زيادة أفلام موسم الصيف لا تكفي لتطور السينما المصرية

هل يسد 25 فيلما حاجة الأسواق العربية وعروض المنصات الرقمية.
الاثنين 2024/05/13
أفلام تجارية

بدأ التعاون السعودي - المصري في مجال السينما يُظهر بوادر زيادة على مستوى إنتاج الأفلام لكنها زيادة تنحصر في الكمولا تتعداه إلى التركيز أكثر على الكيف وعلى مستوى الأفلام وجودة مضامينها وطريقة طرحها، وهو ما ينعكس سلبا على عدد من الأفلام التي سرعان ما يتم سحبها من دور العرض.

القاهرة- يشهد موسم السينما هذا الصيف زيادة عددية نسبيا في الأفلام المصرية المعروضة، حيث تقدر بنحو 25 عملا، مقارنة بنصف هذا العدد في سنوات سابقة، ما جعل هناك رهان على التنوع الذي يجذب الجمهور، لكن بلا تفاؤل كبير حول إمكانية أن تنعكس تلك الأعمال على تطور السينما المصرية وعودتها للمشاركة في المهرجانات الخارجية، في ظل هيمنة البعد التجاري، وغياب الرؤية التي تشير إلى وجود خطط لدى الجهات الإنتاجية تضمن الانتشار على نحو أكبر عربيًا.

استقبلت دور العرض السينمائي في مصر أخيرا خمسة أفلام، هي: “السرب” بطولة أحمد السقا وشريف منير، و“فاصل من اللحظات اللذيذة” بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد، و“شقو” بطولة عمرو يوسف ومحمد ممدوح، و“ع الماشي” بطولة علي ربيع وآية سماحة، و“أسود ملون” بطولة بيومي فؤاد والمطرب عصام صاصا.

ومع أن تلك الأفلام حققت إيرادات بلغت ثلاثة ملايين دولار منذ عرضها تباعًا تزامنا مع عيد الفطر، غير أنها لم تشكل نجاحا يجعلها تحقق طفرة إنتاجية أو فنية عن كثير من الأفلام التي عرضت في السنوات الأخيرة، وهو مؤشر لباقي أفلام الصيف التي ستصدر الفترة المقبلة، إذ تحقق بعض الأفلام إيرادات مرتفعة تشكل جزءا من حصيلة الإيرادات وتكون الغلبة لأفلام تجارية قد يتم رفعها من دور العرض بعد أيام قليلة.

بوكس

من المنتظر أن يشهد موسم الصيف الذي يستمر حتى بداية أكتوبر المقبل مع بدء العام الدراسي في مصر أفلام: الملحد، أصل الحكاية، آل شنب، بضع ساعات في يوم ما، بنقدر ظروفك، جوازه توكسيك، ولاد رزق 3، اللعب مع العيال، لنا في الخيال حب، في عز الظهر، أهل الكف، عصابة المكس، الغربان، زي الستات، الجواهرجي، دراكو رع، البقاء للأصيع، الهوى سلطان، إكس مراتي، المنبر.

تشكل الزيادة في أعداد الأفلام استجابة لاتساع أسواق العرض العربية التي تجذب على نحو أكبر الجمهور المصري في دول الخليج والعراق والأردن، وقد تترتب عن ذلك زيادة في إيراداتٍ لا تعني وجود تطور في الإنتاج الفني، والذي بحاجة إلى دقة أكبر في تقديم أعمال جيدة تضاهي في ما تحققه من مكاسب تجارية وفنية مجموعة من الأفلام المعروضة في آن واحد.

ومع أن موسم الأفلام الصيفي العام الماضي شهد عرض 14 فيلمًا، إلا أنه لم يحقق إيرادات سوى 11 مليون دولار، بينها 4 مليون دولار لفيلم واحد فقط وهو “بيت الروبي” بطولة كريم عبدالعزيز، والذي يحتفظ بلقب الأكثر إيرادات في تاريخ السينما المصرية، وهو لقب يتنافس عليه أبطال الأفلام للتأكيد على تصدرهم شباك التذاكر دون أن يضعوا في اعتبارهم تراجع قيمة الجنيه وزيادة أسعار التذاكر.

قال المخرج أمير رمسيس إن السينما التجارية تحظى باهتمام شركات الإنتاج الفني في مصر، وهي عنصر مهم لتطور صناعة السينما، لكن تبقى المشكلة في جودة الأفلام وتركيز الصناع على الكم وليس الكيف، فهناك اهتمام أكبر بكيفية تسويق الأفلام على المنصات الرقمية بعد طرحها بدور العرض دون النظر لما تحققه من إيرادات في شباك التذاكر بالسينما.

