ستة فنانين سوريين يبنون جسرا بين دمشق والكويت

يتحدى عدد من الفنانين السوريين ظروف الحرب ويثبتون أنه لا حدود للإبداع ولا حواجز تستطيع أن تحول بين تلاقي المبدعين. وحول هذه الفكرة قدم ستة فنانين سوريين معرضا فنيا عرضوا من خلاله مجموعة من الإبداعات تحكي عن استمرار الحياة الطبيعية في سوريا ضمن الظرف السياسي والأمني الكامن فيها الآن.
جرعة فنية
في المعرض لوحات متنوعة انطلقت من دمشق لتعرض في الكويت ويتفاعل معها المحيط المحلي هناك كأفضل ما يكون. ثم تعود هذه الإبداعات لتعرض في دمشق، ومن ثم تنتقل إلى بيروت ومنها إلى العديد من العواصم العربية المختلفة.
وتأتي فكرة المعرض المتنقّل تأكيدا على نبض الحياة الطبيعية المليئة بالدفق الإنساني الذي يتجاوز الحرب ويضع الإنسان السوري في حالة التفاعل والاندماج مع محيطه العربي. وتشير بوادر هذه التجربة إلى نجاح واستقطاب جيّد حققته من خلال الوجود الأول للمعرض بعاصمة عربية خليجية هي الكويت. والأمل أن العواصم العربية الأخرى سوف تستقبل المعرض بنفس السوية.
وفي منطقة سكنية فخمة اسمها المزة احتفت صالة تجليات المختصة بإقامة معارض الفن التشكيلي بهذا المعرض الفني الذي يحمل عنوانا فنيا بنفس قومي عربي “دمشق الكويت، الكويت دمشق”، وسط رعاية رسمية من وزارة الثقافة السورية ومتابعة من الجمهور بشكل شغوف.
وتناغمت اللوحات المشاركة والتي كان عددها ثلاثون في ما بينها لتشكل طيفا فنيا هاما وجديدا. وقد أكد المشاركون في المعرض على أن الفن لا يعوقه حاجز جغرافي أو سياسي، والمبدع العربي يسافر إلى المبدع العربي أينما كان.
وكان المعرض بلوحاته العديدة حذرا في تقديم أي فكر شعاراتي في ما يخص موضوع الوطن العربي أو القومية العربية أو المتضادات السياسية، التي تدور رحاها بعنف في المنطقة العربية كلها حاليا، لذا فقد تناول بأساليب فنية مختلفة ثيمات خاصة تعني المواطن العربي مهما كان وطنه أو توجهاته الفكرية والسياسية.
ويمر المعرض بإبداعات الأسماء الستة التي شاركت فيه بمهارة على كل الاختلافات الرابضة في حياتنا اليومية، ويقدم جرعة فنية خالصة قوامها لوحات فنية رسمها مبدعون وسافروا بها إلى جمهور خاص.
في المعرض لوحات متنوعة انطلقت من دمشق لتعرض في الكويت ويتفاعل معها المحيط المحلي هناك كأفضل ما يكون
ستة فنانين
في استعراض لآراء المشاركين في المعرض أجمع هؤلاء على أنه عبر سنوات سبع هي عمر الأزمة السورية حتى الآن، كان المبدعون يصرّون على مواصلة العمل وتقديم رؤاهم الفنية المختلفة في أشكال إبداعية مختلفة، رواية، سينما، شعر، مسرح، تشكيل.. وغيرها من ضروب الإبداع، ولم يدخر المبدعون جهدا لتطوير ما يقدمونه في مناسبات عديدة من خلال أفلام أو مسرحيات أو دواوين شعر أو معارض تشكيلية.
وأكد المشاركون أن هذه المبادرة تؤكد على الامتداد الشعبي العربي لما وراء حدود السياسة وتقلباتها، بقولهم “اجتمعنا لتقديم هذا المعرض الذي أقيم في دولة الكويت أولا ثم حط مجددا في دمشق ليجول لاحقا العديد من العواصم العربية”.
وشارك في المعرض الفنانون ليلى نصير، أسماء الفيومي، عبدالله مراد، غسان نعنع، نزار صابور وإدوار شهدا، وهم من ألمع الأسماء التشكيلية في الفن السوري المعاصر.
وأكبر المساهمين في المعرض كان الفنان نزار صابور الذي قدم 11 عملا عرض فيها تلوينات من الروحانيات التي كثيرا ما يعمل عليها في أعماله، وكذلك رصده لتفاصيل اجتماعية في محيطه.
وشاركت الفنانة المخضرمة أسماء الفيومي بأربعة أعمال، قدمت فيها تكوينات تشكيلية مزجت فيها بين لون التراب ولون الدم الأحمر لأنها كما أوضحت تريد أن تحكي عن هذه الجدلية في وطن يعاني من الحرب فيه منذ عدة أعوام.
وبدورها شاركت الفنانة ليلى نصير بعدد من اللوحات المنفذة بتكنيك خاص يعتمد على ألواح اللاتيه وطباعة رسومات خاصة عليها تؤكد معاني إنسانية ووطنية عليا.
ورابع المشاركين هو غسان النعنع الذي خلق حالة متفردة في هارموني الألوان، بحيث مالت لوحاته إلى تجاوز حدود الحدية في الألوان الغامقة أو الفاتحة وكانت في فضاءات خاصة بها تحوطها الشفافية والهدوء.
أما الفنان إدوار شهدا فقد تعامل مع حدث حضاري وعسكري كبير حدث في سوريا خلال هذه الأزمة وهو الاعتداء على آثار تدمر بالهدم والتحطيم، فقدم في مساهمته لوحات حكت عن مدينة تدمر بآثارها وحضارتها وماضيها العريق، محاولا من خلال ذلك استحضار بعض رموز حضارتها وإعادة دمجها في الحياة الفنية السورية المعاصرة.
وأما عبدالله مراد سادس المشاركين فقدم أعمالا كرّست رغبته في تقديم تكنيك غير مألوف يصل بالمتلقي إلى أماكن قصيّة مضيفا إليه مساحات جديدة من الجمال.