رغبة مجموعة بريكس في انضمام الرباط يقابلها تأنٍّ مغربي

المغرب لا يريد التسرع في أخذ القرار مع وجود دولة جنوب أفريقيا التي تعارض مصالح المملكة القومية.
السبت 2025/05/10
مجموعة بريكس تراهن على مزايا المغرب إقليميا

الرباط - عبر اند كومار سريفاستافا، الرئيس المعني بالعمليات في “بنك التنمية الجديد”، التابع لمجموعة “بريكس”، عن رغبة المؤسسة في انضمام المغرب إليها، وذلك بعد نحو سنتين من إعلان الرباط عدم اهتمامها بالفكرة.

ويقول مراقبون، إن ذلك يأتي في إطار الارتباط بالديناميكية الاقتصادية والدبلوماسية التي خلقها المغرب في القارة الأفريقية وتنويع شركائه وانفتاحه على مختلف فضاءات القارة ومجموعاتها الاقتصادية، وعلاقاته المتطورة مع روسيا والصين العضوين الرئيسيين في مجموعة بريكس.

وعلى هامش مشاركته في ندوة الصفقات العمومية المراعية للمناخ، التي احتضنتها الرباط، أكد سرياستافا أن المغرب حاليا ليس عضوا في بنك التنمية الجديد، مبديا أمله في أن يتغير الأمر مستقبلا، موضحا أن عملية الانضمام تبدأ عندما تتواصل الدولة المعنية مع البنك لطلب العضوية، ثم تمر بإجراءات معينة، بعدها على برلمان البلد المعني الإقرار بالانضمام، ويتم دفع حصة الدولة في رأسمال البنك لتتحول إلى عضو رسمي.

عبد النبي صبري: المغرب يتميز بموقع إستراتيجي وبنية تحتية مهمة جدا
عبد النبي صبري: المغرب يتميز بموقع إستراتيجي وبنية تحتية مهمة جدا

وأكد عبدالنبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية، أن المغرب لن يتخذ قرارا سريعا في الانضمام إلى مجموعة البريكس، فهو الآن في مرحلة تقييم الأهداف وفرص النجاح والتحديات في إطار يحافظ فيه عن التوازنات، إضافة إلى أنه حاليا في مرحلة الطي النهائي لنزاع الصحراء المغربية المفتعل وعند نضوج كل الشروط، فالمغرب مستعد للدخول في هذا التكتل ضمن قرار سيادي في تنويع الشراكات، ولن يبقى محصورا في علاقاته التقليدية مع حفاظه على علاقاته المتميزة مع واشنطن ودول الغرب، وبالتالي فالتأني في الانضمام مطلوب لأن المشاريع القائمة والمعلن عنها تشارك فيها فعلا دول من البريكس وغيرها، وهو معني بتدعيم تجارته وتنويع استثماراته ليستمر كرقم مهم أفريقيا ودوليا.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أنه “من الضوابط الأساسية التي تؤطر سياسة المغرب الخارجية، الاعتدال والواقعية وضبط التوازنات وتدعيم العلاقات التعاونية وتقاسم المنافع وتجنب الصراعات، إلى جانب أن المغرب أبرم شراكات اقتصادية متوازنة مع كافة الدول على المستوى الثنائي ويرتبط بشراكات مع دول فاعلة داخل المجموعة مثل روسيا في اتفاقيات طاقية وزراعية وغيرها ومع الصين هناك استثمارات هائلة، كما أن بكين العضو المهم داخل بريكس تريد التعامل مع المغرب على هذا المستوى لموقعه الجيوستراتجي وحضوره الوازن في أفريقيا وعلاقاته المميزة مع دول منظمة التعاون الإسلامي كمؤسس وفاعل.”

