زخم جديد لشراكات المغرب في الطاقة البديلة مع ألمانيا

تعاون لإنجاز دراسات مشتركة في تقنيات الشبكة الذكية وتكنولوجيا المباني المستدامة والتنقل الكهربائي.
الاثنين 2023/05/15
تأسيس نواة لمستقبل اقتصادي مستدام

يتنامى زخم التعاون بين المغرب وألمانيا في مجال الطاقة المتجددة بوتيرة سريعة مع عقد شراكات جديدة، يُتوقع أن تتيح للطرفين الاستفادة أكثر من إمكانياتهما وخبراتهما في قطاع توليد الكهرباء من المصادر المستدامة.

الرباط - خطا المغرب خطوة جديدة في اتجاه تكريس طموحاته لتطوير قطاع الطاقات المتجددة عبر زيادة الاستعانة بالتجربة الألمانية في هذا المضمار، وخاصة في ما يتعلق بالتكنولوجيا لتحقيق الأهداف المرسومة.

وفي سعيها إلى تعزيز ريادتها في مجال الطاقات المتجددة على الصعيد الأوروبي، تعول ألمانيا على تعاونها مع المغرب، الرائد بدوره في هذا المجال على الصعيد الأفريقي، من خلال مشاريعه في مجال الطاقات المتجددة.

ولتجسيد ذلك، وقع مركز الطاقة الخضراء (غرين إنيرجي بارك)، المنصة الدولية للبحث والتكوين بالطاقات الشمسية ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة وجامعة أوفنبورغ مؤخرا، شراكة لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي بين المؤسسات الثلاث.

ويهدف التعاون إلى إنجاز أنشطة بحثية مشتركة، وعلى الخصوص في مجالات الطاقة المتجددة وتنميتها والتخزين وتقنيات الشبكة الذكية وتكنولوجيا المباني المستدامة والتنقل الكهربائي والرقمنة.

وذكر بيان لمعهد البحث في الطاقة الشمسية أن الاتفاقية، التي تأتي لتعزز التعاون الثنائي في مجال الطاقات المتجددة، تندرج في إطار برنامج “الجامعة – المقاولة”، الذي يهدف إلى إيجاد روابط فعّالة بين الفاعلين في قطاع الطاقات للبلدين.

زكرياء الزرزاري: ألمانيا ترى في المغرب شريكا موثوقا ومهتما بالتحول النظيف
زكرياء الزرزاري: ألمانيا ترى في المغرب شريكا موثوقا ومهتما بالتحول النظيف

وأوضح أن الاتفاقية تشمل إنجاز أنشطة بحثية مشتركة في هذا المجال، مع تبادل التقارير العلمية والمنشورات والمعلومات الأكاديمية الأخرى، من أجل نشر النتائج والاستئناس بها.

وعبرت الأطراف الموقعة على الاتفاقية عن دعمها لإرساء هذه الشراكة الإستراتيجية، التي ستسهم في تطوير قطاع الطاقات المتجددة بالمغرب وألمانيا، وكذلك في النهوض بالابتكار والتميز الأكاديمي.

ويتفق خبراء على أن الشراكات الجديدة والمستقبلية سترسخ خطط الرباط الطموحة لتعزيز برامج التنمية المستدامة الصديقة للبيئة، التي جعلتها مثالا يحتذى في المنطقة العربية.

ولديهم قناعة بأن الشراكة الجديدة ستدعم مساعي الرباط في التشجع على تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة وعلى الإنتاج الذاتي للصناعيين ولقطاع الخدمات وحتى الأشخاص في منازلهم.

ويأتي هذا كله بينما تتطلع الرباط إلى الذهاب في اتجاه تعزيز ركائز المكونات الذكية في المجال عبر التفكير في البطاريات باعتبارها مستقبلا لتخزين الكهرباء.

ويرى الأستاذ الباحث بكلية الاقتصاد والتدبير بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة زكرياء الزرزاري أن ألمانيا وباعتبارها إحدى الدول المصنعة القوية عالميا، رأت في المغرب الشريك الموثوق والذي دائما يظهر انخراطه الجاد في المشاريع لبناء علاقة اقتصادية مهمة.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن ألمانيا رصدت نحو 9 مليارات يورو لتطوير الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية العقد الحالي، منها مليارا يورو مع شركاء خارجيين موثوق بهم كالمغرب.

ويعد المغرب ثاني مستفيد من التمويلات الألمانية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، حيث تساهم برلين بفعالية في تمويل برنامج الطاقة الشمسية، والذي يشكل مكونا رئيسيا في برنامج تطوير الطاقات المتجددة بالبلاد.

