رفع سقف الائتمان يمنح التجار في الأردن فرصة لإنعاش أعمالهم

بدأ قطاع الأعمال في الأردن يتلمس خطواته نحو الابتعاد عن الركود الذي كبل نشاطه بسبب انعكاسات قيود الإغلاق الاقتصادي بعد رفع سقف التسهيلات المالية التي قدمها البنك المركزي للشركات، حيث اعتبرها خبراء نقطة مفصلية لإعادة الإنتاجية ودعم النمو الاقتصادي للبلد.
عمان- عمّ التفاؤل أوساط القطاع التجاري في الأردن بعد أن قرر البنك المركزي رفع السقوف التمويلية بما يعزز الاستيراد وتسديد الالتزامات المالية التي كانت من بين العوائق التي تعرضوا إليها خلال فترة الجائحة، وبالتالي دفع عجلة الاقتصاد المتعثر.
ويقاوم أصحاب الأعمال أسباب التشاؤم الكثيرة التي كانت مسيطرة عليهم وهم يحاولون بشق الأنفس استعادة نشاطهم ومواجهة تراكم النفقات والخسائر منذ مارس العام الماضي. ويرى التجار والشركات أن الضرورة تقتضي التخفيف من أثر الارتفاعات العالمية التي طرأت على أسعار السلع وأجور الشحن عبر تقليل الرسوم الجمركية والضرائب لمدة نصف عام على الأقل وعدم احتساب ضريبة المبيعات على أجور الشحن في الرسوم الجمركية المفروضة.
وكان المركزي قد أعلن عن رفع سقف التمويل المقدم من البنوك المحلية للقطاع التجاري من 350 ألف دينار (494.5 ألف دولار) إلى 847.8 ألف دولار لتجار الجملة، ومن نحو 247 ألف دولار إلى 282.6 ألف دولار لتجار التجزئة، وتمديد هذا القرار حتى شهر يونيو من العام المقبل.

نبيل الخطيب: الظروف تحتم تجميد الضرائب على بعض المواد لنحو 6 أشهر
وتشير أرقام دائرة الإحصاء الحكومية إلى أنّ واردات البلاد ارتفعت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 21.3 في المئة، ووصلت إلى 13.4 مليار دولار مقارنة مع 11 مليار دولار على أساس سنوي.
واعتبر الشريك في إرنست آند يونغ الأردن المتخصصة في مجال المحاسبة والتدقيق المالي والاستشارات والخدمات، علي سمارة أن القرار الأخير للمركزي برفع سقف التمويل للقطاعات التجارية سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد المحلي.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى سمارة قوله إن “القرار يسهم في سداد الالتزامات المالية على القطاعات التجارية، وتخفيض فترة دوران رأس المال ونسبة التعثر المالي البالغة حاليا 8 في المئة”.
وحتى يتمكّن من النهوض بشكل أكبر دعا القطاعات التجارية إلى اعتماد طرق الدفع الإلكتروني وكذلك إلى التحول الرقمي، وعدم التوسع في التعامل بالشيكات المؤجلة، وتسديد الالتزامات الأولية أولا بأول، لافتا إلى أن الاقتصاد يعتمد بنحو رئيس على الطلب، وليس على القرارات النقدية المتعلقة بالتمويل.
وطيلة فترة الإغلاق الاقتصادي سعى المركزي في العمل بمهنية لتخفيف آثار جائحة كورونا وتحقيق الاستقرار النقدي وحماية القطاعات الاقتصادية من خلال تأجيل دفع الالتزامات المستحقة خلال الجائحة والتي تقدر بنحو 2.83 مليار دولار.
كما ساعدت قرارات المركزي في تحرير مبالغ من الاحتياطيات النقدية تقدر بحوالي 1.4 مليار دولار، بناء على فرضية أن البنوك تولّد النقد، ما ضاعف هذه المبالغ في الاقتصاد.
وقال نائب رئيس غرفة تجارة عمان نبيل الخطيب إن “القرار إيجابي يصب في مصلحة القطاع التجاري”، داعيا إلى زيادة السقف التمويلي إلى 1.4 مليون دولار، بسبب زيادة أسعار مختلف أصناف السلع في بلاد المنشأ، والإبقاء على الائتمانية المطلوبة من التجار كما هي وعدم رفعها، بحيث تسري على القروض الجديدة الممنوحة للتجار.
وأشار إلى أن فرضية إلغاء ضريبة المبيعات على أجور الشحن وعدم احتسابها في الرسوم الجمركية، ستكون له إضافة نوعية على التسهيلات الممنوحة للقطاع التجاري.

