سجل الديمقراطيين في الولايات المتحدة حافل بالتجاوزات في حق المغرب

الرباط - سجل المغرب تذبذبا في موقف الولايات المتحدة الأميركية حيال قضية الصحراء، ووصف مسلكها بكونه يتسم بالتناقض في التعامل مع الملف، فواشنطن التي ما فتئت تعلن عن مساندتها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط، تجاهلت الإشارة إليه في مسودة قرار قدمته لمجلس الأمن هذا الشهر (تم تعديله) يتجاهل المقترح ويفرض على المغرب عودة المكون المدني لبعثة “المينورسو”.
وأعرب المغرب، عن أسفه لكون الولايات المتحدة الأميركية التي تحملت مسؤولية صياغة وتقديم المشروع الأول للقرار حول الصحراء المغربية، أدخلت عناصر ضغط وإكراهات وإضعاف، وتصرفت بما يعاكس روح الشراكة التي تربطها بالمملكة المغربية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يسجل فيها المغرب تناقضا في الموقف الأميركي تجاه قضيته الوطنية، حيث يعاد إلى الأذهان مشروع القرار الذي قادته سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة سوزان رايس، سنة 2013، لتوسيع مهام بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء “المينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وهذا الموقف أثار حفيظة المملكة المغربية حيث اتجهت إلى سحب الثقة من المبعوث الأممي للصحراء كريستوف روس، كما ألغت مناورات عسكرية مع الولايات المتحدة يطلق عليها “الأسد الأفريقي”، لتعود بعد ذلك واشنطن وتسحب مقترحها.
وفي تعليق على الموقف الأميركي قال سمير بن نيس المحلل السياسي المتخصص في الأمم المتحدة المقيم بنيويورك، في حديث مع “العرب”، “الموقف المبهم والضبابي الذي تتخذه الولايات المتحدة، في جميع القضايا العربية وخاصة قضية الصحراء المغربية، يطرح الكثير من علامات الاستفهام”.
ولفت بن نيس إلى أن “تحرك الولايات المتحدة الأميركية، حينما قدمت مشروع قرارها السنوي بخصوص الصحراء دون التشاور مع المغرب خلافا لما جرت عليه العادة وتضمينها في القرار فقرات قوية ضده في حال رفضه عودة المكون المدني لـ’المينورسو’، يمكن تفسيره تحت فرضيتين إما أن التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأميركيون (في القمة الخليجية) كانت ستارا من دخان يهدف إلى تمويه المسؤولين المغاربة، وإما أن هناك وجهات نظر متعارضة داخل الإدارة الأميركية، تمنعها من تكوين موقف واضح المعالم حول هذا النزاع″.
وشدد بن نيس على أنه لا يمكن للمغاربة توقع الحصول على دعم واضح من الإدارة الأميركية الحالية، في ظل وجود وجهات نظر متعارضة على أعلى مستوى فيها.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن مستشارة الأمن القومي للرئيس باراك أوباما سوزان رايس، كانت وراء مشروع القرار الذي دعا لتوسيع صلاحيات “المينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وتسربت أنباء عن أن القرار اتخذ من قبل رايس دون التشاور مع واشنطن.
والآن بعد ثلاث سنوات، يضيف بن نيس، “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن سوزان رايس كانت هي اختيار أوباما الأول لتصبح وزيرة الخارجية لخلافة هيلاري كلينتون، فيمكن لنا أن نذهب حد القول إن موقف الولايات المتحدة في قرار هذا العام والضغوط غير المسبوقة التي وضعتها على المغرب كان مرده الدور المؤثر لسوزان رايس في الحكومة الأميركية، وليس وزارة الخارجية”.
وأكد المحلل السياسي المختص في الأمم المتحدة، على أن العلاقات بين الرباط وواشنطن تظل رهينة بالحزب الحاكم في أميركا، فهي تكون في أحسن الأحوال حينما يكون الرئيس الأميركي من الحزب الجمهوري، وهذا بالضبط ما وقع خلال فترة الرئيس السابق جورج بوش الابن، وهنا ينبغي التذكير بأن القرار رقم 1754 لعام 2007 الذي أسس للعملية السياسية الحالية لقضية الصحراء، والذي أكد على التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه من الطرفين تم اعتماده بإيعاز من واشنطن ومن الدعم الذي قدمته إدارة الرئيس السابق للمغرب.
وأشار سمير بن نيس في خلاصة حديثه، إلى أن العلاقات بين الرباط وواشنطن، لم تصل بعد إلى مرحلة النضج التي وصلت إليها علاقات المغرب بفرنسا وأسبانيا قائلا “إذا نظرنا إلى علاقات المغرب مع هذين البلدين، نرى أن موقفهما من الصحراء أصبح ثابتا بغض النظر عن الحزب الحاكم فيهما، على عكس ذلك فإن موقف الإدارة الأميركية يصبح أقل دعما بتواجد الحزب الديمقراطي في الحكم. وبالتالي فعلى المسؤولين المغاربة وضع استراتيجية تهدف إلى التغلب على العقبات التي تحول دون تمتع المغرب بنفس المستوى من الثقة مع الديمقراطيين”.