رفض الدبيبة تعيين وزير للدفاع يفاقم خلافه مع المنفي

يُنذر رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا عبدالحميد الدبيبة تعيين وزير للدفاع بمفاقمة خلافاته مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي الذي دعاه في وقت سابق إلى اجتماع الأحد من أجل حسم المسألة.
تونس – أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا عبدالحميد الدبيبة رفضه طلب المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي بالإسراع في تسمية وزير للدفاع دون تأخير ما يفاقم الخلاف بين الطرفين.
وقال الدبيبة في خطاب توجه به إلى المجلس الرئاسي إنه “بالإشارة إلى خطابكم المعنون ‘دعوة اجتماع’ الوارد إلينا بشأن حضور الاجتماع المزمع عقده يوم الأحد المقبل لأجل التشاور بشأن تسمية وزير الدفاع، وبالعودة إلى نتائج مخرجات الحوار السياسي الليبي بخصوص تسمية الوزراء والجهة الموكلة بذلك، نرفق إليكم الباب الخاص بالسلطة التنفيذية الموحدة الوارد بخارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي والذي يوضح اختصاصات رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تسمية الوزراء والوكلاء ودور المجلس الرئاسي في ذلك”.
وجاء خطاب الدبيبة إثر دعوته من قبل المجلس الرئاسي لحضور اجتماع الأحد للتشاور بشأن تعيين وزير للدفاع وحسم المسألة نهائيا.
وحقيبة الدفاع في حكومة الوحدة هي من حصة إقليم فزان، لكن الدبيبة أكد في جلسة نيل الثقة من البرلمان في مدينة سرت أن عدم تعيين من يشرف عليها يعود إلى عدم وجود توافقات داخلية على شخصية بعينها، وكذلك إلى ضغوط وتجاذبات دولية.
ومنذ نيل حكومته ثقة البرلمان في 16 مارس الماضي، لم يسع الدبيبة لإجراء مشاورات مع الفرقاء لاختيار شخصية توافقية تتولى منصب وزير الدفاع إلى أن وجهت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 الأسبوع الماضي رسالتين إلى كل من المجلس الرئاسي ومجلس النواب طالبت فيهما بضرورة تعيين وزير للدفاع ووكلاء له، وقالت إن قرارا كهذا من شأنه توفير دعم حقيقي لأعمالها لتتمكن من بسط الأمن وسيادة الدولة وإنهاء الحرب وتوحيد المؤسسة العسكرية.
كما طالبت اللجنة بإيقاف صرف ميزانية وزارة الدفاع إلى أي جهة كانت إلى حين تعيين الوزير ووكيله أو وكلاء للوزارة، مشددة على أن هذه المطالبات تأتي وفقا للمهام الموكلة إليها، وما تعانيه البلاد من وضع أمني هش، وما لاحظته من صرف للمال العام في غير الأوجه الصحيحة.

طارق الجروشي: عدم إدراج ميزانية للقوات المسلحة أمر مرفوض
وفي أول خطوة في هذا الاتجاه طلب المجلس الرئاسي من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، حضور اجتماع يوم الأحد المقبل لأجل التشاور في مسألة تسمية وزير للدفاع.
وبحسب خطاب الرئاسي الموجه للدبيبة، فإنه في حال عدم الحضور سيتخذ المجلس قرارا بتسمية وزير للدفاع، وإحالته إلى مجلس النواب للتصويت عليه.
كما استعرض مجلس النواب في جلسة الثلاثاء خطاب لجنة 5+5 العسكرية والتي تُطالب من خلال المجلس بتعيين وزير للدفاع ، وعدم صرف ميزانية وزارة الدفاع إلا بعد تعيين وزير لها.
وكان مجلس النواب علق جلسته التي كان من المنتظر أن تشهد حضور رئيس الحكومة وفريقه الوزاري للإثنين القادم، حيث سيتم خلالها مناقشة البنود مثار الخلاف في ميزانية الدولة للعام 2021 ، وخاصة تلك المتعلقة بالتسيير والتنمية والطوارئ.