وتوقع الزرزاري أن يؤمن المغرب ما بين اثنين وأربعة في المئة من الإنتاج العالمي للهيدروجين الأخضر، أي باستثمارات تقدر بحوالي 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وكانت الرباط قد أسست معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة سنة 2011 لدعم إستراتيجيتها للطاقة من خلال البحوث التطبيقية الموجهة نحو السوق، وكذلك تعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيات الخضراء.

◙ شراكة لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي
◙ شراكة لتعزيز التعاون العلمي والأكاديمي

وفي إطار الشراكة في مجال الطاقة التي تربط البلدين منذ 2012، حيث تشكل الطاقات المتجددة محركا للتعاون الاقتصادي الثنائي، فقد مكنت هذه الأرضية للحوار المؤسساتي حول الطاقة من تبادل مثمر للممارسات الفضلى والخبرات بين البلدين.

وأكد سعيد ملين، المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية، أن بلده يولي أهمية خاصة لمسألة الفعالية في هذا الباب ضمن المخططات الإستراتيجية، باعتبارها رافعة مهمة لتحقيق التحول الأخضر وتعزيز السيادة في تأمين الاحتياجات المحلية.

وأشار ملين خلال ندوة علمية الثلاثاء الماضي إلى أن المغرب يعد من ضمن البلدان الرائدة في تحول الطاقة، مذكّرا بأنه انخرط منذ 2009، تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، في هذا المسار بغية تطوير كل ما يتعلق به عمليا وعلميا.

ويعتمد البلدان بشكل كبير على واردات الطاقة، ولكنهما يهدفان إلى تخفيض حجم هذه التبعية من خلال برنامج الانتقال إلى الطاقات المتجددة.

سعيد ملين: المغرب يولي كفاءة الطاقة أهميةً ضمن خططه الإستراتيجية
سعيد ملين: المغرب يولي كفاءة الطاقة أهميةً ضمن خططه الإستراتيجية

وأشاد جواد الخراز، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بالجهود الاستثنائية التي تبذلها الرباط في هذا المجال سواء ما يتعلق باستقطاب الاستثمار أو التأهيل العلمي.

وأكد أن البلد احتلال المراتب الأولى في المؤشر العربي لطاقة المستقبل، وهو أول مقياس بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجه لتتبع وتحليل التنافسية الطاقية المستدامة بالمنطقة العربية.

وفي إطار الاتفاقية بين الأطراف الثلاثة، تم تنظيم “مدرسة صيفية” لفائدة 30 طالبا من البلدين بمركز غرين آند سمارت بيلدينغ بارك، الواقع في المدينة الخضراء لابن جرير، قرب مراكش جنوبا.

وتهدف الخطوة إلى تكوين الطلبة في قضايا البناء وكفاءة طاقة، واكتساب معارف حول مبادئ تصميم المباني الموفرة للطاقة، وتكنولوجيات الشبكات الذكية، ودمج الطاقات المتجددة في البناء والمدينة، والتخزين، والحركية المستدامة والرقمنة.

وأشار خبراء مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد في تقرير تم إصداره مؤخرا إلى أن المغرب يتمتع بمزايا تنافسية لتزويد أوروبا بالهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بفضل توفر الموارد المتجددة بأسعار تنافسية وبفضل قربها من تلك السوق.

وعقب الحرب في أوكرانيا زاد رهان بلدان أوروبا على الهيدروجين ليحل محل الوقود الأحفوري في القطاعات، التي يصعب إزالة الكربون منها مثل الصناعات الفولاذية والكيمياوية والنقل.

وأوضح خبراء مركز السياسات أن استهداف سوق الهيدروجين الأخضر العالمي يستدعي استثمارات كبيرة وخيارات تكنولوجية وتخطيطا مدروسا جيدا لتحسين إدارة المخاطر.

وكشفت دراستان أجريتا من قبل معاهد فراونهوفر الألمانية أن المغرب بفضل موقعه الجغرافي الإستراتيجي وإمكاناته الاستثنائية من الرياح والطاقة الشمسية، يمكن أن يستحوذ على حصة كبيرة من الطلب على هذا الهيدروجين.

وقدرت الدراستان اللتان تهدفان إلى استكشاف التأثير الاقتصادي والبيئي لتكنولوجيا (باور تو إكس)، أن يسهم البلد بنحو 4 في المئة من الإنتاج العالمي من هذا المورد بحلول 2030.

10