زيارة بومبيو تزيد زخم التقارب بين لندن وواشنطن

وزير الخارجية الأميركي يقوم بزيارة إلى بريطانيا في مسعى للبحث عن حليف جديد بعد أزمة بلاده مع الصين وتقارب مواقف بلاده مع لندن.
الثلاثاء 2020/07/21
التباعد الاجتماعي لا يعني تباعدا سياسيا ودبلوماسيا

تؤكد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى لندن الثلاثاء مدى التقارب الذي باتت تشهده العلاقات بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما ظهر جليا في حديث بومبيو مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ويتزامن ذلك مع التوتر المتصاعد بين بكين ولندن بسبب حظر بريطانيا لمعدات شركة هواوي الصينية في شبكتها للاتصالات.

لندن- التقى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الثلاثاء في لندن رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي توترت علاقته مع الصين بعد انتقاده إجراءاتها في هونغ كونغ واستبعاد شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي من شبكات الجيل الخامس في البلاد.

ووصل بومبيو إلى مقر الحكومة البريطانية ظهر الثلاثاء حيث ظهر واضعا كمامة كما جونسون، قبل أن يجلسا على بعد مترين عن بعضهما البعض. وقال رئيس الوزراء البريطاني في هذا الصدد ممازحاً “التباعد الاجتماعي لا يعني تباعداً سياسياً ودبلوماسياً”.

وتتقارب لندن مع مواقف واشنطن في الأشهر الأخيرة، حتى أنها غيّرت موقفها نهائيا من شركة هواوي واستبعدتها من تطوير شبكات الجيل الخامس لديها، على أن تسحب معداتها بحلول عام 2027.

وهنأ بومبيو بريطانيا على قرارها حظر معدات شركة هواوي الصينية في شبكتها للاتصالات. وقال “أظن أن المملكة المتحدة اتخذت قرارا صائبا”.

وكان بومبيو قد أعلن، للصحافيين الأسبوع الماضي، “نحن سعداء بذلك”، معتبرا أن “رئيس الوزراء بوريس جونسون محق بشأن هذه المسألة”. وردت بكين باتهام لندن بأنها “خُدعت” من قبل الأميركيين.

ويبدو أن العصر الذهبي الذي وعد به وزير المالية السابق جورج أوسبورن للعلاقات الصينية البريطانية خلال زيارة لبكين في عام 2015 قد ولى.

وأثارت لندن غضب الصين عندما أعلنت عن تسهيل منح الجنسية البريطانية لما يقرب من 3 ملايين من سكان هونغ كونغ، ردا على قانون الأمن القومي الصيني الذي فرضته بكين على المستعمرة البريطانية السابقة الشهر الماضي.

وصعد البريطانيون الموقف الاثنين من خلال تعليق اتفاق تبادل المطلوبين مع هونغ كونغ، وتوسيع حظر الأسلحة الذي تم تطبيقه على البر الرئيسي للصين، باعتبار أن بكين تنتهك شروط المعاهدة الصينية البريطانية لعام 1997 والتي رافقت إعادة هونغ كونغ إلى الصين.

من جانبها، ألغت واشنطن المعاملة التفضيلية التي كانت تتمتّع بها هونغ كونغ في التجارة مع الولايات المتّحدة وقيّدت منح تأشيرات الدخول للمسؤولين الصينيين المتهمين بـ”التشكيك” في الحكم الذاتي للإقليم، وأوقفت بيع معدات دفاع حساسة لهونغ كونغ.

دومينيك راب: يجب علينا أن نعمل مع شركائنا لحماية مصالحنا
دومينيك راب: يجب علينا أن نعمل مع شركائنا لحماية مصالحنا

وقال بومبيو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني دومينيك راب، إن الولايات المتحدة وبريطانيا مازال أمامهما المزيد من العمل بشأن اتفاقية للتجارة الحرة، معربا عن أمله بأن يتمكن البلدان من إتمامها في المستقبل القريب.

