سجال بين المصرف المركزي الليبي ومؤسسة النفط ينتهي بانسحاب بن قدارة

انتهى السجال بين مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط حول إيرادات عام 2024 بإقالة رئيس المؤسسة فرحات بن قدارة مقابل تعيين مسعود سليمان خلفا له، دون توضيح الأسباب إلى حين تشكيل مجلس إدارة جديد.
ومن غير المعروف الأسباب الحقيقية وراء استقالة بن قدارة أو إقالته حيث تشير تقارير محلية إلى تقديم استقالته لأسباب صحية، في حين يرى مراقبون أن تركه للمنصب يبدو مريبا خاصة في ظل الخلافات التي عادت للظهور مجددا بين الشرق والغرب حول توزيع عائدات النفط ومقر المؤسسة الوطنية للنفط، حيث أشار بيان للمؤسسة الوطنية للنفط أن “رئيس مجلس الوزراء، المهندس عبدالحميد الدبيبة قد وافق على استقالة رئيس مجلس إدارة المؤسسة الدكتور فرحات بن قدارة، التي تقدم بها نتيجة لظروف صحية طارئة حالت دون تمكنه من أداء مهامه ومسؤولياته بالشكل الأمثل.”
وأضاف البيان “قرر رئيس الحكومة تكليف المهندس مسعود سليمان موسى، عضو مجلس إدارة المؤسسة والرئيس المكلف، بتولي مهام رئيس مجلس الإدارة مؤقتاً، إلى حين انعقاد الاجتماع المرتقب لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار بتشكيل مجلس إدارة جديد.”
وأكدت المؤسسة التزامها الكامل بمواصلة العمل لضمان استقرار قطاع النفط وتعزيز دوره كركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
وفي يوليو 2022 تم تكليف بن قدارة رئيسًا للمؤسسة خلفًا لمصطفى صنع الله مع إعادة تشكيل المجلس الإداري للمؤسسة. وشغل فرحات بن قدارة منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي زمن الزعيم الراحل معمر القذافي من 2006 حتى 2011، ثم عمل مستشارًا اقتصاديًا للمشير خليفة حفتر بين عامي 2018 و2020.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن إيرادات البلاد النفطية لم تتوقف وهي منتظمة في إحالتها إلى مصرف ليبيا المركزي، وأكدت أنها أرسلت 900 مليون دولار إلى المصرف خلال آخر حوالتين، بواقع 400 مليون دولار يوم 31 ديسمبر الماضي، و500 مليون دولار في 12 يناير الجاري.
وطمأنت المؤسسة المواطنين بشأن معدلات إنتاج النفط، التي تخطت مليوناً و400 ألف برميل يومياً في إنجاز لم يتحقق منذ عام 2013، مشيرة إلى أن العمل مستمر على ما يرام بجميع مواقع النفط، وفقاً للخطة الإستراتيجية التي تتبعها بشأن زيادة الإنتاج، وأعربت عن رغبتها في الحصول على الميزانيات اللازمة للمحافظة على معدلات الإنتاج الحالية وزيادتها، مؤكدة استمرارها في إحالة الإيرادات دون تعطيل.
وجاء ذلك بعد مرور يوم على إعلان مصرف ليبيا المركزي أن إيرادات النفط منذ مطلع يناير الجاري بلغت 500 مليون دولار فحسب، داعيا الجهات ذات العلاقة إلى توريد إيرادات النفط بشكل دوري، لتلبية الطلب المتزايد على النقد الأجنبي.
◙ المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أشارت إلى انخفاض متوسط إنتاج النفط خلال 2024 بحوالي 36 مليون برميل
وأكد المصرف الأربعاء وصول إجمالي العمليات المُنفذة على العملة الأجنبية إلى 1.8 مليار دولار خلال عشرة أيام، وأشار إلى وصول إجمالي حجوزات العملة الأجنبية للأفراد منذ بدء عمل المنظومة، يوم الأحد 5 يناير، إلى 894 مليون دولار، وأعلن عن استمرار العمل بمنصة حجز العملة الأجنبية للأفراد، وتغطية طلبات الاعتمادات المستندية والحوالات للمصارف التجارية لمختلف السلع، لافتا إلى تنفيذ 640 مليون دولار من الطلبات الموردة من المصارف التجارية لمختلف السلع والخدمات الأخرى دون أي قيود. كما نفَّذ المصرف 221.3 مليون دولار من الاعتمادات والحوالات لتغطية طلبات الجهات العامة.
وكان المصرف المركزي بدأ في 5 يناير 2025 تفعيل منظومة النقد الأجنبي للأغراض الشخصية بواقع أربعة آلاف دولار للفرد، مع إمكانية إضافة المبلغ نفسه في نهاية العام، وذلك وفقًا لما يتاح من إيرادات من النقد الأجنبي.
والإثنين الماضي فتح المصرف أبواب الجدل والسجال في الشارع الليبي وبين الجهات ذات الاختصاص بخصوص إيرادات النفط التي قال إنها تراجعت عام 2024 بنسبة تقارب 23 في المئة لتصل إلى 76.7 مليار دينار ليبي (15.5 مليار دولار)، مقارنة بـ99.1 مليار دينار في عام 2023.