نظمي عتمة: تمديد رفع السقوف التمويلية حتى نهاية 2022 يحقق فائدة أعلى
وأوضح أن الظروف تحتم تجميد الضرائب على بعض المواد الأساسية لنحو 6 أشهر حتى يستطيع التجار تفادي الارتفاعات التي طرأت على أجور الشحن وأسعار السلع.
وطيلة الأشهر الماضية مارست الأوساط الاقتصادية ضغوطا على الحكومة للتعجيل في إنقاذ القطاعات الإنتاجية قبل وقوعها في حالة الركود مع ظهور مؤشرات خطيرة على تراجع إيراداتها، ما يعسّر مهمة اجتيازها صدمة كورونا.
ولفت رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة إربد، محمد الشوحة، إلى “الأثر الطيب” لقرار البنك المركزي، على زيادة إمكانية الاستيراد، خاصة إذا ما قدمت التسهيلات لمستحقيها من التجار.
وأوضح أن الأحجام الكبيرة من البضائع تأثرت بصورة مباشرة من ارتفاع أجور الشحن، مشيرا إلى أن تثبيت الحكومة للسقوف السعرية لأجور الشحن البحري خطوة جيدة، ساعدت التجار على تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية، إضافة إلى ضمان توفر متطلبات السوق المحلية.
ولا تكتفي هذا الخطوة على ما يبدو إذ أن الجهات المعنية والقطاع الخاص مطالبان بإيجاد تخطيط استراتيجي، وتفعيل الشراكات مع القطاع العام وتقديم المزيد من التسهيلات.
واعتبر رئيس ملتقى الأعمال الفلسطيني – الأردني نظمي عتمة قرار المركزي إيجابيا في تحفيزه الأعمال ودعمها. وقال إن “قرار البنك من خلال تخفيف شروط الحصول على القروض وتيسيرها سيمكّن الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاستفادة منها على النحو الأمثل”.
وأشار عتمة إلى أن الضمانات والكفالات التي تطلبها البنوك، تكون في بعض الأحيان مرهقة وصعبة وتقف حائلا دون حصول التجار على التمويل لذلك “نرى من الأجدى تمديد رفع السقوف التمويلية حتى نهاية العام المقبل بما يحقق فائدة أعلى”.
ويبقى نجاح الخطة معلقا بمدى إلزام البنوك بعدم تجاوز نسب الفوائد التي يحددها البنك المركزي، وتخفيض النسب قدر المستطاع بما يخفف عن القطاع التجاري، ويعود بالنفع على بقية القطاعات.
وقال نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع ضيف الله أبوعاقولة إن قرار المركزي “سينعكس بنحو جيد على التجار ما يعيد الأمور الاقتصادية لبداية التعافي من حيث توفر السيولة التي ستساعدهم على استمرار تدفق البضائع للسوق المحلية عبر الاستيراد، وسداد التزاماتهم المالية”.
وأوضح أن “مقترح عدم إضافة الارتفاع في أجور الشحن العالمي على تقدير ضريبة المبيعات على البضائع المستوردة، لن يؤثر بنحو كبير على التخفيف من ارتفاع أسعار البضائع، لوجود عدد كبير من أصناف البضائع المعفاة”. ودعا أبوعاقولة إلى توحيد الرسوم أو تخفيض الرسوم الجمركية على مختلف السلع بالقدر المستطاع.
واردات البلاد ارتفعت خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 21.3 في المئة، ووصلت إلى 13.4 مليار دولار مقارنة مع 11 مليار دولار على أساس سنوي
ويعتقد الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن قرار البنك المركزي سيسهم في زيادة المستوردات وتوفير سيولة لدى التجار، ما ينعكس إيجابيا على الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي.
وأضاف أن الارتفاع في أسعار السلع طرأ على مدخلات الإنتاج والسلع جاهزة الاستخدام، بسبب الضغط الكبير على سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الطاقة، ما انعكس على ارتفاع التضخم.
ودعا الحكومة إلى التحرك بنحو سريع لدعم صناعة المواد الأولية بما يخفف من آثار ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج التي يستورد الأردن منها نحو 85 في المئة.