وقال “من المقرر عقد جولة ثالثة (من المفاوضات) في وقت لاحق هذا الشهر، التركيز الأساسي للولايات المتحدة هو أن نرى أننا يمكننا تحقيق تقدم في هذا وإتمامه بأسرع ما يمكن”.

وأضاف “تحدثت مع رئيس الوزراء (البريطاني) هذا الصباح بشأن هذا الأمر وآمل بأن نتمكن من اتمامه في وقت قريب”.

ووصف بومبيو الصين بأنها معتدية وقال إن لها مطالب سيادة بحرية غير مشروعة وتمارس البلطجة على دول في منطقة الهيمالايا وأخفت تفشي فايروس كورونا واستغلته لخدمة مصالحها بطريقة “مخزية”. وقال “نأمل في تشكيل ائتلاف يتفهم التهديد ويعمل بصورة جماعية لإقناع الحزب الشيوعي الصيني بأن مواصلة هذا السلوك ليست في مصلحته”. وأضاف “نريد من كل دولة تتفهم الحرية والديمقراطية… أن تتفهم هذا التهديد الذي يمثله الحزب الشيوعي الصيني عليها”.

وأثنى بومبيو خلال زيارة للندن على قرار جونسون منع شركة هواوي الصينية من العمل في شبكات الجيل الخامس للهاتف المحمول في بريطانيا قائلا إنه كان القرار الصائب لأن البيانات كان من الممكن أن تصل إلى الحزب الشيوعي الصيني في نهاية المطاف.

ويصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصين بأنها الخصم الرئيسي للولايات المتحدة واتهم الرئيس الصيني شي جين بينغ باستغلال التجارة وإخفاء الحقيقة في ما يتعلق بتفشي فايروس كورونا المستجد الذي يصفه ترامب بأنه “وباء الصين”. من جانبه قال راب، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع بومبيو، إنه «يجب علينا أن نعمل مع شركائنا لحماية مصالحنا».

وأوضح أنه ناقش مع نظيره الأميركي العلاقات الثنائية والملف الإيراني والتحديات الناجمة عن فايروس كورونا. ومن المقرر أن يلتقي بومبيو حاكم هونغ كونغ السابق كريس باتن وكذلك ناثان لو، أبرز الناشطين الشباب في حركة الإصلاح في هونغ كونغ والذي يقيم في لندن حاليا.

وأكدت الحكومة البريطانية أنها استبعدت هواوي بعد فرض العقوبات الأميركية على العملاق الصيني في مايو، بهدف منع هواوي من تطوير أشباه النواقل في الخارج بالاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.

لكن بومبيو يرى أن السبب الحقيقي يكمن في مكان آخر قائلا “أنا متأكد من أنهم فعلوا ذلك لأن خبراء الأمن لديهم توصلوا إلى نفس استنتاجاتنا”. وأوضح أن “المعلومات التي تمر عبر هذه الشبكات ذات الأصل الصيني ستصل بالتأكيد إلى أيدي الحزب الشيوعي الصيني”، وهي اتهامات نفتها شركة هواوي بشدة.

 

اتهام روسيا بالتدخل في حملة الاستفتاء حول بريكست عام 2016
اتهام روسيا بالتدخل في حملة الاستفتاء حول بريكست عام 2016 

ويتزامن وصول بومبيو أيضًا مع نشر تقرير رسمي حول تدخل روسي محتمل في الحياة السياسية البريطانية، وخاصة في الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وطلب إعداد التقرير بعد الاشتباه في التدخل الروسي في الحملة الرئاسية الأميركية.

ولا يقدم هذا التقرير الممتد على 55 صفحة استنتاجات دقيقة، لكنه ينتقد عدم اهتمام الحكومة البريطانية بالمسألة، مشيرا إلى “التناقض الصارخ” مع ردة الفعل الأميركية بعد انتخابات عام 2016 الرئاسية. وينفي الرئيس دونالد ترامب وبومبيو على الدوام أن تكون موسكو لعبت دورا في حملة الانتخابات الرئاسية حينها.

5