ويرى مراقبون أن بندا جديدا دخل على خط المواجهة بين البرلمان ورئاسة الحكومة، وهو المتعلق بمنصب وزير الدفاع في ظل رفض أطراف عدة من بينها اللجنة العسكرية المشتركة التي تحظى بدعم داخلي وخارجي، استئثار الدبيبة بها، وهو الذي بات محسوبا على أحد طرفي النزاع ، وهو ما كشفه توجهه بتجاهل تضمين الميزانية الجديدة أي بند لتمويل قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وفي هذا الإطار أعرب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طارق الجروشي عن استغرابه من عدم إدراج ميزانية محددة وواضحة للقوات المسلحة في ميزانية 2021، وقال “إن مقترح الميزانية العامة للدولة المقدم من قبل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة لم يشهد إدراج هذا الشيء للقيادة العامة للقوات المسلحة”، متسائلا “هل هذا نوع من العقاب؟”.
وأوضح الجروشي أن “عدم إدراج ميزانية محددة للقوات المسلحة بشكل واضح رغم تذكير الدبيبة بذلك أمر مرفوض”، داعيا إلى “ضرورة رصد ميزانية تتيح التطوير والتدريب والقوة والعتاد لمواجهة الأعداء والمساهمة في استتباب الأمن”.
وتعتبر اللجنة 5+5 التي دعت إلى ضرورة تعيين وزير للدفاع الجهة الأكثر نجاحا في تحقيق أهدافها منذ إبرامها الاتفاق العسكري في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، وتحولها إلى نموذج جيد للتوافق بين الليبيين.
غير أن جهودها لمعالجة العديد من الملفات باتت تصطدم بغياب الإرادة الفعلية لدى السلطات التنفيذية منذ توحيدها في مارس الماضي، خاصة في ما يتعلق برحيل القوات الأجنبية والمرتزقة وتفكيك الميليشيات وفتح الطريق الساحلية والعمل على توحيد المؤسسة العسكرية.
ويُرجع مراقبون محاولة إفشال اللجنة العسكرية المشتركة إلى التجاذبات الحاصلة في غرب البلاد سواء في المجلس الرئاسي أو الحكومة، وتحول العنصر التركي إلى جهة تأثير عملي على مجريات الأحداث، ما جعل قيادة الجيش في شرق البلاد تتهمه بإخضاع المنطقة الغربية إلى احتلال مباشر، مشيرة إلى أن أجواء الحرب لا تزال تلقي بظلالها على البلاد نتيجة غياب الإرادة الحقيقية لطي صفحة الماضي لاسيما من قبل قوى الإسلام السياسي وأمراء الحرب واللوبي التركي المتغلغل في مفاصل الدولة.
اللجنة 5+5 التي دعت إلى ضرورة تعيين وزير للدفاع تعتبر الجهة الأكثر نجاحا في تحقيق أهدافها منذ إبرامها الاتفاق العسكري في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، وتحولها إلى نموذج جيد للتوافق بين الليبيين
وكان مؤتمر برلين 2 المنعقد في الثالث والعشرين من يونيو قد أشاد باللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لتوصلها إلى اتفاق وقف إطلاق النار والحفاظ عليه.
وأكد “أهمية معالجة جميع التحديات المعلقة من أجل تنفيذه بالكامل، بما في ذلك استكمال إجراءات بناء الثقة، والإفراج عن المحتجزين، وإزالة الألغام، وفتح الطريق الساحلية وإنشاء مؤسسات أمنية وطنية موحدة تحت سلطة ورقابة المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، بناء على محادثات القاهرة والجهود الجارية”، غير أنه لم يفصح عن الآلية العملية التي يمكن أن تتحرك وفقها اللجنة في ظل الخلافات القائمة بين الأطراف السياسية.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن اللجنة العسكرية اضطرت إلى التوجه إلى المجلس الرئاسي ومجلس النواب لطلب تدخلهما للدفع نحو تعيين وزير للدفاع ووكلاء له، بعد أن لاحظت وجود محاولات لتهميش دورها من قبل حكومة الوحدة الوطنية، لاسيما من رئيسها الدبيبة الذي يتولى منصب وزير الدفاع دون أن ينجح في الفصل بين ولاءاته الجهوية والمناطقية والفئوية وبين وظيفته السياسية والميدانية تحت غطاء حكومة يفترض أن تكون منطلقا لوحدة وطنية تتجاوز زمن التجاذبات والانقسامات.
ويعكس ذلك إشرافه على مناسبات احتفالية لقوات وأجهزة مرتبطة بالميليشيات أو بالتدخل الأجنبي مع مقاطعته التامة لقوات الجيش المسيطرة على شرق وجنوب البلاد وجزء مهم من وسطها بما في ذلك أغلب منابع الثروة التي ستمول من إيراداتها ميزانية الحكومة.