رهان على زيارة أمير الكويت إلى مصر لحل الملفات العالقة

الاستثمارات والعمالة أهم قضايا النقاش بين السيسي والشيخ مشعل الأحمد الصباح.
الأربعاء 2024/05/01
هل تحقق الزيارة مطالب المصريين

القاهرة– تراهن أوساط مصرية أن تقطع زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح إلى مصر التي بدأها الثلاثاء، مع مظاهر التشويش على العلاقة بين البلدين، بعد حدوث تأويلات سلبية لمشكلة العمالة المصرية وإجراءات الدعم الاقتصادي الكويتي لمصر.

وفرض التوتر الخفي بين البلدين احتواء ارتداداته وعقد مشاورات على مستوى القمة لسد الباب أمام محاولات الوقيعة بين دولتين تربطهما علاقات إستراتيجية قوية.

واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمير الكويت في مطار القاهرة، ومنحه لاحقا قلادة النيل العظمى، ما يظهر اهتماما مصريا على أعلى مستوى بالزيارة وبالنتائج التي يمكن أن تتحقق من ورائها لتقريب وجهات النظر بشأن الملفات الخلافية.

وصدر بيان مشترك في ختام الزيارة أكد أن الزعيمين تطرقا خلال مباحثاتهما إلى حقل الدرة المتنازع بشأنه بين السعودية والكويت من جانب وإيران من جانب آخر.

وشدد البيان على أن ملكية الثروات الطبيعية في “المنطقة المغمورة”، التي يقع فيها حقل الدرة بكامله، هي “ملكية الكويت والسعودية فقط”، ورفضا “أي ادعاءات بوجود حقوق لأيّ طرف آخر في تلك المنطقة”.

وأشار المتحدث الرسمي للرئاسة  المصرية أحمد فهمي في بيان على فيسبوك الثلاثاء إلى مباحثات بين الجانبين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية التاريخية المتميزة، والقضايا الإقليمية وملفات العمل العربي المشترك ذات الأولوية، دون ذكر تفاصيل أخرى.

وقالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن زيارة أمير الكويت والوفد الرسمي المرافق  تأتي في ظل تنامي العلاقات بين البلدين والحرص على النهوض بالتعاون الثنائي في المجالات كافة والتنسيق المشترك حول مختلف التحديات الإقليمية والدولية.

وتعد زيارة أمير الكويت إلى مصر هي الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي، وسط ترجيحات بأنها ستضع عناوين عريضة للتعامل مع القضايا المشتركة خلال الفترة المقبلة، ما ينعكس على التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي.

وأثار قرار هيئة العمل ووزارة الداخلية الكويتية أخيراً بإعادة وقف تصاريح العمل للمصريين بعد أسابيع قليلة من إصدار تأشيرات لعاملين في القطاع الخاص جدلاً برهن على وجود ملفات إجرائية عالقة في حاجة إلى حلول سياسية سريعة تتجاوز التعقيدات التنفيذية، ورسم صورة جديدة للمرحلة المقبلة التي تذهب فيها الكويت إلى المزيد من التقشف في التعامل مع مشكلات السيولة المالية التي تواجهها.

زيارة أمير الكويت قادرة على إخماد تأويلات داخل مجلس الأمة بشأن الوديعة الكويتية في البنك المركزي المصري

ونقلت (كونا) تصريحات للسفير الكويتي لدى مصر غانم الغانم أكد فيها أن زيارة الشيخ مشعل من شأنها أن “تعطي دفعة للعلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين ونقلها إلى آفاق أرحب لتغطي مجالات أوسع”.

وشدد على أن الزيارة تؤكد حرص القيادة الكويتية على توثيق التواصل والتشاور مع القاهرة حول مستجدات الأحداث إقليمياً ودولياً، إلى جانب بحث القضايا محل الاهتمام المشترك وتطوير العلاقات الثنائية في العديد من المجالات بما يعود بالنفع على البلدين.

