"زمن القتل" قصة ضابط غير حياته ألم في ضرسه

ميلانو (إيطاليا)- اشتهر الإيطالي إينيو فلايانو بكاتاباته في حقول مختلفة، فكتب السيناريو وكتب للمسرح وفي الصحافة، كما كتب في النقد الدرامي. وعرف بتعاونه مع المخرج الشهير فيديريكو فليني مضيفا لأفلامه شعورا قويا بالواقعية، على غرار فيلم “الحياة الحلوة” 1960.
لكن أشهر كتاباته كانت روايته اليتيمة بعنوان “زمن القتل”، التي اعتبرها النقاد الرواية المعجزة، والتي بدأت قصتها في إحدى أماسي ديسمبر بطلب من صديقه وناشره ليو لونغانيزي، الذي فاجأه وهما يتجولان في ميلانو، قائلا «هل بإمكانك أن تكتب لي رواية، وتنتهي من كتابتها مع بدايات شهر مارس؟»، فكانت “زمن القتل” ونالت جائزة الـ”ستريغا”، عام 1947، والتي تعد من أهم الجوائز الروائية الإيطالية على الإطلاق.
وأخيرا صدرت الرواية في نسختها العربية عن منشورات المتوسط – إيطاليا، وقد ترجمها عن الإيطالية المترجم والسينمائي العراقي عرفان رشيد.
في روايته يختار فلايانو الانطلاق من حادثة، لا تستحق الزهو، ولا يجوز الفخر بها، مسنِدا مهمة القص إلى صوت «أنا، ضمير المتكلم».
إنها حادثة أبعد ما تكون عن البطولة، تنطلق من وجع عادي يصيب ضرس ملازم في الجيش الإيطالي، يدفعه للبحث عن طبيب ويبتعد عن معسكره في أفريقيا السريالية. ومن خطأ في السير في طريق مختصرة، يضيع لتبدأ مغامرته بالصدفة. يقتنع أولا بأن عدوى الجذام انتقلت إليه، فيهرب، ثم تتلبسه فكرة أنه مطلوب بتهمة القتل، وفي النهاية يتحول فعلا إلى لص وإرهابي. حتى يصل إلى كوخ يوهانس، وهو مكان غامض لكن ربما يمكّنه من الشفاء.
الرواية شديدة الرمزية عن الحروب، تتكاشف مع القسوة الساخرة التي لا ترحم، يختمها فلايانو بصوت البوق العسكري، وحيد النغمة التي تليق ببطل هذه الرواية، تلك النغمة الرتيبة التي تستعجل الجنود بالاستيقاظ، وتدعوهم إلى الاستعداد للعودة إلى إيطاليا، لكنها أيضا نغمة تروي التجارب المخفقة والجرائم المقترفة التي لوثت يدي هذا الضابط الإيطالي، أو التاريخ الاستعماري الإيطالي كله؟
“زمن القتل”، الرواية اليتيمة لإينيو فلايانو، والتي كتبها، كما ذكرنا، بناء على طلب من ناشره، ولكنها سرعان ما تنال أهم وأعرق جائزة أدبية إيطالية، والآن تتربع بين أهم الروايات في تاريخ الأدب الإيطالي.