زخم الدبلوماسية يوسع دروب الاستثمارات الصينية في المغرب

ملامح طفرة في التعاون مع إطلاق المشاريع الحيوية والمشاركة في تطوير البنية التحتية وتعزيز النقل الجوي.
الاثنين 2025/03/24
شراكات مستقبلية لمكاسب أكبر وأقوى

تتزايد الدلائل مع انطباعات الأوساط الاقتصادية على أن العلاقات القوية بين الرباط وبكين تعزز الاستثمارات الصينية في المغرب، وتفتح آفاقا واسعة للتعاون المشترك في المستقبل، ما يعود بالنفع على كلا البلدين في مجالات متعددة وعلى كافة الأصعدة.

الرباط - تفتح خطط التنمية الطموحة في المغرب لعقد المزيد من الصفقات الاستثمارية مع الصين، وذلك بفضل ما يتمتع به البلدان من علاقات دبلوماسية جيدة.

وبعد توسيع استثماراتها في السيارات وبطاريات المركبات الكهربائية وغيرها من القطاعات، تدخل مجموعة صنرايز الصينية، إحدى الشركات العالمية الرائدة في قطاع النسيج إلى السوق المغربية مع مشروع تبلغ قيمته 2.3 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار).

وأكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال إشرافه على مراسم توقيع اتفاقية بهذا الخصوص الخميس الماضي، أن هذا المشروع الضخم يعكس العلاقات المتميزة بين البلدين، التي يرعاها العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس الصيني شي جينبينغ، كما يجسد ثقة المستثمرين الأجانب في المملكة.

وأوضح بيان لرئاسة الحكومة أن الاتفاقية تهدف إلى المساهمة في تعزيز تنافسية القطاع في المغرب، وتكريس مكانته رائدا إقليميا في مجال صناعة النسيج، انسجاما مع رؤية الملك محمد السادس.

عبدالقادر الأنصاري: هناك حوار مستمر في ظل وجود تقارب في وجهات النظر
عبدالقادر الأنصاري: هناك حوار مستمر في ظل وجود تقارب في وجهات النظر

ومن المتوقع أن يتم بناء وحدتين صناعيتين في الصخيرات وفاس، ستساهمان في بناء سلسلة توريد متكاملة، وتوفير 7 آلاف فرصة عمل مباشرة و1500 فرصة عمل غير مباشر، إضافة إلى تعزيز دور المغرب في سلاسل القيمة العالمية، وفق البيان.

وارتباطا باستقرار علامات تجارية صينية في العاصمة الرباط والدار البيضاء وطنجة، ووجود ديناميكية كبيرة للسيارات الصينية التي تم تسويقها في البلاد، أكد البيان أن هذا الاستثمار سيكون له دور كبير في توفير كل المواد الضرورية للشركات المحلية.

كما أن المشروع سيسهم في تقليص آجال وتكاليف الخدمات اللوجستية، وتلبية الطلبيات الدولية دون وسطاء، مما سيساعد على تعزيز كفاءة القطاع في البلاد، وتقوية القدرة التنافسية للشركات المغربية، وانفتاحها على أسواق جديدة.

وبشأن آفاق التعاون في السنوات المقبلة، أكد عبدالقادر الأنصاري، السفير المغربي لدى بكين، في تصريحات صحفية أن التعاون يشهد نموا ملحوظا، مع تزايد حضور الشركات الصينية في المغرب، خاصة في مجالات مثل السيارات والطاقة المتجددة والبنية التحتية.

وأكد أن هناك حوارا سياسيا ودبلوماسيا مستمرا بين البلدين مع وجود تقارب كبير في وجهات النظر حول القضايا الأساسية التي تهم البلدين.

ونظرا للأهمية التي يوليها المغرب للشراكة مع الصين في إطار تنويع الشركاء، انضم البلد إلى مبادرة “الحزام والطريق”، مما قوّى مكانته كشريك محوري في هذا المشروع العالمي الكبير الذي يهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر ممرات تجارية وتنموية.

كما عزز عضويته في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية خلال عام 2018، ليصبح مكونا أساسيا من الجهود الدولية لتطوير البنية التحتية الدولية.

ويرى هشام معتضد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية أن هذا الاتفاق مهم جدا على المستوى التجاري، وأيضا في زيادة توثيق العلاقات المغربية – الصينية التي لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل تمتد إلى المجالات الثقافية والتعليمية.