ولفت عبدالنبي صبري، إلى أن “إصرار مجموعة البريكس على انضمام الرباط منها روسيا والصين والبرازيل، ينطلق من تميز المغرب بموقع إستراتيجي مهم جدا كبوابة أفريقيا والعرب نحو أوروبا وما يتمتع به من بنية تحتية مهمة مثل ميناء طنجة المتوسط شمالا وفاعليته في التنقل لرؤوس الأموال والبضائع وميناء الداخلة الذي في طور الإنجاز والمشاريع المرتبطة بأنبوب غاز المغرب – نيجيريا، إلى جانب المبادرة الأطلسية التي ستحول وجه أفريقيا، مع تركيز تلك الدول على الاستقرار السياسي الذي ينعم به المغرب في وسط محيط مضطرب يعج بالنزاعات.”

وسبق لوزارة الخارجية المغربية أن أكدت أن “المغرب يقيم، بالتأكيد، علاقات ثنائية هامة وواعدة مع الأعضاء الأربعة الآخرين للمجموعة، بل تربطه بثلاثة منها اتفاقيات شراكة إستراتيجية، وفي المقابل، فإن المملكة لم تقدم قط طلبا رسميا للانضمام إلى مجموعة بريكس.”

ولا يريد المغرب التسرع في هذا القرار مع وجود دولة جنوب أفريقيا التي تعارض مصالح المملكة القومية على رأسها وحدتها الترابية وسيادتها على أقاليمها الجنوبية، وسبق أن أطلقت شائعات بشأن طلب انضمام المغرب إلى منظمة بريكس قبل أن يتم نفيها رسميا من طرف السلطات المغربية.

يوري أوشاكوف مساعد الرئيس فلاديمير بوتين أعلن أن المملكة المغربية ضمن لائحة طويلة من الدول التي ترغب في الحوار مع مجموعة بريكس

وفي أغسطس من سنة 2023 أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بأن التفاعل إيجابا مع دعوة تلقتها المملكة للمشاركة في اجتماع بريكس – أفريقيا، في جنوب أفريقيا أو المشاركة في هذا الاجتماع على أي مستوى كان، لم يكن واردا أبدا بالنسبة للمملكة المغربية، لأن الأمر لا يتعلق بمبادرة من “بريكس” أو الاتحاد الأفريقي، وإنما بمبادرة صادرة عن جنوب أفريقيا، بصفتها الوطنية.

وتعتبر مشاركة “بنك التنمية الجديد” في فعالية رسمية في المغرب هي الأولى من نوعها، رغم أن المملكة ليست عضواً في المنظمة، حيث حضر المؤتمر ممثلون عن عدد من بنوك التنمية الدولية، على رأسها “البنك الدولي” و”البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية” و”الوكالة الفرنسية للتنمية”، وهي من أكبر المؤسسات المقرضة للمملكة.

وأنشأ البنك عام 2015 من قبل الدول الأعضاء في مجموعة “بريكس”، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، كما انضمت كل من مصر والإمارات وبنغلاديش العام الماضي، حيث تبلغ تمويلات البنك 39 مليار دولار في 122 مشروعاً بالدول الأعضاء، بحسب ما ذكره رئيس العمليات في “بنك التنمية الجديد” التابع لتكتل “بريكس”، على هامش مشاركته في مؤتمر نُظم الاثنين 5 مايو الجاري، في العاصمة المغربية الرباط حول المشتريات الحكومية التي تراعي المعايير البيئية.

وفي السياق ذاته، قالت وسائل إعلام روسية في ديسمبر الماضي، إن يوري أوشاكوف مساعد الرئيس فلاديمير بوتين، أعلن أن المملكة المغربية “ضمن لائحة طويلة من الدول التي ترغب في الحوار مع مجموعة بريكس،” وفي وقت سابق تحدث السفير البرازيلي بالمغرب ألكسندر غيدو لوبيز بارولا، بأن المغرب والبرازيل، يناقشان مسألة التعاون في مجال الصناعة الدفاعية، مضيفًا أن صوت المغرب مهم ومرحب به في تكتل “بريكس الاقتصادي.”

4