في المقابل تلقت المؤسسة الوطنية للنفط بيان مصرف ليبيا المركزي بشأن تراجع إيرادات النفط خلال عام 2024 عما كانت عليه في عام 2023. وقالت إن ما جاء في البيانات من أن الإيرادات المحصلة خلال عام 2024 قد انخفضت عن الإيرادات خلال عام 2023 بمقدار 6.447 مليار دولار، يعود إلى جملة من الأسباب، من بينها أن هناك مبلغا بقيمة 2.4 مليار دولار يخص عام 2022 وتم تحويله إلى الخزانة العامة خلال عام 2023، وهو مبلغ يمثل إيرادات نفط بقيمة 718 مليون دولار بالإضافة إلى مبلغ 1.682 مليار دولار قيمة ضرائب وأتاوات شركة توتال عن الفترة من مارس 2018 حتى نوفمبر 2019، وهذه الإيرادات تمثل إيرادات سنوات سابقة وليست إيرادات عام 2023.
وأشارت المؤسسة إلى انخفاض متوسط إنتاج النفط خلال 2024 عن إنتاج عام 2023 بحوالي 36 مليون برميل، بسبب الإغلاقات التي تؤدي إلى وقف إنتاج النفط لأسباب مختلفة، ولفتت إلى انخفاض متوسط أسعار خام برنت لسنة 2024 مقارنة بما كان عليه سنة 2023، إذ بلغ متوسط هذا الانخفاض 1.86 دولار للبرميل.
◙ المؤسسة جددت التزامها بمبدأ الشفافية والمكاشفة في كل وقت وحين وأنها لا تعمد ولن تعمد إلى إخفاء البيانات والمعلومات ذات العلاقة بثروات الشعب الليبي
ويرى الخبير الاقتصادي إدريس الشريف أن “هناك انخفاضا حادا في الإيرادات السيادية الممولة للميزانية وعلى رأسها إيرادات النفط رغم إعلان مؤسسة النفط عن ارتفاع الإنتاج.”
وأشار في تصريح إعلامي إلى أن “هناك أيضًا انفلاتا في النفقات العامة وهذه كلها أمور خطيرة تهدد الاستدامة المالية العامة وتنذر بحدوث عجز مستمر في ميزانية الدولة،” مضيفا أنه “من الغريب ألا يرد لمصرف ليبيا المركزي إلا 500 مليون دولار مقابل تنفيذ نفذ طلبات عملة أجنبية للأغراض الشخصية والتجارية والحكومية تجاوزت قيمتها 1.3 مليار دولار.”
وتحدثت المؤسسة عن زيادة قيمة توريدات المحروقات من الخارج بقيمة 500 مليون دولار تقريباً، نتيجة لزيادة الطلب من قبل كبار المستهلكين، إضافة إلى التوقفات المتكررة لمصفاة الزاوية الأمر الذي تطلب تغطية العجز في التكرير المحلي من مصادر بديلة في الخارج، فضلاً عن تذبذب إنتاج الغاز الذي يضطر المؤسسة إلى تغطية هذا العجز أيضاً بإحلال الديزل محله، للمحافظة على تشغيل المرافق الحيوية، ما زاد الأعباء المالية على مخصصات المحروقات، بالأخص في حال الأخذ بعين الاعتبار عمليات شراء وتوريد المادة الخام (النافثة غير المعالجة) لتشغيل مصنع الإيثيلين بمجمع رأس لانوف لعام 2024.
وبحسب المؤسسة زادت المصروفات المصاحبة لتغطية توريد المحروقات وتغطية السوق المحلي بقيمة 100 مليون دولار عن عام 2023، شاملة تغطية مديونية عن سنوات سابقة بقيمة 40 مليون دولار، إضافة إلى توريد شحنات من الغاز الطبيعي بقيمة قُدرت بـ199 مليون دولار، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، إلى جانب زيادة مخصصات تسوية الغاز لصالح شركة إيني في عام 2024 بقيمة 447 مليون دولار تقريباً، مقارنة بعام 2023، نتيجة انخفاض إنتاج الغاز من ناحية وزيادة معدل استهلاك السوق المحلي للغاز من ناحية أخرى، الأمر الذي يحد من الكميات المتبقية للتصدير.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إن التراجع المسجل في الإيرادات لم يكن نتاجا لسوء إدارة أو تقدير من المسؤولين فيها وفي الشركات والحقول والمرافق التابعة لها، بل هو نتاج لظروف ومستجدات خارجة عن إرادة الجميع بكل المقاييس.
وجددت المؤسسة التزامها بمبدأ الشفافية والمكاشفة في كل وقت وحين، وأنها لا تعمد ولن تعمد إلى إخفاء البيانات والمعلومات ذات العلاقة بثروات وأرزاق الشعب الليبي مهما كانت الظروف، وأكدت أن أبوابها مفتوحة أمام الصحافيين والإعلاميين التابعين لمؤسسات إعلامية رسمية، للتحقق من هذه البيانات وإمكانية نشرها عبر منابرهم الإعلامية متى استدعت الضرورة، بعد التنسيق مع إدارة الإعلام بالمؤسسة والناطق الرسمي لها.