رفضت مساعي القاهرة إلى الحل: الكويت توقف استقدام العمالة من مصر

القاهرة- عاد الجدل حول مستقبل العمالة المصرية بالكويت بعد أن نشرت وسائل إعلام كويتية أنباء عن وقف اتفاقية ربط القوى العاملة مع القاهرة واتخاذ إجراءات بوقف تصاريح للعمال المصريين حتى إشعار آخر، ما يعني أن محاولات الحكومة المصرية في الفترة الماضية لضمان استمرار تدفق العمال باءت بالفشل.
وذكرت تقارير كويتية أن وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد وجّه بوقف اتفاقية ربط القوى العاملة مع مصر، وأن هيئة القوى العاملة أوقفت أذونات العمل للعمالة القادمة من مصر حتى إشعار آخر، وأرجعت ذلك لضرورة وضع آلية جديدة بين البلدين لضبط استقدام العمالة.
وأشارت التقارير إلى أن السفارة المصرية بالكويت خالفت القوانين المنظمة لسوق العمل، وهناك اشتراطات جديدة سيتم تحديدها لتوثيق تصاريح عمل المصريين بعد التغييرات التي لحقت بالجنيه وأدت إلى تراجع قيمته أمام العملات الأجنبية، وتلك إجراءات هدفها منع دخول عمالة هامشية وضبط سوق العمل في البلاد.
وبدا واضحَا أن جملة من العوامل الاقتصادية ذات الارتباط المباشر بالحالة المصرية دفعت باتجاه اتخاذ قرارات كويتية من شأنها وقف استقدام العمالة في ظل حديث تواتر حول تجاوزات ظهرت مؤخراً بشأن تسعير الجنيه مقابل الدينار الكويتي، وأن الحكومة الكويتية وجدت المبررات التي تجعلها تمضي في طريقها نحو تحجيم استقدام العمالة وتضييق الخناق على العمالة الموجودة لديها، خاصة في المؤسسات الحكومية.
وقفز سعر الدينار الكويتي إلى 80 جنيهًا مصريًا في المصارف والبنوك الرسمية، وتحدث خبراء عن سعر مواز في السوق السوداء أكبر من هذا الرقم، بعد أن كان يصل متوسط سعره في الأشهر الماضية إلى 55 جنيهًا للدينار الواحد، ما جعل عوامل جذب جديدة للعمال المصريين لاقتناص فرص العمل المتاحة هناك.
وقامت القاهرة بالعديد من الإجراءات لإيجاد حلول وسطى تضمن استمرار تدفق العملات الصعبة من الخارج وتنظيم خروج أصحاب المهن المختلفة بما لا يؤدي إلى احتداد أزمة العمالة المصرية، لكنها لم تفلح في التفاهم مع الجانب الكويتي.
وعقد اجتماع للجنة العمالية المصرية – الكويتية المشتركة بدولة الكويت منذ نحو أسبوعين بحضور السفير المصري علاء موسى مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية، ومساعد وزير الخارجية الكويتي للشؤون القنصلية مشعل المضف، ناقش ضوابط استقدام العمالة المصرية في ظل قوانين العمل المنظمة في البلدين.
وكان وزير القوى العاملة المصري حسن شحاتة عقد اجتماعاً مع السفير الكويتي بالقاهرة غائم صقر الغائم بحث إقرار آليات تنظيمية جديدة لعمليات تنقل العمالة.
وتطرق شحاتة إلى أن وزارته بصدد إعداد منظومة إلكترونية بالتنسيق مع سفارة الكويت في القاهرة لإنهاء إصدار التأشيرات للعمالة المصرية.
◘ البيئة الطاردة للعمل في مصر وصعوبة الأوضاع الاقتصادية تدفعان باتجاه المزيد من تدفق العمالة المصرية نحو الأراضي الكويتية وغيرها
وأكد مصدر حكومي مصري لـ”العرب” أن وزارة الخارجية لم تتلق إفادات بوقف إصدار تصاريح العمل للوافدين المصريين الجدد حتى الآن، لكن المعلومات المتوافرة أشارت إلى عدم استبعاد صدور القرار، مع اعتراض الحكومة الكويتية على وصول أعداد هائلة من المصريين دون الحصول على عقود عمل وبطرق غير مشروعة.