وأوضح في تصريح لـ“العرب” أن تقييم أفلام موسم الصيف صعب بانتظار ما سيتم تقديمه، لكن بوجه عام لابد من التفرقة بين النجاح التجاري وبين التمثيل في المهرجانات المختلفة، فمنظومة التوزيع في مصر تعاني من ضيق أفق، وسمعة سلبية لما يُطلق عليه “أفلام المهرجانات”، ونعتها بأنها لا تحقق إيرادات تجارية، وكل ذلك قد ساهم في العزوف عن تقديم محتوى سينمائي جيد يمكن أن ينافس في الخارج.

وأشار إلى أن القائمين على صناعة الأفلام بحاجة للاستفادة من تجارب أفلام مثل المصري “يوم الدين” والسوداني “وداعًا جوليا”، والأخير حقق منتجه مكاسب هائلة من العرض التجاري في عديد من دول العالم، وحصل على مجموعة من الجوائز، ومثل هذه النوعية من الأفلام بحاجة لتحضير طويل، والتأكد من قدرة الأفلام على مخاطبة الجمهور في جميع أنحاء العالم، وليس الجمهور المصري فقط.

بوكس

ويتفق الكثير من النقاد على أن الحضور الجماهيري للأفلام المصرية في دول الخليج الذي تزايد مع التوسع في إنشاء دور العرض في كل من السعودية والإمارات مثلا، يرتبط بوجود مواطنين مصريين كثر هناك ممن لديهم رغبة في مشاهدة هذه الأفلام، وهذا يصعب أن يكون دليلا على تطور الصناعة، والتي يمكن أن تكون أمام فرصة ذهبية للانطلاق في ظل تحقيق بعض شركات الإنتاج المصرية أرباحا مؤخرا، والاتجاه نحو الشراكات الإنتاجية مع السعودية.

وتشهد ميزانيات الإنتاج الفني هذا العام زيادة واضحة تظهر في فيلم “ولاد رزق 3” وهو إنتاج مشترك بين شركة “بيج تايم برودكشن” المصرية وهيئة الترفيه السعودية، والأخيرة دعمت إنتاج الفيلم الذي جرى تصوير بعض مشاهده في الرياض بثلاثة ملايين دولار، وهو من إخراج طارق العريان.

يجمع العمل مجموعة من النجوم، مثل أحمد عز وعمرو یوسف وأحمد الفیشاوي وكریم قاسم، إلى جانب ظهور خاص لكل من آسر یاسین وكریم عبدالعزیز وإیاد نصار، والملاكم الإنجليزي تایسون فیوري.

قال الناقد الفني أحمد النجار إن الإنتاج المصري – السعودي يمكن أن يساهم في الارتقاء بصناعة الأفلام خاصة مع استخدام تقنيات تصوير حديثة في فيلم “ولاد رزق 3” والتعاون المشترك بين محمد عادل إمام والمخرج شريف عرفة لأول مرة من خلال فيلم “اللعب مع العيال” وهو أحد الأفلام ذات الإنتاج الضخم، بجانب قرار هيئة الترفية بإنشاء صندوق “بيغ تايم” باستثمارات تصل إلى 100 مليون دولار، وتشارك في إنتاج عدد من الأفلام المصرية.

وأشار في تصريح لـ“العرب” إلى أن زيادة دور العرض السينمائي في السعودية وما ترتب عن ذلك من ارتفاع إيرادات الأفلام المصرية تُوجِد نواة للتطوير يمكن أن تظهر الفترة المقبلة، وحال استطاعت السينما المصرية أن تقدم أفلاما ثرية فنية ومتنوعة في قضاياها وقادت إلى جذب الجمهور العربي، فإن ذلك سيعد تطورا يمكن الاستفادة منه في تقديم صناعة جيدة مستقبلا.

وأوضح أن التركيز في مصر ينصب على إنتاج أفلام قصيرة لها قدرة في الحصول على جوائز عديدة، وهناك مشكلة في الأفلام الجيدة الطويلة تكمن في أنها تعاني من مشكلات تعوق قدرتها على المنافسة.

ويمكن النظر إلى فيلم “الرحلة 404” بطولة منى زكي، وكان من المتوقع له أن يحصد جوائز عالمية، غير أن تدخلات الرقابة والتعديلات العديدة عليه وفي مقدمتها اسم الفيلم أثرت سلبا عليه، كذلك الوضع بالنسبة لفيلم “فوي فوي فوي” بطولة محمد فراج والذي تأثر بالحديث عن اقتباس قصته دون الالتزام بحقوق الملكية الفكرية.

ولعل الجدل الذي صاحب فيلم “ريش” الذي حصد ثلاث جوائز في الدورة السادسة لجوائز النقاد للأفلام العربية، على هامش الدورة 75 لمهرجان “كان” السينمائي في العام 2022، وتعرضه لانتقادات من الفنانين أنفسهم وواجه اتهامات بتشويه صورة الدولة، قد دفع نحو التراجع لتقديم أعمال على نفس المستوى، وجعل هناك رغبة لدى بعض المنتجين للبقاء في مناطق آمنة فنيا.

15