وقال مراقبون إن القضايا الاقتصادية والأمنية على جدول الزيارة، إذ تسعى القاهرة لتوسيع أفق الاستثمارات لرجال الأعمال الكويتيين، ولديها رغبة أن تتماشى علاقات الكويت الاقتصادية مع دول الخليج القائمة على الاستثمارات. وتحتل الكويت المرتبة الثالثة بعد السعودية والإمارات.

وتريد القاهرة زيادة أطر التنسيق الأمني مع الكويت حول التعامل مع العناصر الإخوانية التي تورطت في أحداث عنف وتحريض عليه، وهذا الملف من أبرز الملفات التي وظفها تنظيم الإخوان في الكويت لخلق مشكلات مع مصر مؤخرا.

وذكر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن أن العلاقات بين مصر والكويت ودية للغاية، وساند كلاهما الآخر في الكثير من المحطات التاريخية المهمة، إلى جانب الثقل الاستثماري للكويت، والذي يستفيد منه الاقتصاد المصري حاليًا من خلال استثمارات الكويت التي بلغت نحو 20 مليار دولار.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن العلاقات الثقافية الممتدة قادرة على تجاوز أيّ غيوم، إذ يجري البلدان مشاورات دائما بشأن العديد من القضايا العربية، وفي القلب منها الأوضاع في منطقة الخليج، وترتاح مصر للموقف الكويتي المعتدل في القضايا الإقليمية والتعامل بواقعية معها ما يجعل المناقشات بين البلدين تأخذ أبعاداً موضوعية.

وأشار رخا إلى أن قضية العمالة المصرية في الكويت ضمن قضايا الزيارة بعد أن تناولها البعض بطريقة حادة، وتسببت الأزمات التي تتعرض لها العمالة المصرية في حساسيات شعبية، في وقت تعاني فيه الكويت من مشكلات مالية تؤثر على الإنفاق العام وتدفع نحو إعادة النظر في بعض الإجراءات، بينها تضييق الاستعانة بعمالة إضافية.

ويمكن أن يمهد نجاح القمة بين السيسي والصباح لوضع أسس سليمة لعلاقات مستقرة، وتقديم نتائج واضحة لكل المسؤولين في المواقع التنفيذية والإدارية بالكويت، بما يحافظ على المصالح المشتركة مع مصر ويساهم في حل أيّ أزمة.

ويصعب تجاهل تطور الأوضاع الإقليمية في المنطقة وأثرها على عملية التشاور والتنسيق بين الدولتين، حيث تحرص مصر على التنسيق مع دول عربية عدة بشأن تبني موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية وكيفية إنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة، والتعامل مع التهديدات التي تسببها جماعات مسلحة لها روابط بدوائر إقليمية.

وشدد السفير رخا على أن زيارة أمير الكويت قادرة على إخماد تفسيرات قاتمة داخل مجلس الأمة بشأن الوديعة الكويتية في البنك المركزي المصري، إذ جرى سابقا استغلال هذا الملف لأهداف سياسية تخدم أقلية برلمانية، والتأكيد على أن الاستفادة من الاستثمارات الكويتية في مصر تتم بطرق مختلفة، والابتعاد عن محاولات توظيف القرارات ذات التوجه الاقتصادي للمساس بمتانة العلاقات بين البلدين.

وجددت الكويت وديعة بقيمة 4 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري على شريحتين في نوفمبر الماضي، كانت قد وضعتهما سابقا، وانتهي أجل واحدة منهما وقيمتها مليارا دولار في أبريل الماضي، وتنتهي الثانية في سبتمبر المقبل.

وأكد السفير الكويتي في القاهرة أن برامج التمويل التي قدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بما يربو على 50 مشروعاً إستراتيجياً تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري، معرباً عن ثقته بأن زيارة أمير الكويت إلى القاهرة واللقاء بالرئيس السيسي ناجحة بكل المقاييس وعلى كل الأصعدة لما يملكانه من حكمة وحنكة.

1