سباق "ذا إنترسبت" لنشر وثائق الاستخبارات لم يتضمن حماية المصدر

تقرير لـ"نيويورك تايمز" يسلط الضوء على قضية سجن الموظفة في وكالة الأمن القومي الأميركي رياليتي وينر بعد تسريبها معلومات سرية للموقع.
الثلاثاء 2020/09/15
رياليتي وينر وحدها في المواجهة

واشنطن - عرض موقع “ذا إنترسبت” المعروف بكشفه قضايا فساد واهتمامه بالتحقيقات التي تمس حياة الناس، مصادره للخطر دون اهتمام بحمايتهم، وفق ما كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وأدى الإهمال وارتكاب الأخطاء وعدم التنسيق بين العاملين في الموقع إلى سجن مصدر مدّ الموقع بإحدى أهم القضايا التي لقيت صدى واسعا في الولايات المتحدة.

وقال بن سميت في تقرير نشرته نيويورك تايمز، إن “الانتهاك الضخم لبرنامج المراقبة الداخلية لوكالة الأمن القومي في يونيو 2013 من أكثر اللحظات فخرا في الصحافة الحديثة، وواحدة من أنقى اللحظات: كشف المخبر الشجاع إدوارد سنودن، عن مراقبة الحكومة المكثفة للأميركيين والأجانب، قام صحافيان بحماية مصدرهما وكشفا عن أسراره ونالا جائزة بوليتزر وأوسكار عنها”.

وتحدث التقرير عن نشأة الموقع بعد أن أعجب المليادرير بيير أوميديار مؤسس موقع eBay في أكتوبر 2013 بهذا العمل الصحافي الشجاع، فقرر استثمار مبلغ 250 مليون دولار لمؤسسة إعلامية جديدة بقيادة الصحافيين جلين غرينوالد ولورا بويتراس. ووعد باستقلال تام لموقع إخباري جديد غير ربحي هو “ذا إنترسبت” التابع لشركة “فيرست لوك ميديا”.

وتأسس ذا إنترسبت على أساس أن “القيمة الأساسية للصحافة هي فرض الشفافية، وبالتالي المساءلة، على أولئك الذين يمارسون أقوى سلطة حكومية وشركات”.

وكانت مهمة الموقع الأولى هي إنشاء أرشيف آمن لوثائق عميل الاستخبارات الأميركي السابق إدوارد سنودن، والاستمرار في البحث عنها من أجل المزيد من القصص الصحافية.

وأوضح التقرير أنه في عام 2017، طبعت موظفة لغوية في وكالة الأمن القومي الأميركي تحمل اسم رياليتي وينر (25 عاما حينها) تقريرا سريا عن الهجمات الإلكترونية الروسية على برامج التصويت الأميركية، الذي يتعلق ببعض شكوك غرينوالد بشأن التدخل الروسي في حملة عام 2016 وأرسلته إلى صندوق بريد ذا إنترسبت في واشنطن، في أوائل مايو.

وأعطت المحررة في الموقع بيتسي ريد ونائبها روجر هودج القصة إلى صحافيين تلفزيونيين معروفين: ماثيو كول وريتشارد إسبوزيتو.

الفشل في حماية مسرِّب مجهول يعد خطيئة أساسية في الصحافة، لكن "ذا إنترسبت" لم يحاول أصلا حماية مصدره

وتعاون كول الذي كان يعمل سابقا في “إن.بي.سي”، مع غرينوالد في قصص سنودن وكان ضمن طاقم العمل. وتم التعاون مع المذيع إسبوزيتو، الذي كان يقدم  الأخبار في “إن.بي.سي نيوز” و”إ.بي.سي نيوز” وهو الآن المتحدث الرئيسي باسم إدارة شرطة نيويورك.

واعتبر التقرير أن الإهمال بشأن حماية المصدر (رياليتي وينر) محيرا خصوصا في منظمة تأسست على الأمن. فقد وظف ذا إنترسبت قادة في مجال الأمن الرقمي لمثل هذه المواقف.

 لكنّ الإعلامي كول لم يشركهم على الإطلاق. وقال كول وإسبوزيتو إنه تم دفعهما لتسريع نشر القصة، لكن  كول أقر أيضا بخطأ عدم التشاور مع فريق الأمن.

وبحسب نيويورك تايمز، سارع ذا إنترسبت إلى نشر قصة عن التقرير، متجاهلا أبسط الاحتياطات الأمنية. وأرسل الصحافي المسؤول عن القصة نسخة من الوثيقة التي تحتوي على إشارات تظهر بالضبط أين ومتى تمت طباعتها، إلى وكالة الأمن القومي ومكتب شؤون الإعلام، ما كان ينقص فقط هو تحديد وينر على أنها المسربة. ولم يكن أمرا صعبا على الوكالة بوجود الإشارات الأخرى.

وبعد حوالي ثلاثة أسابيع من إرسال وينر رسالتها، ظهر عنصران من الـ”إف.بي.آي” في منزلها في جورجيا لاعتقالها. وأعلنا عن الاعتقال بعد وقت قصير من نشر مقال ذا إنترسبت في 5 يونيو.

وقالت والدتها بيلي وينر ديفيز، في مقابلة عبر الهاتف الأسبوع الماضي “لقد باعوها، وأفسدوا الأمر حتى يتم القبض عليها، ولم يحموا مصدرهم”.

ويعد الفشل في حماية مسرِّب مجهول خطيئة أساسية في الصحافة، وفي هذه الحالة تحديدا فإن ذا إنترسبت، لا يبدو أنه حاول حماية مصدره.

وفتح الموقع على الفور تحقيقا، مما أكد التفاصيل التي أعلنتها وزارة العدل بسعادة بعد أن ألقت القبض على وينر. تضمنت حقيقة أن ذا إنترسبت قاد السلطات إلى وينر عندما وزع الوثيقة في محاولة للتحقق منها، ثم نشر الوثيقة كاملة مع علامات التعريف على الإنترنت.

18