230

مليون دولار كلفة مشروع صنرايز الذي يتضمن وحدتين لصناعة النسيج في الصخيرات وفاس

ويعمل المغرب على تعزيز شراكاته في مجالات مثل التعليم والتكنولوجيا والتبادل الثقافي، ما يجعل من هذه العلاقة الثنائية دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا نموذجا متكاملا للتعاون متعدد الأبعاد.

ولفت معتضد إلى أن الصين تسعى إلى تعزيز نفوذها من خلال أذرعها الاقتصادية في ظل تصاعد المنافسة مع القوى الغربية.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “المغرب يستفيد من هذا السياق لتعزيز موقعه كفاعل إقليمي ودولي قادر على تحقيق التوازن بين شراكاته مع القوى الكبرى.”

وشدد على أن هذه الديناميكية تُظهر أن المغرب ليس فقط إحدى بوابات النفوذ الصيني في أفريقيا، بل هو فاعل قادر على توجيه شراكاته بما يخدم مصالحه الإستراتيجية.

وكان جينبينغ قد أعرب عندما قام بزيارة قصيرة إلى الرباط في نوفمبر الماضي، عن استعداد الصين لمواصلة العمل مع المغرب لدعم بعضهما البعض بقوة في القضايا المتعلقة بمصالحهما الأساسية، والدفع نحو تنمية أكبر للشراكة الإستراتيجية.

وأشار في ذلك الوقت إلى أن الصين والمغرب شهدا تطورا سليما في علاقاتهما، فضلا عن تعاون عملي مثمر وتبادلات حيوية على نحو متزايد في مختلف المجالات.

واعتبارا لحرص الصين على الاستفادة من التفاهم السياسي والعلاقات الدبلوماسية مع المغرب لتوسيع مجال استثمارات شركاتها في المشاريع الكبرى، أعلنت مجموعة جينجي العملاقة المتخصصة في صناعة الصلب، عن سعيها إلى أن تصبح شريكا إستراتيجيا رئيسا في مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب.

هشام معتضد: المغرب يستفيد من الصين لتعزيز موقعه الإقليمي والدولي
هشام معتضد: المغرب يستفيد من الصين لتعزيز موقعه الإقليمي والدولي

وهذا المشروع الضخم الذي أعلن عليه قبل عامين يهدف إلى ربط شبكات الطاقة بين دول غرب أفريقيا والمغرب، كما يعزز التكامل في قطاع الطاقة مع أوروبا.

ووفقا لتصريحات تشانغ يوان يوان، نائب مدير قسم التسويق الدولي في جينجي، تعتزم المجموعة تزويد المشروع بالمنتجات الفولاذية عالية الجودة التي تعد ضرورية لتطوير هذه البنية التحتية، التي تدعمها الحكومتان المغربية والنيجيرية وشركاؤهما.

وارتباطا باهتمام بكين بالمشاريع المرتبطة بأفريقيا، أكد الأنصاري أن الصين تتمتع بعلاقات قوية مع بلدان القارة، لافتا إلى أن المغرب يُعد جزءا فاعلا في هذا المسار، حيث يشارك بشكل نشط في تطوير الشراكات والبرامج المشتركة بين الصين وأفريقيا.

وقال إن “المغرب يظل ملتزما بتعزيز التعاون جنوب – جنوب، خاصة في ما يتعلق بتنمية القارة الأفريقية، وبفضل موقعه الجغرافي وتاريخه السياسي، يشكل جسرا فعليا للصين للدخول إلى أسواق أفريقيا، خاصة في مناطق الغرب والوسط.”

وفعليا توجد خطط للحكومة المغربية لإطلاق رحلات جوية مباشرة بين مدينة الدار البيضاء وبكين، والدار البيضاء وشنغهاي في المستقبل القريب.

ويرى معتضد أن المغرب كنقطة استقبال استثمارات قوية من الصين يعكس التزام البلدين بتطوير علاقة إستراتيجية تتجاوز المصالح الآنية لتؤسس لشراكة طويلة الأمد.

وأشار إلى أن هذا التوازن بين السياسة والدبلوماسية والفعالية الاقتصادية يعزز مكانة المغرب كوجهة رئيسية في إستراتيجيات القوى العالمية الكبرى كالصين ويدفع بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع.

10