دور، بل كانت صفعة تعبر عن فقدان رباطة الجأش، عندما ينفجر الأشخاص في قمة حياتهم المهنية ويقومون بحركات مدمرة للذات تمزق كل شيء كانوا يعملون على بنائه.
كم فقد ويل سميث من جمهوره بعد تلك الصفعة، لا يمكن لجائزة أوسكار أفضل ممثل التي حصل عليها في نفس الاحتفالية عن دوره في فيلم “كينغ ريتشارد” أن تعوضهم.
في غمضة عين، انتقل سميث من رجل لطيف على وشك الفوز بجائزة الأوسكار إلى مهاجم مجنون سقط في قبضة الشيطان. صحيح أنه قدم أكثر من اعتذار لاحقا بعد أن شعر بتأثير الفعل المشين على مسيرته الفنية وعلى سلوكه الشخصي، لكن بمجرد أن يقع المرء في قبضة الشيطان، فإن الاعتذار سياتي متأخرا، ولا يكون معادلا للضرر الذي تسبب به.
هكذا هو حال الفنان المحبوب ويل سميث اليوم “هل سيبقى محبوبا؟” حتى وإن قدم استقالته من الأكاديمية الأميركية لفنون السينما، معتبرا أن فعلته في الاحتفال الرابع والتسعين لتوزيع جوائز الأوسكار كانت صادمة ومؤلمة وغير مبررة.
إنه كما يبدو في هذه الجملة العاطفية يواسي قلبه الحزين، أكثر من الاعتذار من كريس روك، الذي حافظ على هدوئه بعد أن تلقى صفعة لم تكن مبررة تحت أي سبب كان.
وذلك ما يفسره أسطورة كرة السلة الأميركية كريم عبدالجبار بأنانية انفجار سميث ضد روك والصدمة الارتدادية، بما في ذلك “خطاب اعتذاره المثير للدموع لخدمة الذات”. وكتب عبدالجبار في مقال إن “سميث بضربة واحدة عنيفة على وجه روك، روج للعنف، وقلل من شأن النساء بمزاعم أنه كان يدافع عنهن! وأهان صناعة الترفيه، كما كرس الصور النمطية عن مجتمع السود، وقدم نموذجا سيئا للشبان من أصل أفريقي خاصة”.
السقوط الشكسبيري الحاد لويل سميث يعيدنا إلى الرؤيوي الذي شخص الأعماق الإنسانية لحظة سقوطها، لأن شكسبير لديه العديد من الشخصيات التي تعجل بسقوط حاد ومذهل: ماكبث، لير، عطيل، هاملت، شيلوك. ومن سوء حظ سميث أنه نال جائزة أفضل ممثل عن دور يستحضر ملكا شكسبيريا في التسمية عن والد أسود شجع بنتيه فينوس وسيرينا ويليامز لأن تكونا أفضل لاعبتي تنس في العالم.
لكن حامل جائزة أفضل ممثل جعل السقف ينهار عليه بفعلته، التي جعلتنا نرى المجتمع الأميركي أكثر قبلية، عندما تصبح سلوكيات الانتقام والانتقام المضاد طبيعية الآن، بيد أن لا بد أن تكون هناك طريقة أفضل للتعامل وإلا سنقتل بعضنا بعضا.