رغم حاجة العمانيين للوظائف.. لا توظيف عشوائيا في القطاع العام

السلطات العمانية لجأت إلى توفير وظائف في القطاع العام ضمن سلسلة أطول من الإجراءات السريعة الهادفة إلى مواجهة مشكلة البطالة.
السبت 2021/06/19
جيل عماني جديد بطموحات مختلفة

مسقط - تعمل سلطنة عمان مع فتحها باب التوظيف في القطاع العام لاستعياب أعداد من الخرّيجين المطالبين بالوظائف، على تجنّب إغراق القطاع بالمزيد من اليد العاملة الفائضة عن الحاجة بما من شأنه أن يحوّل التوظيف فيه إلى ضرب من الكفالة الاجتماعية المقنّعة ويضيف عبئا على الاقتصاد العماني المرهق جرّاء تذبذب أسعار النفط وتبعات جائحة كورونا.

ولفت وزير العمل العماني محاد بن سعيد باعوين إلى أنّ الوزارة حريصة على أن يكون التوظيف في القطاع الحكومي مبنيا على احتياجات فعلية تسهم في إضافة حقيقية للقطاع والنهوض به.

ولجأت السلطات العمانية إلى توفير وظائف في القطاع العام ضمن سلسلة أطول من الإجراءات السريعة الهادفة إلى مواجهة مشكلة البطالة التي تفاقمت بشكل متسارع مع تزايد عدد المواطنين المقبلين على سوق العمل من خريجي جامعات وغيرهم، ووصلت منعطفا حرجا عندما خرج المطالبون بالتشغيل للتظاهر في عدد من مناطق السلطنة.

وقال الوزير باعوين في حديثه لأحد برامج التلفزيون العماني إنّه مع “وجود التحديات والانكماش الاقتصادي جاء البرنامج الوطني للتشغيل لحل قضية تراكم أعداد الباحثين عن وظائف”.

وإثر الاحتجاجات النادرة التي شهدتها سلطنة عمان في مايو الماضي، أمر السلطان هيثم بن طارق وزارة الدفاع والمؤسسات الحكومية الأخرى بتوفير 32 ألف فرصة عمل للعمانيين خلال السنة الجارية 2021، مع تقديم إعانة حكومية للذين ينضمّون لقوة العمل للمرة الأولى.

ومن الوظائف التي سيتم توفيرها بشكل عاجل 12 ألف وظيفة في القطاع الحكومي المدني والعسكري وفق الاحتياجات الفعلية للجهات المختلفة، بالإضافة إلى توفير ألفي فرصة عمل بالقطاع الحكومي بنظام العقود المؤقتة وتوفير مليون ساعة للعمل الجزئي وفق ضوابط محدّدة.

وأعلن وزير العمل العماني خلال حديثه التلفزيوني عن الانتهاء من إجراءات توفير 5200 وظيفة حكومية مدنية وعسكرية منذ بداية العام وحتى شهر مايو الماضي.

وأكّد أنّ “ملف الباحثين عن العمل من بين أهم الموضوعات التي تعمل عليها الحكومة ويعد أولوية، وهناك تواصل مستمر مع الجهات الحكومية لمعرفة احتياجاتها من الكوادر الوطنية”، مشيرا إلى أنّ “فرص الإحلال (استبدال العمالة الوافدة بأخرى محلّية) من ضمن الوظائف المعلن عنها في القطاعين العام والخاص”.

محاد بن سعيد باعوين: التوظيف في القطاع الحكومي مبني على احتياجات فعلية
محاد بن سعيد باعوين: التوظيف في القطاع الحكومي مبني على احتياجات فعلية

وشرعت السلطنة مؤخرا في تسريع عملية توطين الوظائف عبر سلسلة من الإجراءات والقرارات المشجّعة على توظيف العمانيين بدل الوافدين الذين بلغت نسبتهم وفق إحصائيات سنة 2020 أكثر من 41 في المئة من إجمالي سكان السلطنة البالغ أكثر من 4 ملايين و645 ألف نسمة.

وأعلنت وزارة القوى العاملة العمانية مطلع يونيو الجاري البدء بتطبيق القرار المذكور الذي كانت الوزارة نفسها قد أصدرته في نوفمبر الماضي، ونصّ على الترفيع في رسوم التراخيص باستقدام العمال من الخارج وتجديدها وكذلك رسوم تسجيل البيانات حسب المهن والاختصاصات.

وكانت السلطات العمانية قد أعلنت في يناير الماضي استثناء المقيمين الأجانب من عدة قطاعات ومهن لتصبح حكرا على المواطنين في الدولة الساعية لتنفيذ حزمة كبيرة من الإصلاحات يطال الكثير منها الاقتصاد سعيا لتنشيطه والرفع من إنتاجيته، بما في ذلك خلق المزيد من الوظائف للمواطنين
العمانيين المقبلين على سوق العمل بشكل متزايد.

وأوضح باعوين أن ‏البرنامج الوطني للتشغيل سيركز على إيجاد خطط تتصل بالقطاعات المختلفة وتدرس سلاسة الأعمال من حيث التعرف على فرص الوظائف وأنواع التأهيل والتدريب المطلوبة. وفي ما يخص عمليات توطين الوظائف قال الوزير “ننظر إلى القطاعات التي من الممكن أن تتم فيها عمليات التوطين المناسبة وفق برامج يتم التخطيط لها ودراستها ومشاركتها مع أطراف الإنتاج للوصول إلى أفضل الممارسات”.

كما أشار إلى وصول عدد المستفيدين من برنامج التدريب المقرون بالتشغيل والتدريب على العمل في القطاع الخاص إلى 4400 شخص، لافتا إلى وجود فكرة العمل بعقود مؤقتة كثقافة منتشرة الآن في العالم بشكل كبير مع انتشار أنواع جديدة من الاقتصادات منها العمل عن بعد وهي فرصة للباحث عن عمل من خلال ممارسته العمل الجزئي بساعات معينة واكتسابه الخبرة إلى حين حصوله على وظيفة تضمن له نوعا من الاستقرار.

كما أعلن عن وجود حوالي 15 ألف فرصة عمل مع القطاع الخاص بعقود بالساعات، مذكّرا بأن الحكومة ستساهم في جزء من الراتب أي بحوالي 200 ريال عماني (حوالي 520 دولارا) واصفا ذلك بأنّه “ثقافة إضافية لمساعدة القطاع الخاص في ظل الأوضاع الراهنة”.

وتضررت عُمان بشدة من انخفاض أسعار النفط الخام منذ 2014 وتعمّقت متاعبها المالية والاقتصادية جرّاء جائحة كورونا. وشهدت الدولة الساعية لتعزيز قطاع السياحة لتنويع اقتصادها انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.4 في المئة في 2020، في حين ارتفع الدين الحكومي إلى 81 في المئة من الناتج المحلي مقارنة بـ60 في المئة في 2019، وفقا لصندوق النقد الدولي. ويُقدّر معدل البطالة في عمان بين 5 و10 في المئة.

وحقّقت السلطنة على مدى العشريات الماضية العديد من الإنجازات التي ساعدت على استقرارها دون أن تخلو التجربة من نقائص يقول البعض إنّ أبرزها تكلّس الإدارة وثقلها بسبب شدّة ارتباط صناعة القرار وتنفيذه بشخص سلطان البلاد السابق.

3