وأضاف المصدر ذاته أن دوائر حكومية وأمنية في القاهرة تنوي التدخل لحل الأزمة، وأن العديد من الوقائع السابقة التي كانت فيها الحكومة الكويتية تتجه لوقف تصاريح عمل المصريين جرى التعامل معها بشكل ودي في إطار العلاقات الوطيدة بين البلدين.
وشدد المصدر المصري على أن المهمة هذه المرة “صعبة في ظل عوامل ضغط متعددة تدفع نحو الاتجاه إلى تضييق الخناق على العمالة الوافدة بشكل عام”.
ويثار الجدل حول ما يقرب من 700 ألف وافد مصري إلى الكويت، وخضع هؤلاء لتأثيرات سياسية واقتصادية جراء اتخاذ مواقف معارضة من جانب أعضاء بمجلس الأمة الكويتي لاستمرار الوافدين، وتسريع إجراءات تكويت الوظائف الحكومية، وهو ما فرض حالة من عدم اليقين لاستمرار المصريين في أعمالهم بالكويت، مع تشديد الإجراءات الأمنية لترحيل الوافدين المخالفين لقوانين الإقامة بالدولة.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر جبالي المراغي إن التواصل بين وزير القوى العاملة المصري ووزير شؤون العمل الكويتي لم ينقطع الفترة الماضية، ولا توجد تأكيدات بصحة ما ذهبت إليه بعض وسائل الإعلام الكويتية.
وتوقع في تصريح لـ”العرب” الاستغناء عن العمالة الوافدة في الوظائف الحكومية بشكل تدريجي من دون أن يطال ذلك العمالة الخاصة، وأن وقف تصاريح العمل حال اتخاذه فهو يستهدف تنظيم دخول العمالة الوافدة لفترة مؤقتة ثم عودته مجدداً.
وأوضح أن الكثير من الإجراءات التي تتحدث عنها الصحافة الكويتية أو تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قد لا تكون دقيقة، وهناك احترام مصري لرغبة الحكومة الكويتية في تكويت الوظائف، وتجري التفاهمات حول نقل العمال المصريين من وظائف حكومية إلى أخرى خاصة بدلا من ترحيلهم.
ونوّهت صحف كويتية إلى أن قرار وقف التصاريح للعمالة المصرية سار منذ سبتمبر الماضي، والعمل به مستمر حتى الآن، وأرجعت القرار للشروط التي تفرضها السفارة المصرية على طلبات اعتماد عقود العمل الخاصة باستقدام العمالة إلى الكويت بالمخالفة لأحكام القوانين المحلية والقرارات التنفيذية.
ولم تتحدث الحكومة المصرية عن وجود خلافات تنظيمية مع الكويت، وتشير دائما إلى أن ما يثار يأتي في إطار تكويت الوظائف، غير أن الواقع يؤكد وجود جملة من المشكلات المتعلقة بآليات إلحاق العمالة والمجالات التي يعملون بها.
ولدى الكويت قناعة بوجود ثغرات يتسلل منها العمال المصريون غير المدربين بلا تأشيرات عمل، ولا يقومون باستخراج تصاريح عمل في الدولة، ما يؤدي إلى إرباك سوق العمل في الكويت وسط أوضاع اقتصادية عالمية يتضرر منها الجميع.
وتدفع البيئة الطاردة للعمل في مصر وصعوبة الأوضاع الاقتصادية باتجاه المزيد من تدفق العمالة المصرية نحو الأراضي الكويتية وغيرها، وهو ما يشكل عبئاَ مضاعفًا على اقتصاد دولة مثل الكويت انكمش بمعدل 9.9 في المئة العام الماضي.
وينذر ذلك بإجراءات تقلّص استقدام العمالة الوافدة وتضيّق الخناق على الوسائل غير المشروعة للعمل والإقامة، ما تترتب عنه انعكاسات على العمالة بالكويت، والتي عليها اتخاذ قرارات صعبة تتراوح بين البقاء إلى حين تقرير مصيرهم أو العودة إلى بلادهم.